البلديّات بعد النيابة… تحالفات بلا مبادئ!

بإمكان الأحزاب ورؤسائها ونوّابها وكوادرها أن يسمعوننا كَمّاً كبيراً من التبريرات للتحالفات التي بدأت تظهر استعداداً للانتخابات البلديّة. كما في النيابة، كذلك في البلديّات، المصالح تغلب المبادئ.

لن نعطي أمثلةً فهي معروفة، وكثيرة. يتواجه حزبان في مدينة ويرفع كلٌّ منهما شعاراته الوطنيّة والسياديّة، ويُشعرنا أنّ تحرير الوطن والزود عن حدوده والنهوض به واستعادة المغتربين يملكون ممرّاً إلزاميّاً واحداً هو البلديّة، وذلك بهدف التجييش والتحميس والتهييص. لكنّ التخبيص يظهر حين نكتشف أنّ الحزبَين المتخاصمين في بلديّة سيتحالفان في أخرى، بذريعة التوافق أو تمثيل العائلات أو تجنيب المنطقة المعركة...
هكذا، تجوز المواجهة ذات الطابع السياسي في بلديّة، وتُمنح الانتخابات طابعاً إنمائيّاً في أخرى، وعائليّاً في ثالثة. الأحزاب تركّب أذن الجرّة كما تريد، وخصوم الأمس يتحوّلون حلفاء: خمسة أعضاء لي، وخمسة لك، وتُحلّ المشكلة.
قد يقول قائلٌ: لكلّ منطقة خصوصيّتها. حسناً، ولكن دعكم من رفع الشعارات السياسيّة وحرّروا البلديّات من السياسة التي، غالباً، ما تفرّق، وحافظوا على الطابع الإنمائي عبر إيصال أصحاب الكفاءات، لا ممثّل الحزب الفلاني ولا إبن الجِبّ الفلاني.
يُفترض أن نكون في لبنان على بعد خطواتٍ غير كثيرة عن تطبيق اللامركزيّة التي تُعقد من أجلها ندوات ومؤتمرات بينما تقصّر الكتل النيابيّة، "كلّها يعني كلّها"، في إقرارها والشروع في تثقيف المواطنين حول أهميّتها. لذا، فإنّ الانتخابات البلديّة يجب أن تكون جسر عبور نحو اللامركزيّة عبر إيصال فرق عمل تجمع بين الإرادة والقدرة، ولا شبهات فساد حولها خصوصاً أنّ بعض من دخلوا الى البلديّات فقراء خرجوا منها أغنياء، وبعضهم يريد أن يشتري أصوات الناس بالمال الذي سرقه منهم!

شهدنا في الانتخابات النيابيّة على تحالفاتٍ بين أضدادٍ وخصومٍ، وهناك من جمعتهم لائحة واحدة وفرّقهم الخطاب الانتخابي. كان العذر حينها: "إنّه تحالف انتخابي". وها هي التحالفات غير المنطقيّة تتكرّر في الانتخابات البلديّة، خصوصاً في المدن.
كم كنّا نتمنّى أن يحاسب المناصرون أحزابهم على هذه التحالفات، ولكن عبثاً. جمهور الأحزاب غفورٌ رحومٌ و، أحياناً، "على نيّاته".

داني حداد - موقع Mtv