قاعدة انطلاق لحل أزمة الودائع المصرفية... هذه تفاصيلها!
بقلم العميد المتقاعد دانيال الحداد
نسمع من معظم المسؤولين أنّ ودائع المواطنين مقدّسة ولا يمكن المساس بها، لكن بعد مرور أكثر من خمس سنوات على الأزمة المصرفية غير المسبوقة، لا يلمس المودعون أيّ إشارات جدية إلى معالجتها، فخطّة رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب قد وئدت في مهدها، وخطّة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي قد سقطت بين أيدي الحكومة نفسها.في مقاربة بسيطة للواقع المالي، نرى أنّ استعادة المودعين أموالهم سريعاً أمرٌ مستحيل، فكلّ ما في حوزة المصرف المركزي والمصارف لا يتجاوز الـ ١٥ مليار دولار في أفضل الأحوال، فيما قيمة الودائع المصرفية المدولرة تبلغ نحو ٨٦ مليار دولار، أي أنّ نسبة الأموال المتوافرة من المطلوبة تساوي نحو ١٧٪.
إذاً ، أصبح من نافل القول إنّ استعادة الودائع كاملة تتطلب عشرات السنين، لذلك تتداول الأوساط المالية والاقتصادية بحل وسطي وعملي قابل للتطبيق، يقوم على الآتي :
- تقسيط الودائع.
- إنصاف الأغلبية الساحقة من المودعين.
- مراعاة قدرة الدولة والمصرف المركزي والمصارف على التسديد.
أمّا في ما يتعلق بالخطوط العريضة للحل فيمكن تلخيصها بالآتي :
- تسديد الودائع التي تقلّ قيمتها عن ٥٠٠ ألف دولار نقداً، على أن يكون هذا المبلغ شاملاً للمصارف كلّها، أي ضمّ مختلف حسابات المودع الواحد في جميع المصارف، وينال من هذا المجموع مبلغ ٥٠٠ الف دولار كحدٍ أقصى، موزعاً على قاعدة النسبية بين المصارف ومقسّطاً على عدّة سنوات، وما زاد عن هذا المبلغ يحوّل الى أسهم مصرفية وسندات خزينة وأخرى في صندوق استرداد الودائع.
- يضمن مبلغ الـ ٥٠٠ ألف دولار استرجاع ٩٥٪ من المودعين أموالهم كاملة.
- تبلغ القيمة الاجمالية للأموال المفروض تسديدها نقداً وفق هذا الاقتراح بين ٤٠ و٤٥ مليار دولار( ودائع ما قبل ١٧ تشرين ٢٠١٩ وما بعده) يمكن تقسيطها خلال مدة تتراوح بين ١٥ و ٢٠ سنة، شرط ألا يقل السحب الشهري عن ٥٠٠ دولار ( للانتهاء سريعاً من ودائع صغار المودعين).
- في حال ضمان مبلغ أقل للمودعين الذين حوّلوا أموالهم الى دولار بعد ١٧ تشرين، ٢٠٠ ألف دولار مثلاً، فسيتراجع المبلغ الإجمالي المفترض تسديده نقداً إلى نحو ٣٥ مليار دولار.
- تتولّى الدولة والمصرف المركزي والمصارف تسديد الدفعات الثابتة للمودعين المقدرة بمبلغ ٢،٥ مليار دولار سنوياً، وذلك وفق مسؤولياتها المترتبة بشكل أساسي من حجم ديون كلّ جهة، فيما تخضع المصارف غير القادرة على الالتزام بتسديد ما يتوجب عليها لاعادة الهيكلة مع حفظ حقوق مودعيها.
- يترافق هذا الحل مع تعديل القوانين استثنائياً بحيث يسمح للمودع بادخال أفراد عائلته في الحسابات، منعاً للوقوع في مشاكل حصر الإرث والانتقال كون مدّة التقسيط طويلة.
- تفصل الأموال القديمة عن الأموال الجديدة وتستأنف المصارف نشاطها الطبيعي.
- يتولّى القضاء استرداد الأموال المنهوبة والفصل بين الودائع المشروعة وغير المشروعة، بمعزل عن تفاصيل الخطّة أعلاه.
يعتبر هذا الحل السهل، قاعدة انطلاق نحو معالجة جدية وسريعة ومعقولة للأزمة يمكن تعديلها لاحقاً نحو الأفضل، خصوصاً أنه يكفل حقوق ٩٥٪ من المودعين وبالتالي لا يسبب حرجاً للحكومة ومجلس النواب لإقراره، أمّا خلط هذه الأزمة مع قضايا الهدر والفساد والتحقيقات وغيرها، إنّما يؤدي إلى مزيد من ضياع الوقت والتخبّط وهضم حقوق المودعين.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|