قبلان: يجب تأكيد السيادة الوطنية فوق بلدات الحافة الأمامية التي ما زالت مدمرة
وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة في الذكرى المشؤومة للحرب الأهلية جاء فيها: "لأن الحرب الأهلية بكل ما فيها من ويلات وفظاعات كانت وما زالت لعبة أمم أقول للشعب اللبناني العزيز ولكافة القوى السياسية والروحية : اللحظة للبنَنَة قضايا البلد بعيداً عن الضغط الخارجي وبرامج الأمركة التي بلغت ذروتها بكل المستويات وهي تتعارض بشدة مع كل مراتب السيادة الوطنية، لدرجة أنها باتت تفرض نفسها على الخطاب السياسي وأولوياته بعيداً عن الكوارث الهيكلية التي يعاني منها لبنان، ولأننا نعيش وسط مرحلة تاريخية معقدة وحساسة فالإنقسام السياسي خطير وكبير، والأخطر منه الإختلاف بالخيارات الوطنية، مضافاً إلى أن اللعبة الدولية قوية ومؤثِّرة وموجودة بكل مفاصل البلد، ولعبة الأقفال السياسية واللغة الحقودة تضع البلد بقلب الخنادق، وكذلك نزعة الثأر السياسي والأدوار الرخيصة الموظفة لصالح الخارج، ولأننا مسلمين ومسيحيين نريد أن نعيش معاً بسلام وأمن وأمان يجب تأمين شروط العيش المشترك ومنع أي فتنة وسدّ أي خطاب أثيم سيما الإعلام المرتزق، ولا عيش مشترك ولا قوة وطنية أهم للبنان من دولة مواطنة قوية وقدرات سيادية ذاتية مناوئة لإسرائيل وإرهابها وفق نظام لا طائفية سياسية فيه، بل لا بد من نظام مواطنة كامل للنهوض بقضايا الحقوق العامة لهذا البلد، والتطوير حتماً لا يمر بكبسة زر لكن يجب أن يبدأ الآن والطائف يصلح لهذا التطوير، والإغلاق السياسي لقضية تطوير النظام اللبناني يضع البلد كله بقبضة اللعبة الدولية والنزعة الطائفية واللغة الميليشياوية التي تنهك الدولة والبلد والناس وهنا تكمن العقدة السرطانية، وبصراحة أكثر: الجميع يعرف وضع البلد وما تعانيه الدولة اللبنانية منذ نشأتها التاريخية، خاصة أنّ اللعبة الدولية الإقليمية تمنع الدولة من تأمين قوتها الذاتية أو الوقوف على قدميها، ولا يخفى على أحد ما تعاني منه دولتنا العزيزة من إنهاك متراكم وفشل هيكلي وسرطان طائفي وخلل عامودي يكشفها على اللعبة الدولية، والدولة دولة بحدود قدراتها الذاتية وإيفائها بما يجب عليها اتجاه شعبها وسيادتها وقدرتها الوظيفية الشاملة، فالدولة تعاني من عجز مرير بقدرات المرفق العام وأرضية قدراتها الإقتصادية والمالية والتنموية ووظيفتها الحقوقية وما يلزم في عالم المواطنة والكفالات الإجتماعية وإدارة الأزمات وإعادة تشكيل نفسها كقوة ذاتية تليق بواقع المخاطر الصهيونية وما تعنيه من كارثة وجودية مدوية".
وتابع: "لذا، المطلوب دولة ببنية وأساس يليق بحقوق المواطنة وقدرات ذاتية قادرة على المنافسة الإقليمية. وللتاريخ أقول: منذ زمن بعيد والبلد بلا كهرباء ولا ماء ولا ضمان شامل ولا بنية تحتية ولا مكاتب بطالة ولا دعم اجتماعي ولا سياسات تعليم مجاني ولا قدرات مالية واقتصادية ولا أرضية نهوض ولا برامج إغاثة ولا حقوق مواطنة ولا نظام شيخوخة ولا إقتصاد منتج ولا وفرة مالية ولا سياسات مضادة للفقر والأميّة والجريمة والبطالة والكوارث الإجتماعية الاقتصادية فضلاً عما يجب لمواجهة المخاطر الإقليمية الدولية سيما عدوانية إسرائيل وإرهابها الأبدي، ما يضع الدولة بموقف صعب تحتاج معه إلى تكاتف وطني شامل واستثمار مدروس لكل أدوات القوة الوطنية، والإحتلال الإسرائيلي للعاصمة بيروت وما تبعه وكيف تمّ إخراجه مثال حيّ على الحقيقة الموجعة لهذا البلد وواقع إمكاناته وما يجب أن تكون عليه الإستراتيجية الدفاعية، واللحظة للمصارحة، ولبنان لا يحتمل مقامرة دولية أو لعبة وكيل أو تصفية سياسية أو لعب بالأولويات الوطنية، سيما أن قرى الحافة الأمامية ما زالت على الأرض ودون أي موقف مقنع للدولة. وبصراحةٍ يمكن التأسيس عليها أقول: مشكلة لبنان بضعفه وانقسامه العامودي وانكشافه التام على اللعبة الدولية، فلا يحمي لبنان إلا لبننة قضاياه ووحدته الوطنية واستثماره لكل عوامل القوة الاقتصادية والسيادية والإجتماعية والسياسية للنهوض به من جديد، والحوار وإعادة الدمج الوطني عبر نظام المواطنة ومنع أسباب الفتنة وأبواقها وإغلاق دكاكين الإرتزاق الدولي وتكريس اللغة الوطنية ضرورة ماسّة لحماية لبنان والنهوض بما عليه، ولعبة الألغاز مضرة جداً، والأولوية للإنقاذ الإقتصادي والمالي والبناء السيادي والتضامن السياسي وإعادة الإعمار وتأمين قوة الدولة وترجمة واجباتها الاجتماعية والإقتصادية وحماية اليد اللبنانية وإعادة توظيف قوة الأجيال اللبنانية بالسوق اللبنانية وقيام الدولة بما يجب عليها من حقوق مواطنة لا نهاية لها وسط كارثة مهنية ومالية وحقوقية ومجتمعية واقتصادية تطال الدولة بالصميم. ولذلك، حصر مشكلة البلد باحتكار السلاح خطأ استراتيجي والدولة اللبنانية لا تستطيع حماية لبنان بقدراتها الذاتية، وهذا يفترض بشدة أن الجيش والمقاومة أساس وطني بمواثيق الأمن الوطني والصيغة الدفاعية التي يحتاجها لبنان، والمكابرة خطأ وطني، واللعب بالأولويات يضع البلد بالكارثة، والقضية ليست للتحدي بل لحماية لبنان، ويجب مناقشة الصيغة الدفاعية للبنان بما يتفق مع طبيعة التهديدات ونوعيتها ومخاطرها وواقع البيئة الدولية الإقليمية وهي التي تحدد أي استراتيجية دفاعية وأي قوة وقدرات يحتاجها لبنان، وكلنا يعلم واقع الدولة والبلد والأجندة الخارجية والمطامع الصهيونية ومثال احتلال بيروت ودعمها بالمتعددة الجنسيات لا يحتاج إلى تكرار، ويجب أن نفهم أن واقع البلد وإمكانيات الدولة والمحيط الإقليمي أكبر من ذلك بكثير، والحل بتصفية القلوب ولبننة قضايا البلد وتأكيد المرجعيات الوطنية الضامنة، ولا يوجد بهذا العالم أصدقاء بل غابة قوى ووحوش مفترسة، ولا شيء أخطر على لبنان من وصفة الأصدقاء الجدد، ويجب أن ننتهي من لعبة الألغاز، ولن نقبل لهذا البلد أن يكون فريسةً على طاولة اللعبة الدولية، وبوسطة عين الرمانة خيار سياسي أكثر منه بارودة ومدفع، والمخاطر التي تتهدد لبنان تكمن بالخيارات السياسية والخلاصة: يجب تأمين لبنان سياسياً لمنع أسباب الحرب الأهلية، فحماية لبنان تمر بالوحدة الوطنية والعيش المشترك ودولة المواطنة وقمع اللعبة الدولية وإعادة توظيف الإمكانات والقدرات الوطنية بصالح لبنان، والبلد بحاجة لحوار بلا ضجيج".
وختم قبلان: "علينا أن نتذكر أن لبنان ليس مشروعاً عقارياً بل وطن تاريخي ما زال ينزف من دماء بنيه الذين حرّروه وما زالوا يدافعون عن أرضه وسيادته، ويجب تأكيد السيادة الوطنية فوق بلدات الحافة الأمامية التي ما زالت مدمرة، ودون ذلك خطابات وشعارات بلا قيمة وطنية، ولبنان أمانة الله والتاريخ، ولا يقوم لبنان إلا بمحبة بَنِيه مسيحيين ومسلميين وتأمين حقوقهم وأرضيّة وجودهم وتأكيد مشاريع وقطاعات دولتهم الضامنة لحقوق المواطنة الشاملة التي تمنع فتنة حرب أهلية كتلك التي تسبّبت بها بوسطة عين الرمانة منذ خمسين سنة وما زالت محمّلةً بالآلام والهواجس".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|