لماذا تجاهلت الإدارة السورية التعقيب على تصريحات الهجري؟
تفاوتت القراءات السياسية بشأن الموقف الأخير عالي النبرة، الذي أعلنه "شيخ العقل" لطائفة الموحدين الدروز في محافظة السويداء حكمت الهجري، تجاه النظام الجديد في دمشق، حيث وصف البعض هذا الموقف بأنه إشارة استنفار لمواجهة مسلحة محتملة مع النظام، بينما أدرجته قراءات سياسية أخرى ضمن نهج شخصي متذبذب تناوب عليه الهجري طوال الأشهر الأربعة الماضية، ولا يأخذه النظام على محمل الجد.
وكانت الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية (NPR)، نقلت عن بعض القيادات الدرزية، وعلى رأسهم الشيخ حكمت الهجري، رفضهم الصريح الانصياع لسلطة النظام الجديد التي وصفوها بأنها "فصائل مسلحة إرهابية تسيطر على دمشق"، على حد وصفهم.
توصيف غير مسبوق
وكانت الإذاعة التي أجرت المقابلة مع الشيخ الهجري، نقلت في تقريرها أن الميليشيات الدرزية، وعلى رأسها حركة "رجال الكرامة"، تفرض سيطرتها الكاملة على مداخل ومخارج محافظة السويداء، وتمنع أي وجود حكومي أو أمني من دخولها. كما بدأت مجموعات مسلحة جديدة بالظهور، من بينها مجلس السويداء العسكري الذي دعا علنًا إلى التعاون مع أي جهة خارجية – بما فيها الولايات المتحدة وإسرائيل – لحماية جبل العرب.
وتضمن الحديث المنسوب للشيخ الهجري توصيفات بعضها غير مسبوق في نبرته الاتهامية لحكومة الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، بالقول إن "الفصائل الإرهابية المسلحة تعتبر نفسها الآن مسؤولة عن الإدارة في دمشق، وهذا غير مقبول على المستوى السوري ولا الدولي".
وفي تقريرها، نشرت الإذاعة الأمريكية أيضًا تصريحات لباسم أبو فخر، المتحدّث باسم "حركة رجال الكرامة"، التي تُعتبر أكبر فصائل السويداء، هاجم فيها حكومة الشرع أيضًا، وقال إنه "لا يمكننا أن نخدع أنفسنا بعد ما حدث في الساحل. فقد توصّلنا إلى قناعة بأنه إذا استمر الوضع على هذا النحو فنحن غير قادرين على العيش المشترك"، متابعًا: "لسنا موالين للحكومة، ولدينا مخاوف بشأنها، لكننا حريصون على توحيد سوريا، وعاصمتنا دمشق، ولا كرامة للإنسان إلا في بلده".
تاريخ معقد مع السلطة المركزية
المحلل السياسي إرحيّم النوباني، في حديث مع "إرم نيوز"، قرأ في اللهجة الجديدة للقيادات الدرزية في محافظة السويداء، ترجمة لشبكة من الهواجس والاعتبارات التي تطبع المرحلة الانتقالية الحالية في سوريا.
وأشار إلى أن الدروز في السويداء يخشون من تهميش دورهم في سوريا الجديدة، خاصة مع هيمنة "هيئة تحرير الشام"، ذات الخلفية المتشددة، على السلطة.
ويستذكر النوباني، أن الدروز في السويداء لهم تاريخ معقد مع السلطة المركزية، حيث حافظوا على حياد نسبي خلال الثورة السورية، لكنهم واجهوا محاولات سابقة للهيمنة من نظام الأسد. وهذا التاريخ يجعلهم حذرين من أي سلطة جديدة قد تكرر تلك المحاولات.
التدخلات الخارجية
ويشير في هذا السياق إلى أن التدخلات الخارجية وتحديدًا الإسرائيلية طالما وجدت بين الدروز من يستجيب لها بداعي الحماية والترويج لفكرة الحكم الذاتي، ما يعقد المشهد السياسي، ويثير انقسامات داخلية حول كيفية التعامل مع هذه العروض.
ويُفضل النوباني، أن يكون التعاطي مع هذه التصريحات للشيخ الهجري بدرجة متواضعة من الأهمية؛ كون خريطة الزعامات في جبل الدروز أكثر تعقيدًا من أن تكون متروكة لشخص واحد أو اثنين، حسب قوله، ففي مشيخة العقل، على سبيل المثال، هناك الشيخ حكمت الهجري، والشيخ حمود الحناوي، والشيخ يوسف جربوع.
وفي الفصائل المسلحة هناك طيف متفاوت القوة والتأثير، كما هو التفاوت بين القيادات السياسية والروحية، حيث لكل منها امتدادات خارج المحافظة، وأيضًا خارج الحدود السورية، كما يقول.
الإدارة السورية تتجاهل
أستاذ دراسات الشرق الأوسط، الدكتور فايز عبد العال، وفي قراءته للنبرة العالية التي تحدث بها الشيخ الهجري في رفضه الانضواء لسلطة النظام في دمشق، لم يتردد في التقليل من أهمية هذا الموقف الذي يصفه بأنه "ليس جديدًا، وفيه من التذبذب وضعف القوة التنفيذية، ما جعل النظام في دمشق يتجاهله".
ويستذكر الدكتور عبد العال، أن الشيخ الهجري دأَب طوال الأشهر الماضية على تسريب مواقف وتصريحات صوتها مرتفع، لكن النظام اعتمد تجاهلها بعدم الرد، وفق قناعة بأنها غير ذات وزن أو قابلية للتنفيذ.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|