ما خلّونا..

شخصيتان في "حزب الله" أحبّ أن أسمع كلامهما كلّما "عربدتا" في الداخل اللبناني. الأول الوزير السابق مصطفى بيرم لاندفاعه، والثاني النائب علي عمّار لخياله الواسع.

أمس، قال النائب في كتلة "الوفاء للقاومة" علي عمّار إن "حزب الله" لا يريد حرباً، ولكن إذا ما فُرضت عليه فهو على أهبّة الاستعداد لردع أيّ عدوان. عقل عمّار لم يفارق الماضي، وتفكيره ما زال عالقاً في مرحلة الـ 1500. يرفض عمّار وزملاؤه في "الحزب" إياه، الخروج من تلك الحقبة، ويعيش كما بيئة الحزب كلّها، حالاً من الـ Denial.

يظنّ عمّار، أو ربّما يضحك على نفسه في الظنّ، أنّ "الحزب" ما زال قوياً بالفعل... كيف لا وهو الذي قال أمس كذلك، إنّ "الحزب" استعاد عافيته (أخذ فيتامين بالعرق).

لم يخبر عمّار جمهوره، قبل بقية اللبنانيين، كيف استعاد "الحزب" عافيته بينما عناصره غير قادرين على تخطّي "مثلث خلدة"؟ ربّك عليم!

أما زميله الوزير مصطفى بيرم، فهو الآخر لا ينفك عن التجييش على موقع "إكس"، يرمي التغريدات (أو الأكسسات) جزافاً، مطلقاً الويل والثبور وعظائم الأمور. إلاّ أنّه أمس عدّل في لهجته وتحدّث عن "نذالة العدو وجُبنه، وغدره" الذي استهدف الضاحية ليلاً... والناس نيامُ، معبّراً أن الخيار الوحيد المجدي هو المقاومة.

طيب يا سيد قاوم! مين قاطع عليك الطريق؟

هاتان الشخصيتان تحاكيان ما يدور في ذهن "الحزب". تعكسان رؤية "الميليشيا العميقة" (من الدولة العميقة) للهزيمة. تلك الهزيمة المشابهة للمَثَل اللبناني الشعبي القائل: "بدّي حارب ليصير السيف تنكة"... ولو على حساب دماء الناس وألمهم، ولو على حساب المصلحة الوطنية وأمن اللبنانيين.

ظاهرة "بيرم - عمّار" تذكرني بأبي غسان، ذاك العجوز في بلدة شحيم (خزّان التعيينات) الذي كان يخبرني قصّة في صغري حول مروءة "ابن الضيعة" الأشوس المقدام، وذلك من باب الترفيه وتمضية الوقت قبل التواصل الاجتماعي.

كان ينقل أبو غسان عن ذاك "القبضاي" قوله بعد خوضه المشاكل مع أبناء الضيعة: "شو بدّي إحكيلك عن شِكي عن بِكي... عن الدبس الشَديد البعلبكي. ضربني ضربته، لبطني لبطّه، شوف رقبتي كيف حمرا من كثر ما خبّطه. لولا إبليس وابن أخته ما يشيلوني من تحته لكنت فطّسته".

هذه حالنا مع "حزب الله" اليوم: نريد إزالة إسرائيل عن الخارطة... بس ما خلّونا.

أبو زهير -نداء الوطن