لبنان وسوريا... بين "أجندات" الخارج والعجز الداخلي عن حلّ مشكلة في "زاروب الحيّ"
كيف يمكن لبلد ليس جاهزاً أو قادراً على حلّ "أزمة حيّ" في أصغر "زاروب" من زواريب القرية، أن ينطلق نحو بلدان أخرى، وأن يتناقش ويتفاوض معها حول قضايا وملفات كبرى؟
"ضبابيات"...
وكيف يمكن لبلد يُجمَّل داخله الغارق في تباغُض سياسي وطائفي ومذهبي وإثني ومناطقي... بـ "مساحيق تجميل" يومية كثيرة، أن ينجح بالتعاطي مع الخارج، أي خارج؟ وهذا هو حال لبنان الآن، وسوريا أيضاً، وسط "ضبابيات" كثيفة تُحيط بالمستقبل؟
فلبنان وسوريا الآن، خير مثال عن الدول التي تكون موجودة وغير موجودة، وقائمة ومُنهارة... في وقت واحد. ورغم ذلك، نجد أن كل ما فيهما على حاله، مع فارق بسيط، وهو أن الإدارة السورية الجديدة الموقَّتَة تعمل من دون ضجيج في شكل عام، وبصمت أكبر يُشهَد للمسؤولين السوريين به لكونهم لا يدّعون شيئاً، فيما "النسخة اللبنانية" غير ناجحة أبداً على هذا الصعيد، إذ رغم كل التقصير الداخلي من جانب الجميع، يعاني لبنان من "المُدَّعين" الذين يجهدون في إظهار أن كل شيء "ماشي" بفضلهم، وأنه لولا وجودهم، لكان لبنان انهار وزال منذ زمن بعيد.
صورة "أفلاطونية"؟
هذا مع العلم أن تلك الطغمة اللبنانية تدرك جيداً أن لا شيء يسير على ما يرام في البلد، وذلك رغم كل "مساحيق التجميل" التي تجهد في استعمالها لمقاربة الملفات الداخلية.
فاللبنانيون يخجلون بلبنان، وبكل شيء فيه، بدءاً من توصيف الحرب الأهلية وصولاً الى الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية، والحرب. فرغم مرور 50 عاماً على اندلاعها، وما شهدته من اقتتال داخلي - داخلي فضح المستور، وكشف عدم الاعتراف الحقيقي لأي طرف داخلي بالآخر، وعدم تقبُّل أي طرف محلي للآخرين... إلا أن هناك من لا يزال يجهد بتجميل الصورة من خلال القول إن الحرب الأهلية كانت حرباً للآخرين على الأرض اللبنانية، فقط لا غير، فيما هذا التوصيف ليس دقيقاً أبداً.
وأما السوريون، فيُظهرون مصداقية أكبر على هذا المستوى، بصمتهم على الأقلّ. فالعلاقات السورية - السورية الداخلية ليست على ما يرام، بدليل أظهرته بوضوح أحداث الساحل السوري، وما جرى من اقتتال في العديد من القرى الحدودية بين لبنان وسوريا مؤخراً، والأساليب المُعتمدَة لحلّ الخلافات بين دمشق من جهة، والأكراد من جهة أخرى، وصولاً الى الدروز، وهي أساليب تؤكد أن هناك مجموعات من سوريا داخل سوريا واحدة، مطبوعة على الخريطة. ولكن بموازاة ذلك، "يتسلّح" السوريون بالصمت إجمالاً، من دون أن يسترسلوا برسم صورة "أفلاطونية" عن الوضع السوري العام.
الدعم الدولي...
في هذا السياق، تؤكد أوساط مُتابِعَة لوكالة "أخبار اليوم" أنه "بمعزل عن أي تطور أو اقتتال أو توافق يحصل على الأرض، سواء في لبنان أو سوريا، فإن ما يسمح بالحفاظ على الاستقرار العام في البلدَيْن الآن رغم هشاشة الأوضاع فيهما على المستويات كافة، هو الرغبة الدولية بذلك".
وتشير الى أن "الدعم الدولي للإدارة السورية الجديدة يظهر بوضوح من خلال إبرام اتّفاق وتسوية بين الأكراد من جهة، والنظام السوري الجديد، من جهة أخرى. كما من خلال بعض الترتيبات التي قام بها هذا الأخير في عدد من المناطق السورية، والتي نجحت في منع تدهور الأوضاع طائفياً ومذهبياً، باقتتال داخلي كبير. هذا فضلاً عن فتح أبواب العديد من الدول العربية والأجنبية للرئيس السوري الجديد (أحمد الشرع)، ولكثير من المسؤولين والوفود السورية، خلال الأشهر القليلة الأخيرة، وبشكل شبه مستمر، أعاد سوريا الى الخريطة العالمية بعد سنوات من غيابها شبه الكامل عنها".
وتختم:"رغم عدم الجهوزية الرسمية في لبنان وسوريا لشيء، إلا أن هناك رغبة دولية بمنع أي تدهور في البلدَيْن. وهذه فرصة يجب استغلالها بالكامل الآن. فكل دعم خارجي تستنفده الأيام مع الوقت، وهو ما يحتّم سرعة التحرّك والاستجابة الداخلية".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|