تصفيات اسيا لمونديال 2026: فلسطين تسقط العراق في الوقت للقاتل وفوز ثمين لعمان والإمارات
فضيحة تهز إدارة ترامب
قد يكون جيفري غولدبرغ أكثر الصحافيين حظاً في التاريخ. فرئيس تحرير مجلة "أتلانتيك" الذي غالباً ما يهاجمه الرئيس دونالد ترامب، وجد نفسه فجأة بين مجموعة من صناع قرار بحجم الهجوم الأخير على اليمن. وسجل الإثنين سبقاً صحافياً ضجت به الولايات المتحدة ودوائر ترامب الضيقة، لم يبذل أدنى جهد في الوصول إليه، بل اعتمد، بدلاً من ذلك، على استهتار مستشار الرئيس للأمن القومي مايكل والتز، وخفة مجموعة من كبار مسؤولي الإدارة وأمنييها في مقدمهم نائب الرئيس جي دي فانس ووزيرا الخارجية ماركو روبيو والدفاع بيت هيغسيث، إلى آخرين لا يقلون شأناً وأهمية.
ماذا حدث؟ تلقى غولدبرغ الثلاثاء في 11 آذار/مارس الفائت طلب تواصل على تطبيق "سيغنال"، وهو خدمة مراسلة مشفرة مفتوحة المصدر شائعة بين من يبحثون عن خصوصية أكبر من تطبيقات التحادث الأخرى كـ"واتساب" وغيرها.
الطلب جاء من حساب باسم مايكل والتز، الذي لم يستبعد غولدبرغ أن يكون هو المعني أو منتحل صفة، لكنه قبل الطلب بكل الأحوال.
غولدبرغ سيتلقى إشعاراً الخميس بأنه أدرج في غرفة محادثة تحت اسم "مجموعة الحوثيين الصغيرة PC"، ثم، بعد رسالة من والتز تشرح ماهية المجموعة، بدأت الرسائل تتوالى تباعاً، من أسماء لم يعرف غولدبرغ في حينها ما إذا كان أصحابها هم فعلاً الأشخاص الحقيقيون الذين يقرأ ما يكتبون مباشرة: روبيو، جي دي فانس، TG التي رجّح أن تكون مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، "سكوت ب" (وزير الخزانة سكوت بيسنت)، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) جون راتكليف، قبل أن يظهر مساء اسم هيغسيث.
في نهاية اليوم الأول كان تجمّع نحو 18 شخصاً بمن فيهم مسؤولون مختلفون في الأمن القومي ومبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ورئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، ونائبها ستيفن ميلر.
تخوّف غولدبرغ من أن يكون هؤلاء منتحلي صفة في شبكة هدفها الإيقاع بالصحافيين وترويج معلومات كاذبة. شكوك دعمها يقينه باستحالة لجوء قيادات الأمن القومي في أميركا إلى تطبيق تجاري مفتوح لتناقش خططاً حربية، كما أنه لم يصدق أن يقع والتز في خطأ كهذا مضيفاً رئيس تحرير "أتلانتيك" إلى محادثة على درجة عالية من السرية والخطورة.
صباح الجمعة، وصلت الرسالة الصباحية الأولى من والتز إلى "الفريق" يعلمهم فيها بأنهم تلقوا رسالة على بريدهم الإلكتروني السري فيها المهام الموكلة لكل طرف بناء على تعليمات الرئيس، إضافة إلى توجيهات بشأن التعامل مع "الأحداث في الأيام المقبلة".
ردّ حساب فانس يتوجس من توقيت الضربة التي قد تكون بمثابة "خطأ" وخدمة مجانية للأوروبيين الذين يحتاجون إلى طريق الملاحة أكثر من الولايات المتحدة، ومع ذلك فهم لا يشاركون أميركا في العواقب المتأتية من قصف الحوثيين. وقال إنه يفضّل تأجيلها شهراً، لكن إذا ما اتفق الجميع على ضرورتها الآنية فهو مستعد للاحتفاظ بمخاوفه لنفسه، ليرد عليه وزير الدفاع شارحاً أن التأجيل قد يعرّض الخطة للتسريب أو أن إسرائيل قد تسبقهم في الهجوم على الحوثيين، ومع أنه تفهم "شعوره بالقرف" من الأوروبيين المثيرين للشفقة، قال إن "لا أحد غيرنا يمكنه أن يقوم بمثل هذا الهجوم". هنا تدخل ستيفن ميلر لأول مرة رافضاً التأجيل: الرئيس أعطى الضوء الأخضر، ولاحقاً سنخبر أوروبا ومصر ما الذي نريده بالمقابل (من الهجوم).
مراسلات اليوم الثالث، السبت، افتتحها هيغسيث باطلاعه الفريق على تحديثات لم ينشر غولدبرغ معظمها في مقاله، لخطورتها على أفراد عسكريين واستخباراتيين في منطقة الشرق الأوسط. تحديثات تضمنت تفاصيل عملياتية للضربات الوشيكة في اليمن، بما في ذلك معلومات عن الأهداف، والأسلحة المستخدمة، وتسلسل الهجوم. وحدد لحظة الصفر، عند الساعة 01:45 بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة. تفاصيل مذهلة بخطورتها وأهميتها ووجوب بقائها سرية، ما زاد شكوك غولدبرغ بأن تكون حقيقية. بقي الصحافي في سيارته لساعتين بعد رسالة هيغسيث منتظراً الأخبار. وعند الساعة 01:55 تصفح منصة إكس باحثاً عن اليمن، فوجد أن دوي انفجارات يسمع في صنعاء. عاد إلى غرفة المحادثة ليقرأ تبادل التهاني بالكلمات وصور إيموجي مثل شعلة نار وعلم أميركا وذراع مطوية بعضلات مفتولة. هؤلاء إذن هم رجال الرئيس ترامب، لا أحد فيهم منتحل صفة.
في اليوم التالي، الأحد، وبعدما بات غولدبرغ على يقين من هوية الفريق، انسحب من المحادثة، ولم يعرف أي نقاش دار بعدها عمن يكون JG الذي وصل إشعار بانسحابه إلى منشئها، مايكل والتز. كما لم يسأله أحد بعدها على الخاص من يكون أو لماذا انسحب.
صباح الإثنين، بعث غولدبرغ برسائل متعددة الاتجاهات حول ما إذا كانت المجموعة أصلية ولماذا أضيف إليها، وما إذا كان كبار مسؤولي ترامب يستخدمون التطبيق بشكل منتظم لمناقشاتهم الحساسة.
رد عليه براين هيوز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، مؤكداً أن المحادثة أصلية، وأنهم يراجعون كيف أضيف رقمه عن غير قصد، شارحاً أن المحادثة لم تشكل تهديداً للأمن القومي. المتحدث باسم فانس عناه نفي التضارب في مواقف نائب الرئيس مع ترامب.
ما إن نشرت المجلة تقرير رئيس تحريرها في اليوم نفسه حتى تحول الخبر إلى الحدث السياسي الوحيد على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تصدر وسم #signalgate على منصة "إكس".
ردود الفعل تراوحت بين السخرية القاسية من المسؤولين الكبار الذين لم يكتفوا باستخدام وسيلة تحادث تجارية لمناقشة أمور بالغة السرية، بل إنهم كانوا مرتاحين أمنياً لدرجة إضافة صحافي عن طريق الخطأ وعدم الانتباه إلى وجوده في المجموعة طوال أيام.
لكن أسئلة جدية طرحها أعضاء كونغرس ديموقراطيون ومحللون سياسيون وأمنيون سابقون بشأن ما إذا كان اللجوء إلى "سيغنال" يعتبر خرقاً للقوانين، خاصة أنه لم يمر عبر القنوات الرسمية ولم يسجل في محاضر رسمية. كما تخوف هؤلاء من حجم الخطر الذي قد يتعرض له الأمن القومي الأميركي والأميركيون الذين يعملون خلف المحيطات في مهام عسكرية أو أمنية بسبب الاستهتار والخفة الكبيرين في تبادل معلومات فائقة السرية عبر تطبيق معرض للخرق، وربما من هواتف خاصة من السهولة بمكان قرصنتها في عالم تنخرط دوله في حروب سيبرانية شعواء تستخدم فيها أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا.
رداً على التقرير، اكتفى البيت الأبيض بالتأكيد على صحة معلومات غولدبرغ، بينما هاجمه وزير الدفاع نافياً أن يكون شارك معلومات خطة الهجوم. ما يحدث في كواليس البيت الأبيض نقلته مجلة "بوليتيكو" التي أشارت إلى أن التقرير أشعل نقاشاً ساخناً في أروقة إدارة ترامب عنوانه إجبار والتز على ترك منصبه، بينما بدأ مساعدون كبار للرئيس يسوقون أن من الأفضل لوالتز أن يبادر إلى الاستقالة منعاً لوضع ترامب في "موقف سيئ".
ومع أن قراراً لم يتخذ بعد في هذا الخصوص، فإن مسؤولين قالوا لـ"بوليتيكو" إن ترامب سيحسم أمره في الأيام المقبلة خلال متابعته التغطية الإعلامية الهائلة لهذه "المسألة المحرجة"، بينما قال شخص مقرب من البيت الأبيض بحسب المجلة: الجميع متفق على أن "مايك والتز شخص غبي"، مطلقاً بحق المستشار الكبير للرئيس الشتيمة الأكثر تداولاً على لسان الأميركيين.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|