إما التطبيع أو تكرار سيناريو غزة.. مهلة أمريكية "أخيرة" للبنان
أثار استئناف إسرائيل الحرب على غزة قبل أيام، وتبرير ذلك بتعنّت حركة حماس، موجة من الاستنفار السياسي في بيروت، تحسبًا لأن تستخدم إسرائيل نفس الذرائع لاستئناف الحرب على لبنان. هناك شواهد متعددة تشير إلى موقف أمريكي مواتٍ لهذا الاتجاه.
ورصدت الأوساط الدبلوماسية الوتيرة التي تفاعل بها موضوع التطبيع السياسي بين لبنان وإسرائيل، وهو الموقف الذي رفضته الدولة اللبنانية برئاساتها الثلاثة.
ومع ذلك، أصبح التطبيع الآن القضية الأساسية التي ترتبط بإعادة الإعمار ونزع سلاح حزب الله، وكذلك بتحديد مصير المفاوضات، سواء استمرت أو توقفت، مع احتمال استئناف إسرائيل حربها على لبنان بناءً على تعنّته.
بدأ الحديث عن التطبيع السياسي بتسريبات إسرائيلية حاولت مقايضة الانسحاب من الأراضي اللبنانية وترسيم الحدود البرية باتفاق تطبيع، يتضمن الإفراج عن 5 أسرى لبنانيين كإشارة حسن نية.
هذه النقلة في تحويل التطبيع بين لبنان وإسرائيل إلى شرط لإنجاح مفاوضات وقف النار، يراها الباحث طانيوس صبري الحاج، كخطوة أراد بها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أن يُدرج لبنان ضمن منظومة "تحقيق السلام بالقوة".
ويستحضر الحاج، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الولايات المتحدة تشارك إسرائيل قناعة بتغير المناخ السياسي والشعبي في لبنان بعد الحرب الأخيرة على حزب الله، بما يتيح إمكانية التطبيع وبرمجة مشروع السلام بتعقيدات أقل.
وأضاف الحاج أن نظرية التطبيع جرى تعميمها على الشركاء الأوروبيين، الذين عقدوا في باريس اجتماعًا متزامنًا مع اجتماع الناقورة، حيث اعتمدوا التطبيع باعتباره النقلة المستحقة للبنان من أجل ضمان المساعدات والتعمير وإنجاح العهد الجديد.
لكن تطورات مشروع التطبيع في لبنان لم تسر على نحو مواتٍ لتوقعات من طرحوه. فقد جاء الرد اللبناني الرسمي من الرئاسات الثلاث: الجمهورية، والحكومة، والبرلمان، برفض طروحات تسييس المفاوضات، والإصرار على استمرار الطابع التقني لها.
وفي الوقت نفسه، جاء التحشيد الإعلامي من حزب الله مرفوقًا بالتعهد بإفشال أي مسعى للتطبيع تحت شعار "الكلمة الأخيرة للمقاومة".
من جانبه، يرى الباحث المتخصص في الشأن الشرق أوسطي الدكتور صفوان القدسي، أن الأمور تتسارع بأكثر مما يظهر على السطح، وبأن هناك مخاطر حقيقية من الانتقال المفاجئ إلى ما يشبه ما حدث في غزة.
ويؤكد أن محادثات الناقورة الأخيرة شهدت توافقًا على برمجة المرحلة التالية من اتفاق وقف النار، إذ تناولت ثلاث مهام أساسية: الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس التي احتلتها في الحرب الأخيرة، وتحديد الحدود البرية العالقة منذ عام 2006 (13 نقطة حدودية)، وإطلاق المحتجزين اللبنانيين لدى إسرائيل.
ويلفت الدكتور القدسي إلى أن الأيام القليلة الماضية شهدت تغييرًا ملحوظًا في اللهجة الأمريكية، مما يثير الريبة من احتمال تطبيق ما جرى في غزة على النموذج اللبناني الخاضع للجدل والمساومة.
وبعثت الإدارة الأمريكية برسالة عاجلة إلى المسؤولين اللبنانيين، قام بنقلها شخصيًّا مورغان أورتاغوس، نائب المبعوث الرئاسي الخاص إلى الشرق الأوسط، إلى الرؤساء ميشال عون، سعد الحريري، ونبيه بري، تطلب فيها التجاوب السريع مع طلب المحادثات السياسية المباشرة حول النقاط الخلافية مع إسرائيل.
ووُصفت اللهجة الأمريكية بالتهديد والإصرار على أن المفاوضات المباشرة هي السبيل الوحيد لمعالجة هذه النقاط الخلافية. وفي حال قرر لبنان عدم التجاوب، فإن الجانب الأمريكي لا يرى داعيًا لاستمرار عمل لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار.
ويُسجل الدكتور القدسي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن اليومين الماضيين شهدا نقلة نوعية حرجة في الحديث الأمريكي-اللبناني المأزوم بشأن التطبيع السياسي.
وفي تقرير لوسائل إعلام، نقل عن مسؤول أمريكي لم تُكشف هويته في الدوحة قوله، إن إدارة الرئيس ترامب غير راضية عن أداء المسؤولين اللبنانيين في التعامل مع مليشيا حزب الله.
وأضاف أنه سيُطلب من لبنان التوجه إلى مفاوضات سياسية مباشرة وجهًا لوجه مع إسرائيل، مع تكليف شخصية مدنية لهذه المهمة، على أن يمثل واشنطن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.
ويقرأ الدكتور القدسي هذا التوجه الأمريكي كشرط لاستمرار وقف النار، ويعتبره بمثابة اتهام للبنان بـ"التعنت"، وهو التوصيف الذي توافق عليه كل من إسرائيل وأمريكا لتبرير الخروج من اتفاق وقف النار واستئناف الحرب، باعتبارها الترجمة العملية لشعار "فرض السلام بالقوة".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|