الصحافة

الضاحية تحت حكم "اللجنة الأمنية"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

باتت الضاحية الجنوبية لبيروت نموذجاً صارخاً لـ"الدولة الموازية" التي يشرف عليها "حزب الله"، ليس عبر سيطرته على السلاح فحسب، بل عبر تحكّمه المباشر في مفاصل الأمن والقضاء عبر "اللجنة الأمنية". هذه اللجنة، التي تتشكل بإمرة "الحزب"، لم تعد مجرد وسيلة تنسيق بينه وبين الدولة، بل تحولت إلى "وصي" على المؤسسات الرسمية، فتقرر متى تنفذ مذكرة قضائية، أو تداهم منطقة، وكأنها سلطة أعلى من القانون. وليس النزوح المتصاعد من الضاحية ردّ فعل على التهديد الإسرائيلي أو الفوضى الأمنية فقط، بل رفض لتحويل السكان إلى رهائن في صراع "الحزب" على البقاء كـ"دولة داخل الدولة".

الوصاية المسلحة على القضاء والأمن

لم يعد خافياً أن "اللجنة الأمنية" التابعة للحزب هي اليد الطولى التي تحرّك – أو تشلّ – عمل الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية. فمبدأ "الإذن المسبق" الذي تفرضه لتنفيذ أي مداهمة أو ملاحقة قضائية، حوّل الدولة من صاحبة الشرعية إلى "متسولة أمنية" تستجدي موافقة "الحزب". وتعني هذه الآلية ببساطة، والتي تتناقض جذرياً مع مبدأ سيادة القانون:

- احتكار "الحزب" للسلطة الأمنية: فـ "اللجنة" هي من يقرر من يحاكم ومن يحمى، حتى لو كان المطلوبون متهمين بجرائم قتل أو تهريب مخدرات.

- تحويل الجيش والأجهزة الأمنية إلى ديكور: فمذكرات القضاء تصل إلى جدران الضاحية ولا تتجاوزها، ما لم يرفقها "تصريح دخول" من اللجنة.

هذا الواقع يجعل من "حزب الله"، "السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية" في آن، بينما تختزل الدولة إلى شريك صامتٍ في انتهاك دستورها.

السلاح والسيادة: المعادلة التي انقلبت على السكان:

إذا كان المبرر التاريخي لسلاح "حزب الله" هو "مواجهة إسرائيل"، فإن وجود "اللجنة الأمنية" يكشف أن هذا السلاح لم يعد موجهاً للخارج فقط، بل تحوّل إلى أداة لفرض هيمنة داخلية. فـ "الحزب"، بحسب هذه المعادلة، يحتكر حق استخدام القوة عبر منع الدولة من نشر جيشها أو أمنها في مناطق سيطرته، ويعيد تعريف مفهوم المواطنة عبر إخضاع ولاء السكان المفترض للدولة إلى "ولاء مواز" لسلطة "الحزب"، حيث الحماية تشترى بالصمت عن الفوضى.

وهكذا، فإن قبول الدولة باستمرار هذه اللجنة ليس مجرد "تنازل أمني"، بل اعتراف ضمني بأن سلاح "الحزب" هو الأقوى.

صفعة للبيان الوزاري

يأتي استمرار "اللجنة الأمنية" كصفعة للبيان الوزاري للحكومة التي التزمت فيه بـ "احتكار الدولة لسلطة القضاء والأمن". فكل يومٍ تعمل فيه هذه اللجنة هو انقلاب على الشرعية الدولية التي تشترط نزع سلاح الميليشيات كشرط لأي دعم للبنان. كما أنها تشويه لكرامة اللبنانيين عبر تحويلهم إلى رعايا تابعين لسلطة بديلة، تطبق قانوناً عرفياً بديلاً.

والأخطر أن الصمت الحكومي يُشجّع "الحزب" على تصدير نموذج "اللجنة الأمنية" إلى مناطق أخرى، كما حدث مع التمدد الأخير نحو مناطق بيئته في جبيل وكسروان والبقاع والجنوب، ما يهدد بتفكيك السلم الأهلي برمته.

مخيم برج البراجنة: مختبر الفوضى 

لا تختلف المخيمات الفلسطينية، مثل برج البراجنة، عن بقية الضاحية إلا في درجة تركيز الفوضى. فهذه المخيمات، التي يفترض أن تكون تحت سيطرة الدولة وفق الاتفاقات الدولية، تحولت إلى "محميات" للمطلوبين، حيث تدار عمليات تهريب السلاح والمخدرات تحت عين اللجنة الأمنية التي تمنع – باسم "السيادة المزيفة" – تدخل الدولة. السؤال الذي يفرض نفسه: إذا كان "الحزب" يدعي أنه قادر على ضبط الحدود مع إسرائيل، فلماذا يعجز عن ضبط حدود مخيم برج البراجنة؟ الإجابة تكشف أن الفوضى نفسها أداة لتعزيز الوصاية.

في المحصلة، ومع وضع ملف السلاح غير الشرعي على الطاولة، آن الأوان لوقف مهزلة "اللجنة الأمنية" كخطوة أولى، ومواجهة حقيقة أن استمرارها يعني تكريس التبعية لإيران وإبقاء سلطة الدويلة على رقاب الدولة.

أما الضاحية فلن تعود "ضاحية" إلا إذا تحررت من وصاية "الحزب"، وإذا تحولت اللجنة الأمنية من "دولة فوق القانون" إلى مجرد ذكرى في سجلات الانتهاكات.

نخلة عضيمي-نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا