هل سمع "الحزب" هتافات غزة: "حماس" برّا برّا؟
أطل أمس الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في "يوم القدس العالمي" متأخراً يوماً عن موعده التقليدي، أيّ في آخر يوم جمعة من شهر رمضان. وأتى التأخير بسبب الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية لبيروت للمرّة الأولى منذ إعلان وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي. فسقط بذلك تقليد عمره من عمر الجمهورية الإسلامية في إيران بدءاً من العام 1979 ولغاية اليوم.
استعاضت قناة "المنار" الناطقة باسم "حزب الله" والتي بثت كلمة قاسم في المناسبة مساء أمس عن مشاهد حيّة في المناسبة ببثّ مقاطع من أرشيف ظهرت فيها العروض العسكرية التي نفّذها "الحزب" على مدار أعوام خلت، مع اطلالات للأمين العام السابق حسن نصرالله ومقاطع من خطابات له في المناسبة وفيها التهديد والوعيد لإسرائيل. وصاحَب استعادة الأرشيف أنشودة تفتقد نصرالله بعنوان "أين الأمين؟"
ثم نقلت "المنار" بعد وقت قصير، كلمة متلفزة لرئيس حركة "حماس" خليل الحية لمناسبة حلول عيد الفطر، تضمّنت موقف الحركة من تطوّرات قطاع غزة. ولفت الانتباه إلى أن الحية استذكر الرئيس السابق اسماعيل هنية، لكنّه لم يأت على ذكر يحيى السنوار الذي تزعّم القطاع وقاده في حرب "طوفان الأقصى" والتي غيّرت معالم القطاع والمنطقة على حدّ سواء.
اجتمع قاسم والحية على موضوع بقاء مقاومة "الحزب" في لبنان و"حماس" في غزة. وبنى كلاهما هذا الأمر على أن استمرار سلاح كلّ منهما ضروري كي يبقى لبنان قادراً على إخراج إسرائيل من لبنان وكذلك قادراً على إخراج إسرائيل من غزة.
تجاهل محور الممانعة على مدى أيّام خلت، تطوّراً غير مسبوق حدث في غزة حيث تظاهر المئات وربما الآلاف من الغزاويين هاتفين بإنهاء وجود "حماس" في القطاع. وردّد المتظاهرون بصوت واضح شعار "حماس" برّا برّا". وعبّر عدد من المشاركين في التظاهرة التي تكرّرت، عن مطالبتهم بأن يؤدّي انهاء سلطة "حماس" في القطاع إلى نهاية محنتهم التي تسبّبت بها الحركة بزعامة السنوار ومساعديه في العملية التي نفذتها في 7 تشرين الأول 2023.
تجرأ سكان في غزة على سلطة "حماس" بعد نحو عام ونصف العام، وقالوا لها كفى وعليها الرحيل كي تتدبّر غزة أمرها في العودة إلى الحياة وسط دمار هائل لن يزول في زمن الجيل الحالي من أهل القطاع.
يكاد اللبنانيون أن يصلوا إلى ما وصل إليه أقرانهم في غزة للمطالبة بإنهاء وجود "حزب الله" كتنظيم مسلّح تابع لإيران. فقد تسبّب الأخير ولا يزال، باستمرار محنة لبنان التي عادت لتشتد باستئناف إسرائيل غاراتها على الضاحية الجنوبية، إضافة الى غاراتها التي لم تتوقّف أصلاً على مناطق عدة في الجنوب والبقاع.
قالت الولايات المتحدة الأميركية، التي تترأس اللجنة الخماسية لتنفيذ قرار وقف إطلاق النار إن المطلوب نزع سلاح "الحزب". تحدّثت عن ذلك بطلاقة باللغة الإنكليزية نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بصفتها الرئيسة للجنة سياسياً. لكنّ الأمين العام لـ"الحزب" نعيم قاسم تجاهل كلّياً ما ذهبت إليه المسؤولة الأميركية وطالب بأن تتحوّل اللجنة إلى طرف يتولّى نزع سلاح إسرائيل في لبنان وإبعادها عنه.
ظهر فارق واضح بين رئيس "حماس" والأمين العام لـ"الحزب" هو، أن الأوّل يعلم أن لا طرف آخر يقف وراءه في غزة ليردّ عنه ضربات إسرائيل. بينما يتصرّف قاسم على أن هناك دولة لبنان تقف بين حزبه وبين إسرائيل، فراح يطالب الدولة اللبنانية أمس بأن تقوم بإخراج إسرائيل عاجلاً من لبنان وإلا... وبدا قاسم في كلمته أمس وكأنّه مدرّس يتولّى تأنيب التلميذ، التي هي الدولة، على تقصيرها بواجباتها.
من حظّ قاسم أنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون برّأ "حزب الله" في باريس أوّل من أمس عندما نفى مسؤولية "الحزب" عن الصواريخ التي تسبّبت بعودة غارات إسرائيل على الضاحية. وعلى الرغم من هذه الخدمة التي أسداها رئيس الجمهورية للشيخ قاسم، لم يرّد الأخير التحية.
خطا رئيس الحكومة نواف سلام خطوة مهمّة لملاقاة أورتاغوس عندما صرّح في مقابلته مع "العربية" أنّ ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة" أصبحت من الماضي. وبات على السلطة التنفيذية مجتمعة التقدّم نحو خطّ الوصول لإنهاء أزمة لبنان بإعلان صريح لا لبس فيه هو تنفيذ عملية نزع سلاح "حزب الله" بموجب اتّفاق الطائف أوّلاً، وكذلك بموجب القرارات الدولية ذات الصلة، وآخرها القرار 1701.
طفح الكيل بسكّان غزة وقالوا بلغة عربية لا لبس فيها "حماس برّا برّا". فهل يعتقد "الحزب" أنّه بمنأى عن مطالبته عاجلاً أم آجلاً بـ"حزب الله" برّا برّا؟
متى يدرك الحكم أنّ ما تقوله أورتاغوس بالانكليزية سيتولّى لبنانيون قوله بعربية لا لبس بها؟
بدأ في لبنان منتصف الليلة الماضية العمل بالتوقيت الصيفي فجرى تقديم العقارب ساعة. ليت هناك في السلطة من يذهب إلى تقديم عقارب السياسة كي يجري توفير عدم سداد فاتورة محنة ما زالت مستحقّة منذ أن أمسك النظام السوري البائد والنظام الإيراني الحالي بزمام مصير لبنان منذ نصف قرن. ولا تزال عقارب هذا المحور حتى اليوم تلسع هذا البلد بلا هوادة.
أحمد عياش-نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|