الصحافة

تصور فرنسي متكامل لإعادة الإعمار والإصلاح في لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تكثف باريس جهودها لمعالجة الوضع الاقتصادي والمالي اللبناني، مدركة أن أي دعم دولي جدي للبنان لا يمكن أن يتحقق من دون توفير بيئة إصلاحية تضمن الاستخدام الأمثل للمساعدات.

وقال مصدر ديبلوماسي لـ«الأنباء»: «هذا الحراك يأتي في سياق أوسع يشمل تحضير الأرضية لعقد مؤتمر دولي للمانحين، تشارك فيه الدول المهتمة بمساعدة لبنان على النهوض مجددا. غير أن فرنسا، التي لطالما لعبت دورا محوريا في الملفات اللبنانية، لا تعمل منفردة، بل تسعى إلى تعزيز التنسيق العربي، خصوصا مع المملكة العربية السعودية، انطلاقا من أن إعادة الإعمار ليست مجرد حاجة إنمائية، بل شرط أساسي لاستكمال تنفيذ الالتزامات الدولية التي تعهد بها لبنان، سواء على المستوى السياسي أو الأمني».

وأضاف المصدر: «لكن المقاربة الفرنسية ليست مجرد طرح اقتصادي بحت، بل هي جزء من رؤية متكاملة تقوم على مسارين متوازيين يتكاملان في تحقيق الاستقرار الشامل:

الأول: يتعلق بتنفيذ القرار 1701، والذي يشكل محورا رئيسيا في الديناميكية الإقليمية الراهنة، حيث تعمل فرنسا ضمن لجنة المراقبة الخماسية على دعم الموقف اللبناني القاضي بضرورة إلزام إسرائيل بالانسحاب إلى خلف الخط الأزرق، كخطوة أساسية نحو تثبيت الحدود البرية وتهيئة الظروف لمرحلة جديدة من الأمن المستدام في الجنوب. ويصب هذا التوجه في مصلحة تحقيق استقرار طويل الأمد، يتمثل بانتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل على طول الحدود، بما يعزز السيادة اللبنانية ويحد من احتمالات التصعيد.

أما المسار الثاني: فلا يقل أهمية عن الأول، إذ يرتبط بإعادة الإعمار التي لن تكون ممكنة من دون تحقيق إصلاحات جذرية وسريعة. فقد بات واضحا للمجتمع الدولي أن تقديم أي دعم مالي للبنان في ظل الأوضاع الحالية لن يكون مجديا إذا لم يرفق بخطوات إصلاحية واضحة، تشمل تعزيز الشفافية في إدارة الأموال، وإقرار القوانين الضرورية التي تسمح بإدارة المساعدات بفعالية بعيدا من الفساد والمحاصصة. ومن هذا المنطلق، تدرك فرنسا أن نجاح مشروع إعادة الإعمار مشروط بتنفيذ إصلاحات بنيوية تضمن وضع لبنان على مسار اقتصادي سليم يمنع تكرار الانهيارات السابقة».

وأوضح المصدر ان «جوهر الأزمة اللبنانية لا يقتصر على الاقتصاد والإدارة المالية فحسب، بل يمتد إلى البنية الإدارية للدولة التي تعاني من الشغور والجمود والتعطيل بفعل التوازنات الطائفية والسياسية التي تعرقل أي تغيير جذري. ولهذا، فإن أحد أبرز التحديات المطروحة اليوم يتمثل في إطلاق ورشة تعيينات جديدة تضع حدا لحالة الترهل الإداري وتنقل مؤسسات الدولة إلى نهج إصلاحي حقيقي. فالتجربة أثبتت أن أي إصلاح سياسي أو اقتصادي لا يمكن أن ينجح ما لم يكن هناك جهاز إداري كفؤ وقادر على تنفيذ السياسات المطلوبة وفق معايير الحوكمة الرشيدة. لذا، فإن المجتمع الدولي، وفي مقدمه فرنسا، يشدد على ضرورة تشكيل إدارة متحررة من القيود التقليدية، تكون قادرة على تنفيذ المشاريع الإصلاحية بكفاءة وشفافية».

وأشار المصدر إلى ان «باريس تبدو أكثر انخراطا في الملف اللبناني، ليس فقط عبر تقديم الدعم السياسي والاقتصادي، بل أيضا من خلال ممارسة ضغوط ديبلوماسية لضمان احترام لبنان لالتزاماته الدولية من جهة، وإلزام إسرائيل بتنفيذ تعهداتها من جهة أخرى. فالدور الفرنسي في لجنة المراقبة الخماسية لا يقتصر على متابعة تنفيذ وقف الأعمال العدائية، بل يشمل أيضا الدفع نحو معالجة الملفات العالقة، خصوصا تلك المتعلقة بالحدود البرية، بهدف الوصول إلى استقرار مستدام يسمح بتركيز الجهود على إعادة الإعمار».

وأكد المصدر ان «هذه الرؤية الطموحة تبقى رهينة الإرادة السياسية اللبنانية، إذ لا يمكن لأي دعم دولي أن ينجح ما لم تكن هناك جدية محلية في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. فالمرحلة المقبلة ستكشف إلى أي مدى يمكن للبنان الاستفادة من هذه الفرصة الفرنسية - العربية، وما إذا كان قادرا على تجاوز الحسابات الضيقة لصالح بناء دولة حديثة قادرة على استعادة ثقة شعبها ومحيطها الدولي».

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا