هل يعيد الانسحاب الأمريكي المحتمل رسم خريطة النفوذ في سوريا؟
رأى خبراء أن الانسحاب الأمريكي المحتمل من سوريا، سيشعل التنافس التركي الإسرائيلي على النفوذ، وسيخلط الأوراق في ظل مخاوف الأكراد من تآكل الدعم المقدم لهم من واشنطن.
وتتباين آراء الخبراء حول مغزى قرار الولايات المتحدة بتقليص قواتها في سوريا، خاصة بعد فشل تل أبيب في ثني واشنطن عن هذه الخطوة.
ويرى البعض أن ذلك يعكس تراجعًا في الأهداف الأمريكية داخل سوريا، بينما يعتبره آخرون مجرد إعادة تموضع مؤقت، في المقابل، تثير الخطوة قلقًا إسرائيليًّا من احتمال تصاعد النفوذ التركي في شمال وشرق سوريا؛ ما قد يغيّر قواعد التوازن في المنطقة.
ويشير الخبراء إلى أن الأسباب التي دفعت واشنطن لنشر قواتها في سوريا، قد فقدت زخمها، وأن تركيا باتت تُعتبر ضامنًا محتملًا للاستقرار هناك، وبالمقابل، هناك من يشكك في إمكانية تسليم الملف لأنقرة بالكامل، نظرًا لتوتر العلاقات الثنائية وتضارب المصالح، خصوصًا بشأن الوضع الكردي.
أما على صعيد "قسد"، فهناك مخاوف من أن يؤدي الانسحاب الأمريكي إلى تقليص الدعم أو تغيير طبيعة العلاقة، رغم استمرار التنسيق العسكري والسياسي، بينما يظل القلق الإسرائيلي قائمًا من أن يؤدي هذا الفراغ النسبي إلى إضعاف قدرتها على التحرك في الساحة السورية.
دوافع البقاء في سوريا تتلاشى
في هذا السياق، أوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية تحسين الحلبي أن هناك مجموعة من الأسباب الاستراتيجية والتكتيكية التي دفعت الولايات المتحدة إلى نشر ألف جندي في شمال شرق سوريا، مشيرًا إلى أن الهدف الاستراتيجي من هذا الانتشار كان مرتبطًا بطبيعة الوضع في سوريا آنذاك، حيث كان الجيش السوري السابق يواجه تنظيم داعش و"قسد" في آنٍ معًا، بالتزامن مع وجود دعم على الأرض من منظمات إيرانية مسلحة وأخرى ممولة من إيران، بالإضافة إلى ميليشيا حزب الله.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أنه مع تغير المعادلات وسقوط النظام السوري وظهور قوات جديدة مدعومة تركيًّا، تولَّدَ نوع من التوازن في المشهد السوري، وأصبحت واشنطن ترى أن الأسباب التي دفعتها لنشر قواتها لم تعد مبررة، معتبرًا أن تركيا باتت تمثل نوعًا من الضمانة الأساسية للاستقرار في سوريا، بطريقة لا تتعارض مع المصالح الأمريكية.
إعادة ترتيب الأولويات
من جهة أخرى، نفى عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، عماد مجول، وجود أي سيناريو يشير إلى انسحاب أمريكي من سوريا، مؤكدًا أن السياسة الأمريكية باتت تتخذ خطوات إيجابية سواء في التعامل مع "قسد" والحكومة السورية أو في التنسيق بين "قسد" وتركيا.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أنه حتى في حال تم تخفيض أو تبديل عدد القوات الأمريكية، فإن ذلك لا يعني انسحابًا كاملًا، مشددًا على أن الدور التركي لا يزال قائمًا، لكن ذلك لا يعني أن واشنطن ستسلّم الملف السوري كاملًا لأنقرة أو تمنحها حرية التصرف على كامل الجغرافيا السورية.
وأوضح أن من المحتمل أن تجري واشنطن إعادة ترتيب لأولوياتها في سوريا في ظل تنافس دولي على النفوذ داخلها، مشيرًا إلى أن "قسد" لديها قدرة على التكيّف مع التحالفات القديمة والجديدة، مشيرًا أيضًا إلى أنه لا توجد مؤشرات على أن الولايات المتحدة ستُقْدم على هذه الخطوة حاليًّا، خاصة في ظل العلاقة المتوترة بينها وبين تركيا، واختلاف الأولويات بين الطرفين، رغم تمسك واشنطن بحليفها التركي داخل الناتو.
سياسة توازن المصالح
وأكد مجول أن الولايات المتحدة ما زالت حريصة على منع عودة "داعش"، وحماية مصالحها في سوريا، من خلال تعزيز نفوذها في منطقة شرق الفرات، واستمرار دعمها لـ"قسد"، بوصفها حليفًا استراتيجيًّا لها.
وبيّن أن واشنطن قد تلجأ إلى سياسة توازن المصالح في إدارة الملف السوري، من خلال استخدام الضغط المتبادل، حيث تمنح تركيا دورًا أوسع في الشمال السوري، وفي الوقت ذاته، تحافظ على وجود عسكري مباشر أو محدود لها في شمال شرق سوريا لحماية مصالحها الاستراتيجية.
وفيما يخص إسرائيل، أوضح مجول أنها تسعى للحصول على موطئ قدم داخل سوريا من أجل حماية حدودها، خاصة أنها لا تزال في حالة صراع مفتوح مع ميليشيا حزب الله وحركة حماس، وهو ما يدفعها للتمسك بوجود أمريكي قوي في سوريا، لأن انسحاب واشنطن من هناك قد يعرقل المساعي الإسرائيلية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|