عربي ودولي

"الصفقة الغامضة" بعد المعادن.. واشنطن تسعى لنيل قلب أوكرانيا النووي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد أن فرضت الولايات المتحدة هيمنتها على الموارد المعدنية الأوكرانية عبر صفقة المعادن النفيسة، تتجه الأنظار الآن إلى تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو محطات النووي الأوكرانية، في خطوة يرى البعض أنها محاولة للسيطرة على مستقبل الطاقة في أوروبا الشرقية.

في تصريحات حديثة، أشار ترامب إلى أن "ضمان أمن الطاقة في أوكرانيا يستلزم شراكات استراتيجية مع الشركات الأمريكية"، وهو ما أثار مخاوف في كييف وموسكو على حد سواء.

الاقتراح الأمريكي يتضمن نقل إدارة المحطات النووية الأوكرانية، بما في ذلك محطة زابوريجيا، الأكبر في أوروبا، إلى شركات أمريكية، ما يعني إخضاع البنية التحتية للطاقة الأوكرانية للنفوذ الأمريكي المباشر.

وبالنظر إلى الصفقة السابقة التي أبرمتها واشنطن للحصول على جزء من الموارد المعدنية النادرة في أوكرانيا مقابل استمرار الدعم العسكري، يعتقد محللون أن خطوة السيطرة على المحطات النووية هي امتداد لسياسة "الاستحواذ مقابل الدعم".

تحذيرات روسية ومخاطر فنية

محللون روس أبدوا قلقهم من أن التكنولوجيا الأمريكية قد لا تكون متوافقة مع أنظمة المفاعلات السوفيتية المستخدمة في أوكرانيا، مما قد يؤدي إلى تعطل إمدادات الطاقة بدلاً من تأمينها.

وتؤكد التقارير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتبر هذا التحرك الأمريكي "تصعيدًا مباشرًا"، حيث تسيطر روسيا حاليًّا على محطة زابوريجيا، ولا يبدو أنها ستتخلى عنها بسهولة. ووفقًا لمصدر دبلوماسي، فإن الكرملين قد يستخدم هذه الورقة للضغط في المفاوضات القادمة مع واشنطن وكييف.

على الجانب الآخر، يواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي معضلة سياسية معقدة؛ فمن جهة، قد يؤدي القبول بالمقترح الأمريكي إلى تعزيز أمن الطاقة الأوكراني وتأمين استثمارات هائلة، لكن من جهة أخرى، قد يُنظر إلى ذلك كخطوة نحو تحويل أوكرانيا إلى "محمية اقتصادية أمريكية".

 استراتيجية أم تصعيد جديد؟

ومع التحركات الأمريكية المتصاعدة للسيطرة على الثروات الأوكرانية والمخاوف الأوروبية الروسية، يبقى التساؤل الأبرز: هل المقترح الأمريكي رؤية استراتيجية أم تصعيد جديد؟

أكد خبراء أن اقتراح ترامب بعقد صفقة لامتلاك محطات الطاقة النووية الأوكرانية يعكس نهجه القائم على تحويل الأزمات إلى صفقات اقتصادية، بدلًا من استراتيجيات طويلة الأمد، ما يشير إلى أن تأمين هذه المحطات خلال الحرب قد يكون عبئًا يفوق الفوائد.

وحذر الخبراء من أن هذا التوجه الأمريكي قد يؤدي إلى تصعيد خطير مع روسيا، وزعزعة الاستقرار الإقليمي، خاصة وأن سياسة ترامب تعتمد على المصلحة أولًا، بغض النظر عن العواقب.

أوكرانيا ليست للبيع

وأضاف الخبراء أن أوكرانيا ليست للبيع، ومنشآتها النووية ليست بندًا يُطرح ضمن حملة انتخابية أمريكية، مشيرين إلى أن هذا الاقتراح يشكل تصعيدًا قد يستفز موسكو، ويفتح بابًا جديدًا للتوتر الدولي، فضلًا عن تهديده للاستقرار الإقليمي بجعل الطاقة أداة ضغط أمريكية جديدة.

وكشف مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديميتري بريجع، أن ترامب يظهر مرة أخرى نهجه القائم على منطق "الصفقة"، إذ يتعامل مع الأزمات الدولية ليس كزعيم عالمي يسعى للتوازن بين المصالح والسيادة، بل كرجل أعمال يبحث عن الفرص وسط الفوضى.

وأشار إلى أن اقتراح ترامب باستحواذ الولايات المتحدة على محطات الطاقة النووية الأوكرانية لا يمثل مجرد تدخل في شؤون دولة ذات سيادة، بل يُعدّ إعلانًا بأن القانون الدولي بات يُستبدل بمبدأ الصفقات السياسية.

وتساءل بريجع: "ما الذي يتبقى من أوكرانيا إذا أصبحت منشآتها الاستراتيجية متاحة في سوق السياسة الدولية؟ هل المطلوب أن تتحول الحرب من صراع على الأرض إلى صراع على الطاقة والنفوذ تحت غطاء الحماية؟".

استعمار جديد بواجهة حديثة

في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، أوضح بريجع أن هذا الطرح يعيد إلى الأذهان مفاهيم الاستعمار الجديد، حيث تتحكم القوى الكبرى في الدول عبر السيطرة على مواردها الاستراتيجية، مما يجعل أمنها رهينًا لتحالفات غير مستقرة. 

وأضاف أن أوكرانيا ليست للبيع، ومنشآتها النووية ليست بندًا يُطرح ضمن حملة انتخابية أمريكية، وأن هذا الاقتراح يشكل تصعيدًا قد يستفز موسكو، ويفتح بابًا جديدًا للتوتر الدولي، فضلًا عن تهديده للاستقرار الإقليمي بجعل الطاقة أداة ضغط أمريكية جديدة.

أمريكا أولًا.. سياسة ترامب العارية

بحسب بريجع، فإن ترامب هو الرئيس الأمريكي الوحيد في العصر الحديث الذي يعبّر عن مواقفه بلا مواربة، معتمدًا على مبدأ "أمريكا أولًا"، إذ قد يكون اهتمامه بمحطات الطاقة الأوكرانية نابعًا من رغبته في تجنب كارثة نووية محتملة في زاباروجيا، في ظل غياب رقابة دولية حقيقية وتصاعد المخاطر العسكرية.

وأضاف أن ترامب لا يسعى لإنقاذ أوكرانيا حبًّا فيها، بل لأنه يدرك أن انهيارًا نوويًّا في أوروبا سيؤثر سلبًا على المصالح الغربية والأمريكية على حد سواء.

واختتم بريجع حديثه بالإشارة إلى أن سياسة ترامب قد تكون خطرة على العالم، لكنها تبدو في نظر مؤيديه حاسمة لإنقاذ المصالح الأمريكية، وبين الجنون والعبقرية، تظل قراراته مثيرة للجدل، تفرض على الجميع الانتباه، سواء للتصفيق أو الرفض، ولكن بصوت عالٍ.

ترامب والأزمات الدولية

أكد رامي القليوبي، الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، أن مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاستحواذ على محطات الطاقة النووية الأوكرانية لا يعكس رؤية استراتيجية واضحة أو تصعيدًا سياسيًّا بقدر ما يعكس شعاراته الشعبوية ونهجه الذي يتعامل مع كل شيء بمنطق الصفقات والأعمال التجارية.

وأوضح القليوبي، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن ترامب ينظر إلى القضايا الدولية باعتبارها فرصًا تجارية، إذ يحاول تحويل الأزمات إلى صفقات اقتصادية، حتى مع أقرب حلفائه مثل أوكرانيا. 

ولفت إلى أن سعي ترامب لعقد صفقة بشأن المعادن النادرة في أوكرانيا يؤكد نهجه القائم على استغلال ضعف كييف وحاجتها الماسة للدعم العسكري الأمريكي لتحقيق مكاسب اقتصادية لواشنطن.

عبء أكثر من فائدة

وأشار القليوبي إلى أنه حتى لو تمكنت الولايات المتحدة من السيطرة على المحطات النووية الأوكرانية، فإن تأمينها وحمايتها في ظل الحرب المستمرة سيكون أكثر تكلفة من الفوائد المحتملة.

وأضاف أن هذا الواقع يعكس تناقضًا واضحًا في مقترح ترامب، إذ يبدو غير عملي من الناحية الأمنية والاستراتيجية.

بحسب القليوبي، فإن ترامب يسعى دومًا إلى استغلال الأزمات لتحقيق مكاسب اقتصادية، لكنه قد يواجه عقبات حقيقية عند تنفيذ هذه الأفكار على أرض الواقع، خاصة عندما تتطلب قراراته التزامات أمنية وسياسية تفوق الأرباح المحتملة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا