بعد مجزرة كويا... خياران لا ثالث لهما للشرع!

ما حصل في قرية كويا بريف محافظة درعا السورية قد يتكرر في مراحل لاحقة، وفقًا لخبراء ومراقبين. وفي حال حدث ذلك بالفعل، ستكون إدارة أحمد الشرع في العاصمة دمشق أمام معضلة لا يرتبط التعامل معها بإسرائيل فقط، بل بردود أفعال السوريين المهددين في جنوب البلاد.

قتل في كويا يوم الثلاثاء 5 أشخاص وأصيب آخرون نتيجة قصف وعمليات استهداف نفذتها دبابات الجيش الإسرائيلي بعد مقاومة من شبان رافضين لعمليات التوغل المتواصلة في المنطقة، وفقًا لصحفي غطى الأحداث وتحدث لموقع "الحرة"، وتقرير نشره "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

في المقابل، ربط الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أسباب المواجهة التي استمرت لساعات بمن وصفهم بـ "عناصر إرهابية" أطلقت النار على القوات الإسرائيلية، مما استدعى التعامل معهم عبر طائرة مسيرة.

ولم يقدم أدرعي يوم الثلاثاء أي تفاصيل إضافية بشأن الأسباب التي دفعت الجيش الإسرائيلي لدخول كويا، وبالتالي تجاوز المنطقة العازلة هناك المحددة بموجب اتفاقية 1974.

مع إعلان وزارة الخارجية السورية رفضها للهجمات التي استهدفت كويا، دعت السوريين هناك إلى رفض أي محاولات لتهجيرهم أو فرض واقع جديد بالقوة على الأرض. كما أعربت عن رفضها لما وصفته بـ "الجرائم"، داعية إلى فتح تحقيق دولي في ما يتم ارتكابه ضد الأبرياء والانتهاكات الإسرائيلية.

ومع ذلك، لم يتطرق الشرع إلى تقارير "الدفاع المدني السوري" التي أكدت حدوث قصف من بعد على القرية الصغيرة الواقعة على الحدود، وهو ما أشار إليه أيضًا "المرصد السوري".

ورغم أن عمليات التوغل التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في جنوب سوريا ضمن حدود محافظتي درعا والقنيطرة لم تنقطع في الفترة التي تلت سقوط نظام الأسد، إلا أن ما حدث في كويا يمكن اعتباره الحدث الأول من نوعه بناء على الشكل الذي جاء فيه، وما تبعه.

بحسب الباحثة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتيس، فإن أحداث كويا "تدق ناقوس الخطر في دمشق". وأضافت أن ترك إدارة الشرع للأهالي هناك بمفردهم لمواجهة التحركات الإسرائيلية سيزيد من تبني سكان المنطقة لأفعال فردية قد تؤدي إلى المزيد من الاشتباكات والضحايا المدنيين، مما يزيد من التصعيد العسكري الإسرائيلي.

وأضافت كولوريوتيس أنه يجب على إدارة الشرع الإسراع في وضع استراتيجية واضحة للتعامل مع هذه القضية لتجنب الخطر الكبير في المستقبل القريب.

وتشير الباحثة إلى أن دمشق، وبناء على تصريحات وزارة الخارجية، لم تبدِ رغبة في التعامل العلني أو الدبلوماسي مع الأفعال الإسرائيلية في جنوب البلاد، حيث أن صيغة البيان الرسمي لا تختلف كثيرًا عن الخط الذي سارت عليه الحكومة السورية بعد سقوط نظام الأسد.

في ظل الواقع الحالي، توجد أمام إدارة الشرع خياران رئيسيان:

الاستجابة للشروط الإسرائيلية: هذا الخيار يتضمن منع أي انتشار عسكري، بما في ذلك الأفراد الذين يحملون أسلحة خارج سلطة الدولة السورية، ما يعني تقييد السلاح بيد الدولة.

الخيارات الدبلوماسية: والتي تتمثل في محاولة فتح باب المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، في ظل رفض بعض الشخصيات المهمة في الإدارة السورية الجديدة للمحادثات المباشرة. ومن خلال هذه المفاوضات غير المباشرة، قد يتم التوصل إلى تفاهمات تؤدي إلى هدوء مستدام في جنوب سوريا.

مع استمرار التوغل الإسرائيلي في سوريا، تشير التصريحات إلى أن إسرائيل قد تكون تسعى لتوسيع نفوذها في الأراضي السورية، مع التركيز على منع انتشار السلاح، خاصة في المناطق الحدودية مثل درعا والقنيطرة.

ويرى الباحث السوري ضياء قدور أن إسرائيل، بقيادة نتانياهو، تسعى للإيقاع بالإدارة السورية الجديدة في فخ الحروب، ويجب على الحكومة السورية أن تظل صامدة في مواجهة هذه التهديدات.

كما ينبغي أن تواصل البحث عن الحلول الدبلوماسية الممكنة مع الحفاظ على حقها في الدفاع عن نفسها ضد الاعتداءات.

وفي خضم هذه التطورات، تؤكد القناة 12 الإسرائيلية أن غارات الجيش الإسرائيلي على مواقع في سوريا، بما في ذلك تدمر و"T4"، قد تكون حملت "رسائل غير مباشرة" تتعلق بتوسع النفوذ التركي في سوريا.

وتستمر إسرائيل في تسليط الضوء على تقارب دمشق مع أنقرة في الآونة الأخيرة، مما يثير مخاوف إسرائيل من النفوذ التركي المتزايد في المنطقة.

يجب على إدارة الشرع أن تعطي الأولوية لمعالجة التصعيد الإسرائيلي، حيث أن كل تأخير في اتخاذ القرار سيؤدي إلى تأثيرات سلبية على استقرار سوريا الداخلي.

التحديات التي تواجه سوريا في الجنوب، في ظل التصعيد الإسرائيلي، تتطلب من الحكومة السورية اتخاذ خطوات حاسمة للحفاظ على استقرارها وضمان مصالحها الوطنية في مواجهة الضغوط الإسرائيلية المتزايدة.