من هو المستشار الذي نصح ترامب بفرض الرسوم الجمركية؟
عندما أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة على العديد من الدول، كانت أصابع الاتهام الاقتصادية تشير إلى رجل واحد يقف خلف هذه السياسة المثيرة للجدل: بيتر نافارو، المستشار الاقتصادي في إدارة ترامب، وأحد أبرز مهندسي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
خلفية أكاديمية متقدمة... لكن بتوجهات اقتصادية مثيرة للجدل
وُلد بيتر كينت نافارو عام 1949، ودرس الاقتصاد في جامعة هارفارد، حيث حصل على الدكتوراه، كما عمل أستاذاً في جامعة كاليفورنيا في إرفاين. وعلى رغم خلفيته الأكاديمية القوية، لم يكن يوماً ضمن التيار السائد علم الاقتصاد، بل اعتُبر دائماً شخصية مثيرة للجدل بسبب مواقفه الصدامية.
عرف نافارو بكتاباته العدائية حيال الصين، خصوصاً في كتابه الشهير "الموت بالصين" (Death by China)**، والذي حذر فيه مما سماه "الخطر الصيني" على الاقتصاد الأميركي. وقد تم تحويل هذا الكتاب إلى فيلم وثائقي بالاسم نفسه، ولقي اهتماماً واسعاً من المحافظين القوميين.
دوره في إدارة ترامب
عُيّن بيتر نافارو مستشاراً تجارياً في البيت الأبيض خلال ولاية دونالد ترامب، وكان يُعتبر من الدائرة الضيقة المقربة من الرئيس. دفع نافارو بقوة باتجاه فرض الرسوم الجمركية على الواردات من الصين وأوروبا وكندا والمكسيك، تحت ذريعة حماية الصناعة الأميركية وخفض العجز التجاري.
كان نافارو يرى أن التجارة الحرة، خصوصاً مع الصين، قد تسببت بخسارة الولايات المتحدة لملايين الوظائف الصناعية، واعتبر أن سياسة "أميركا أولاً" لا يمكن أن تنجح من دون إجراءات حمائية صارمة.
انتقادات واسعة... من الاقتصاديين وحتى رواد الأعمال
رغم نفوذه الكبير داخل البيت الأبيض، لم يسلم بيتر نافارو من الانتقادات القاسية. فقد وصفه العديد من الاقتصاديين بأنه "منعزل فكرياً"، لأنه لا يشارك الرأي مع معظم خبراء الاقتصاد في ما يتعلق بجدوى الرسوم الجمركية.
أما أبرز المنتقدين له فكان إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس. فقد صرّح ماسك في أكثر من مناسبة أن سياسات نافارو الحمائية تضر الابتكار والمنافسة العالمية، مشيراً إلى أن فرض الرسوم الجمركية على المواد المستوردة – وبخاصة الألمنيوم والصلب – تسبب رفع التكاليف على الشركات الأميركية، ومنها تسلا نفسها، من دون أن تحقق فائدة حقيقية للمستهلك أو الاقتصاد.
وفي تغريدة شهيرة، قال ماسك:
"الحرب التجارية ليست حلاً. الرسوم الجمركية تؤذي الجميع، ونافارو يقودنا نحو انكماش اقتصادي."
كما واجه انتقادات داخل الإدارة نفسها، حتى من مسؤولين كبار في وزارة الخزانة ومجلس الاقتصاد القومي، الذين اعتبروا أن أفكاره "مبالغاً فيها وغير قابلة للتطبيق".
إرث مثير للجدل
انتهت فترة نافارو في البيت الأبيض مع رحيل إدارة ترامب، لكنه لا يزال يُنظر إليه كأحد "أكثر المستشارين تأثيراً في تشكيل سياسة تجارية حمائية متطرفة"، لم تشهدها الولايات المتحدة منذ عقود.
وفي عام 2023، وُجهت إليه تهم جنائية بسبب رفضه الامتثال لأمر استدعاء من الكونغرس في إطار التحقيق بأحداث اقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021، مما زاد من الجدل حول شخصيته وأدواره السياسية.
في المحصّلة، بيتر نافارو ليس مجرد مستشار اقتصادي تقليدي. بل هو صاحب رؤية عدوانية حيال التجارة العالمية، ومهندس سياسات أدت إلى تغييرات جذرية في علاقة أميركا بالأسواق الدولية. مع أن تأثيره تراجع بعد مغادرة ترامب، إلا أن اسمه عاد إلى الواجهة من جديد مع عودة ترامب وعلى ما يبدو سيرتبط بمرحلة ستتسم بالتوترات التجارية، والانقسامات الحادة حول مستقبل الاقتصاد الأميركي في عالم معولم.
باولا عطية - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|