لماذا يتعثّر الحريري؟
لا أحد يُشكك في التمثيل الشعبي لتيار المستقبل وتحديدا الرئيس سعد الحريري، الذي أعلن في الرابع عشر من شباط الماضي العودة الى الساحة الداخلية من دون تحديد الموعد المرتقب أو الاستحقاق الدستوري الذي سيطل من خلاله على اللبنانيين. ولكن في الوقت نفسه ثمة الكثير من الظروف الاستثنائية التي عادة ما تنعكس فرملة العمل الحزبي للتيار الازرق وتعيد خلط أوراق التحالفات وصولا الى التريث في الانطلاق من جديد.
راهن سعد الحريري على التغييرات الاقليمية الكبيرة التي ضربت المحور الايراني، وأمل الرجل بأن ينعكس ذلك خيرا على اعادة انطلاق عمله السياسي الذي توقف قبل سنوات، غير أن الامور لم تجر كما أراد الرجل، فدول المنطقة وعلى رأسها السعودية منشغلة بالكثير من الملفات التي تكثر على عهد الرئيس دونالد ترامب، ولا يأخذ المسؤولون في المملكة الملفات الفرعية ومنها دعم الحريري بكثير من الجدية أو الترقب، فالمملكة تتعامل اليوم مع الدولة اللبنانية بصفتها الحليف الابرز لها خصوصا مع انطلاق العهد الرئاسي وتشكيل حكومة الرئيس نواف سلام حيث كان للرياض الكلمة الفصل بتأليفها.
من هنا، فإن الحديث عن سعد الحريري كحليف للرياض لم يعد أولوية بل أصبح فرعا صغيرا ينضوي ضمن مشروع كبير تلتزم به المملكة ولا يؤثر غياب الحريري او حضوره عليه أو على المصالح الاستراتيجية للرياض. كما ان خطاب الرابع عشر من شباط الماضي ونسبة الحضور السني لم يساعد الحريري على "تقريشه" سعوديا بل على العكس كان مجرد عناوين بالنسبة للرياض لا تقدم أو تؤخر، حتى أن قناة العربية التابعة للمملكة تغاضت عن كلمة الحريري ولم تضعها على جدول البث المباشر. في المقابل حظي الرئيس نواف سلام بإحاطة ملكية لافتة حين أصر ولي العهد السعودي أداء صلاة عيد الفطر الى جانبه بعد ان غادر بطائرة ملكية من مطار بيروت الى جدة، وهو ما أعطى الرجل زخما كبيرا انعكس على العمل الحكومي، وعلى دوره في المعادلة الرئاسية الجديدة، حتى أن أبواب دمشق فُتحت له من أجل انهاء الملفات الشائكة مع حكومة الشرع وبمباركة شخصية من ولي العهد محمد بن سلمان.
كل ذلك يحصل فيما الحريري يلتقط إشعارات المرحلة المقبلة من وراء مكتبه في أبو ظبي من دون أن يحصل على كلمة مرور سعودية تسمح له بالدخول الى النظام الاقليمي الجديد الذي تم تحديثه بعد أحداث السابع من أوكتوبر، بل يكرر الرجل القول امام القيادات في التيار أن الوقت لم يحن وأن المستقبل يحتاج الى مزيد من الوقت لاعادة تنظيم صفوفه قبل الانخراط الجدي بالعمل السياسي. ويتطلع الحريري الى صيف الـ 2026 لخوض الاستحقاق النيابي بلوائح مستقبلية مكتملة في مختلف المناطق اللبنانية، يرى البعض أن مثل هذه الخطوة لا يمكن أن تحصل الا بمباركة سعودية لعودة الرجل، الامر الذي لا زال بعيدا الآن ويحتاج الى تغيير في نمط التفكير السعودي وموقف ولي العهد شخصيا من الحريري.
هناك من يتحدث عن صعوبة اختراق الحريري للمشهد السياسي اللبناني، لأن الامور بالنسبة للرياض لم تنضج بعد وأن الحريري بات خارج الحسابات السياسية السعودية، فيما يرى البعض ان الحريري يريد من الاستحقاق النيابي المقبل محطة لاظهار قوته على الساحة وأن لا بديل عن تمثيله داخل الساحة السنية.
علاء الخوري
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|