"اللبنانية" تتلاعب بالمصطلحات: عقود المدربين مخالفة للدستور وحقوق الإنسان
يواصل المدربون والموظفون في الجامعة اللبنانية إضرابهم منذ الأسبوع الفائت، ومن المقرر اتخاذ قرار بتجديد الإضراب يوم الأربعاء المقبل، بعد انتهاء عطلة الأعياد. وفيما يحاول "البعض" توجيه الإضراب ضد وزيرة التربية ريما كرامي، بعد قرار وقف الإنتاجية التي كانت تدفعها الوزارة، لصالح دفع بدل مثابرة لقطاع التربية، كسائر موظفي القطاع العام، يؤكد مدربون أن إشكالية ظروفهم المزرية سببها إدارة الجامعة.
موظفو الملاك والمتعاقدون
إشكالية الموظفين متعددة. فعلى مستوى الموظفين الإداريين في ملاك الجامعة ستدفع الأخيرة لهم بدلات إنتاجية من ميزانية الجامعة بما يوازي المبلغ الذي كانت تدفعه وزارة التربية (375 دولاراً). أي لن يطبق عليهم قبض بدل المثابرة كما هي حال سائر موظفي القطاع العام. وعليه سيخسرون نحو سبعين دولاراً، كان يفترض أن تضاف إلى مستحقاتهم فيما لو طبقت الجامعة مبدأ بدل المثابرة، بحسب فئتهم الوظيفية (الفئة الثالثة).
إلا أن إشكالية الموظفين المتعاقدين أكثر تعقيداً. فهؤلاء تعاقدت معهم الجامعة تحت مسمى مدربين. علماً أن وظيفة المدرب كان يفترض أن تكون محصورة بالأشخاص الذين تتعاقد معهم الجامعة للعمل في المختبرات أو في مجال تعليم الدروس التطبيقية. لكن الجامعة تعاقدت مع مدربين لتنفيذ أعمال إدارية. ما يعني أنهم موظفين إداريين وليسوا مدربين. ومشكلة هؤلاء بمختلف مسمياتهم أن رواتبهم مزرية جداً، ويتعرضون لاستغلال لا يليق باسم الجامعة اللبنانية.
ويشرح مدربون لـ"المدن" أن رواتبهم (تحسب بحسب عدد الساعات في العقود الموقعة معهم) ولم تتحسن، مثل باقي الموظفين في الدولة. فأجر ساعتهم كان 40 ألف ليرة، وحصلوا على زيادة بعشرين ألف ليرة فقط لا غير. ورغم ذلك تجبرهم الجامعة على عمل إضافي من دون أجر. فهم يعملون بين 140 و160 ساعة بالشهر فيما تدفع لهم الجامعة رواتب توازي قيمتها نصف ساعات العمل. وبات مدخولهم الشهري يصل في أفضل الأحوال إلى نحو 280 دولاراً.
تلاعب بالمصطلحات
سبق وتقدم مدربون بطعن لدى شورى الدولة حول كيفية تعامل الجامعة معهم والزامهم بعمل إضافي غير ملحوظ بعقود العمل من دفع أجر عليه (يعملون نحو 1500 ساعة بالسنة، فيما عقودهم لا تتجاوز 700 ساعة). وصدر حكم عن شورى الدولة حمل الرقم 499، إبطال فيه التعميم 56 الصادر عن الجامعة اللبنانية حول كيفية تنظيم عمل الموظفين. واعتبر شورى الدولة أن التعميم يغفل الأصول الجوهرية لإصدار النصوص التنظيمية ويجبر المدربين على تنفيذ ساعات عمل إضافية غير مدفوعة تفوق عدد الساعات المحددة في عقودهم. وألزم الجامعة اللبنانية بدفع كامل ساعات العمل التي نفذها المدربون منذ العام 2018.
وعوضاً عن تنفيذ حكم شورى الدولة لإنصاف المدربين والموظفين، لجأت الجامعة إلى إصدار عقود جديدة أكثر إجحافاً من السابقة، كما يقول المحامي علي عباس لـ"المدن". وأكد أنه بصدد تقديم طعن جديد لإبطال العقود الجديدة التي فرضتها الجامعة على المدربين.
وشرح عباس أنه سبق وحصل على حكم من شورى الدولة بوكالته عن نحو مئتي مدرب، لكن إدارة الجامعة ضربت بالقانون عرض الحائط ولم تنفذه. وأصدرت القرار رقم 27، الذي نشر في الجريدة الرسمية، حددت فيه شروط العمل في العقود الجديدة. وقد التفّت الجامعة على حكم شورى الدولة من خلال التلاعب بالمصطلحات.
وأضاف عباس أن الطعن الذي سيتقدم به ضد الجامعة، بعد عطلة الأعياد، يتضمن مخالفات جسيمة من الجامعة، تستوجب وقف تنفذ فوري للقرار 27. فهذا الأخير حدد شروط التعاقد من خلال استبدال كلمة ساعة بكلمة "وحدة ساعة". وهو بمثابة "تلاعب لغوي لإرغام الموظفين على العمل بالسخرة". فالجامعة من خلال استخدام "وحدة الساعة تواصل تشغيل الموظف دوام كامل (35 ساعة بالأسبوع) فيما يقبض الموظف أجراً عن نصفها أو حتى أقل. وهذا يعني أن القرار يخالف القانون اللبناني والدستور وحكم شورى الدولة السابق الذكر. والأهم أنه يخالف شرعة حقوق الإنسان لناحية فرض العمل على المدربين من دون أجر، أي العمل بالسخرة".
إخفاء معلومات
وعدد عباس المخالفات مشيراً إلى أن القرار 27 مخالف لأبسط الأمور القانونية لناحية عدم حصوله على موافقة مجلس الوزراء. كما أن إدارة الجامعة أخذت استشارة من شورى الدولة قبل إصدار القرار، لكنها أخفت معلومات جوهرية عن قضاة الشورى، أي الحكم الصادر عن رئيس الرابعة القاضي يوسف نصر.
ويستغرب عباس كيف تتعامل الجامعة مع أكثر من ألفي موظف-مدرب "بهذه الطريقة الاحتيالية"، مشيراً إلى مخالفة القرار 27 لقانون الموازنة العامة للعام 2019 الذي أوقف التعاقد في إدارات الدولة". وأوضح أن الجامعة تلاعبت على الكلام من خلال "خلق" تصنيفات جديدة للمدربين لتبرير التعاقد مع موظفين. إذ بات هناك فئة وظيفية تسمى مدرب إداري، والأخير مجرد موظف عادي ولا علاقة له بالتدريب. فقد سمحت الحكومة للجامعة التعاقد مع مدربين لضرورة الحاجة الملحة لهم في الدروس التطبيقية، فيما الجامعة استغلت الأمر وخلقت وطفية مدرب إداري، للتعاقد مع موظفين.
وليد حسين -المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|