4 مناطق نفوذ بإشراف 4 دول.. هل تعود سوريا إلى عهد "الانتدابات"؟
تتزايد التسريبات و"المعلومات" الواردة من السوريين وغيرهم عن أن سوريا ستذهب إلى سيناريوهات قد تغير من وجه هذا البلد الذي عرفه السوريون، موحدًا على مساحة 185 ألف كيلومتر مربع، وآخرها ما تحدثت به مصادر قالت لـ"إرم نيوز" إنها على اطلاع على ما يُخطط لسوريا من قبل القوى الإقليمية والدولية.
4 مناطق نفوذ
تتحدث المصادر - التي تقول إنها حصلت على معلومات عن اجتماعات ومباحثات تلتئم في الآونة الأخيرة لهذه الغاية- عن أن سوريا في طريقها للتحول إلى أربع مناطق نفوذ، وكل منطقة من هذه المناطق ستكون تحت إشراف قوة إقليمية أو دولية، بما يشبه الانتدابات التي تعرضت لها بلاد الشام بعد الحرب العالمية الأولى، حين تقاسمت القوتان العالميتان المنتصرتان حينها (بريطانيا وفرنسا) مناطق النفوذ.
وتكشف المصادر أن منطقة الشمال السوري (حلب وإدلب وصولًا إلى شمال حماة) ستكون تحت النفوذ التركي، ويقع الشمال الشرقي (مناطق سيطرة قسد)، تحت النفوذ العسكري الأمريكي وقوات التحالف الدولي.
أما الساحل السوري فيبدو أنه من حصة الروس الساعين لتثبيت وجودهم حتى بعد سقوط نظام الأسد، فيما تقع حصة إسرائيل في الجنوب السوري، لتبقى دمشق والمنطقة الوسطى تحت سيطرة الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع.
تعتقد المصادر أن ما دفع للتعجيل في هذا السيناريو هو المجازر في الساحل السوري، وموقف الدروز والأكراد الرافض لخطوات دمشق، لكن ما كان يعيقها حتى الآن هو الخلاف التركي الإسرائيلي، على خلفية سعي تركيا لبناء قواعد عسكرية في وسط سوريا خارج منطقة نفوذها، وخاصة في مطار (T4) قرب تدمر، والذي قامت المقاتلات الإسرائيلية، بصورة استباقية، بتدميره.
وتذكر المصادر أن الاجتماع الأخير بين إسرائيل وتركيا في أذربيجان وضع النقاط على الحروف، وتم الاتفاق حول حدود كل طرف ومناطق نفوذه، ما يعني حسب المصادر أن الطريق بات مفتوحًا أمام تنفيذه، ورجحت أن يكون ذلك عقب اجتماع مجلس الأمن حول سوريا في الخامس والعشرين من أبريل/ نيسان الجاري، وأن يبدأ التطبيق على أعتاب الصيف على أبعد تقدير، وفقًا لمزاعم المصادر.
لا تقسيم صريح
تنوه المصادر إلى أن "الاتفاق" لا ينص صراحة على التقسيم، وإنما سيؤكد على وحدة التراب السوري، وفقًا للقرار 2254، ولكنه سيوفر للدول الأربع المتدخلة نفوذًا بحجة أن المرحلة الانتقالية التي يقودها الشرع ستكون تحت رقابة هذه الدول، بينما الحقيقة هي أن سوريا ستقسم إلى مناطق نفوذ لتكون تحت "حمايتها وإشرافها".
وتضع المصادر الدعوات الأخيرة من قبل مرجعيات علوية بطلب حماية دولية للساحل السوري، لوقف المجازر ومنع تكرارها، ضمن هذا السياق، وذلك بعد أن كان العلويون، إلى ما قبل المجازر الأخيرة، رافضين لهذه التوجهات، ليعودوا ويطالبوا بالحماية الدولية، والتي ستكون من اختصاص روسيا التي ستتكفل بحماية المنطقة الساحلية، حسب المصادر.
وكانت مصادر في قاعدة حميميم الروسية من السوريين اللاجئين فيها، قالت لـ "إرم نيوز"، إن الضباط الروس في القاعدة الروسية أبلغوهم قبل أيام أن الحماية الروسية قادمة خلال شهرين، بانتظار بعض التوافقات الدولية، وهو ما يتوافق مع حديث المصدر عن أن تطبيق الاتفاق بين الدول الأربع سيكون في بداية الصيف.
ما مدى واقعية هذا السيناريو؟
"إرم نيوز" سأل الباحث والمحلل السياسي السوري مالك الحافظ، عن واقعية سيناريو تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ، حيث استبعد تطبيق هذا السيناريو، على الأقل حاليًا، وقال إن الحديث عن تقسيم مناطق النفوذ في سوريا بين القوى الكبرى مثل روسيا وتركيا وإسرائيل والولايات المتحدة يظل محكومًا بجملة من المحددات الجيوسياسية المعقدة التي تجعل من هذا السيناريو غير واقعي في المدى القصير والمتوسط.
وأوضح الحافظ في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه "من غير المتوقع أن يقبل العرب بأن تمر هذه المشاريع دون دور حاسم لهم في القرار السوري؛ لأنهم لا يعتبرون أن هذا الأمر سيخدم مصالحهم الاستراتيجية، بل سيُؤثر سلبًا على أمنهم الإقليمي، فمن الطبيعي أن يرفض العرب أي اتفاق أو مشروع كهذا دون ضمان حضور سياسي عربي فعّال في سوريا يمنع تقاسم سوريا أو تقسيمها لكيانات نفوذ متعدد الأطراف، خاصة في ما يتعلق بالتسوية السياسية المستقبلية الكاملة للملف السوري".
الحافظ تحدث أيضًا عن نقطة أخرى، وتتعلق بالنفوذ الأمريكي، "فهو وإن كان قائمًا في مناطق الشرق السوري حاليًا، إلا أنه ليس راسخًا بالقدر الذي يمكّن معه الولايات المتحدة من فرض هيمنتها الكاملة على الوضع السوري، كذلك فإن واشنطن نفسها لم تحسم خياراتها النهائية في كيفية التعامل مع الأزمة السورية، سواء فيما يتعلق بالتحولات السياسية أم بالوجود العسكري".
ويشير الحافظ إلى أن "ما نراه حاليًا هو مناورة أمريكية لتأمين مصالحها الاستراتيجية، أكثر من كونها دعمًا حقيقيًا لعملية سياسية شاملة"، مضيفًا أن هناك ملفًا مهمًا يتمثل بإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، وهذا الملف يجب حسمه حتى نحدد مقدار التوافق الروسي الأمريكي في أي مشاريع تطرح احتمالية تقاسم النفوذ الدولي في سوريا، على حد تعبيره.
أما بالنسبة لـ روسيا، والحديث للباحث السياسي السوري، فرغم دورها الكبير السابق خلال حقبة نظام الأسد، فإنها لا تزال بحاجة إلى تفاهمات مع القوى الغربية والشرق أوسطية، خاصة في ظل توازنات القوى، ذلك أن روسيا ترغب في تأكيد نفسها كداعم أساسي للسلطة في دمشق ليس تأييدًا لها، بل تأكيدًا على بقاء مصالحها على البحر المتوسط، لكنها محدودة القدرة على فرض تقسيمات نهائية في سوريا بمفردها، دون التنسيق مع باقي القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في المنطقة.
محتمل نظريًا
يقول المحلل السياسي إن السيناريو الذي يطرح فكرة تقسيم مناطق النفوذ بين القوى الكبرى قد يبدو محتملًا نظريًا، لكنه بعيد عن الواقع عمليًا في ظل المنظومة الدولية الحالية، ومن الممكن أن نرى تفاهمات ظرفية أو مؤقتة حول بعض القضايا الجزئية، مثل المعابر الحدودية أو تقاسم النفوذ الاقتصادي في مناطق محددة، ولكن اتفاقًا إقليميًا دوليًا شاملًا على تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ ثابتة سيظل مشكلة معقدة، فالأطراف الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا وتركيا، لا يسعى كل منها لتبني الحلول الثابتة على المدى البعيد، وإنما تقتصر مصالحهم على تأمين مناطق معينة دون التزام بإقامة تسوية دائمة.
أما في ما يتعلق بالانتداب الدولي، فيبدو أن فرض انتداب دولي طويل الأمد خلال طول مدة المرحلة الانتقالية سيكون صعبًا جدًا من الناحية السياسية وفق المعطيات الحالية، كما قال الحافظ، رغم أن هناك احتمالًا بسيطًا لأن يُقبل الانتداب الدولي لفترة قصيرة في حال تدهور الأوضاع الأمنية أو في حال توافقت القوى الكبرى على خطة شاملة لإعادة الإعمار، وهذا الحل يظل مرهونًا بالإرادة الدولية والظروف الداخلية في سوريا، على حد تعبير الباحث مالك الحافظ.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|