عربي ودولي

"أحلام" أسقَطَت أردوغان في اسطنبول فكيف سيضمن أمن "المونديال" والبحر الأسود؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

صُدِم العالم ليس فقط بالانفجار الذي هزّ "شارع الاستقلال" في اسطنبول قبل أيام، بل بالرواية التركية حول الانفجار، والتي هي أن امرأة تُدعى أحلام البشير دخلت الأراضي التركية بطريقة غير شرعيّة عبر منطقة عفرين السورية، ونفّذت التفجير في قلب الجزء الأوروبي من تركيا. فصحيح أن تلك المرأة تنتمي الى شبكة، وهي لم تَكُن وحيدة في تنفيذ تلك العملية، إلا أن الرواية الرسمية تحوي بعض "الخرافة"، بحسب بعض المراقبين.

فما قيل قد يدفع الى طرح السؤال التالي، وهو أنه كيف يُمكن الاتّكال على دولة مثل تركيا، عاجزة بأجهزتها الاستخباراتية القوية عن حماية شعبها وسيّاحها، في قلب اسطنبول، لحماية آلاف الآلاف من المشجّعين، في كل ليلة من ليالي "مونديال 2022"، الذي يُقام في منطقة شديدة الاضطّراب، والتعقيدات السياسية، والأمنية؟

صحيح أن لا مجال أمام أكبر الدول وأقواها، لضبط العمليات الإرهابية بالكامل. وصحيح أنه يُمكن للإرهاب أن يضرب في أي دولة تشارك في عمليات عسكرية أو أمنية خارج حدودها، وتتمتّع بمعايير مرتفعة جداً لقواها العسكرية، والأمنية، والاستخباراتية. وما يحصل في الدّاخل الأميركي أحياناً كثيرة، هو خير مثال على ذلك. ولكن هناك بعض "الخرافة" في ما قدّمته أجهزة الأمن التركية، حول تفجير اسطنبول الأخير، بحسب بعض المراقبين، بدءاً بعرض مشاهد المُشتبَه بها، وصولاً الى عدد لا بأس به من التفاصيل عن العمليّة. ولكنّ "الخرافة" تلك أتت غير موفَّقَة، بحسب أكثر من مُطَّلِع على الشؤون التركية.

فتركيا صاحبة سجلّ غير مجيد في عوالم الحريات، والديموقراطية، وحقوق الإنسان، رغم اعتمادها العَلْمَنَة في مرحلة ما بعد سقوط السلطنة العثمانية. وهو ما تضاعف خلال زمن حُكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي استجلب الكثير من الرسائل الخارجية "بالنار"، الى بلاده، والتي دفعها الشعب التركي من جلده ودمه الخاصّ في مرات عدّة خلال السنوات الماضية. كما أنه الرئيس الذي تورّط بـ "قذارات" كثيرة، ساعدته مرّات عدّة في اكتساب مزيد من الشعبيّة، وفي تكريس فكرة أنه الحاكم الذي تحتاجه تركيا، والأتراك، والذي قد "تفنى" البلاد وشعبها من بعده.

وانطلاقاً ممّا سبق، تطرح بعض الأوساط المُطَّلِعَة أسئلة حول مخاوف جديّة تتعلّق بتفجير اسطنبول الأخير، وحول التحذير من تفجيرات أخرى مُحتملَة في تركيا مستقبلاً، وسط انقسامات تركيّة داخليّة مرتفعة السّقف أحياناً كثيرة، وحسّاسة بالنّسبة الى أردوغان، على مسافة أشهر من انتخابات مصيرية.

ويُجمع أكثر من طرف على أن تلك الانتخابات لن تكون سهلة، وسط ملموسات حول أن نسبة مهمّة من الأتراك لن يمنحوا ثقتهم لأردوغان في 2023، وهو عام المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية.

وتبرز مخاوف جديّة في هذا الإطار، من استفادة أردوغان من أي حدث أمني، أو من افتعال أحداث أمنيّة حتى، قد ترتفع وتيرتها خلال الأشهر القادمة، وذلك بهدف إشعال معاركه الانتخابية على نيران القتال مع الإرهاب والإرهابيّين، بشتّى الوسائل، التي قد يكون من ضمنها الاستعانة بتقييد الحريات أكثر، والتجمّعات السياسية والشعبية المُعارِضَة له في كل المناطق والمدن، مع تبرير أي "انقطاعات" مُحتمَلَة للإنترنت، وللاتصالات، ولوسائل التواصل الاجتماعي... خلال الأشهر القادمة، لأسباب تعود الى ضرورات محاربة الإرهاب.

ولكن مهما يَكُن، وبمعزل عن صدق أو كذب الرواية الرسميّة التركية حول تفجير اسطنبول الأخير، إلا أن هذا النّوع من الأحداث يجب أن لا يُضعِف عزيمة المعارضة التركية، ولا نقاط القوّة في برامجها وحملاتها الانتخابية.

وإذا تكاثرت الأحداث الأمنية التركية بعد مدّة، وشكّلت القاعدة المثاليّة لشنّ حملات اعتقال في عدد من المدن والمناطق، لمُعارِضين، فقد يكون مفيداً التوقُّف ولو قليلاً، أمام المبالغ المالية التي ستجنيها تركيا - أردوغان، مقابل مساهماتها (الى جانب دول أخرى) في توفير الحماية لـ "مونديال 2022"، وعن جدوى دفعها لدولة عاجزة عن مَنْع خروق أمنيّة، من المُفترَض أنها أقلّ تعقيداً، داخل أراضيها.

هذا الى جانب ضرورة التوقُّف أمام شرعيّة حُكم تركي، قادر على توفير الضمانات الكثيرة، الأمنية وغير الأمنية لاتّفاق الحبوب بين أوكرانيا وروسيا عبر الأمم المتّحدة، فيما هو عاجز عن توفير الأمن لشعبه ولسيّاحه، من امرأة، وفي داخل اسطنبول.

قد ينجح أردوغان في "التشبيح" على الأوروبيّين، والأميركيّين، وحلف "الناتو"، مقابل ملفات اللّجوء، والتقارُب مع روسيا، وانضمام فنلندا والسويد الى حلف "شمال الأطلسي". وأما اختراق أحلام البشير اسطنبول، بالشّكل المُعلَن عنه تركيّاً، فهو "قصّة أخرى"، تتطلّب محاسبة تركيّة داخلية للرئيس التركي، لا يُمكنها أن تبدأ إلا في صناديق الاقتراع، ولا يُمكن لأحد غير الأتراك أنفسهم، أن يقوم بها.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا