السّلاح على طاولة الحكومة: Game over؟
بعد ساعات قليلة من جلسة مجلس الوزراء، التي وصفها بعض الوزراء بـ”التاريخيّة”، لناحية التداول الحكومي الرسمي الأوّل من نوعه لملفّ تسليم سلاح “الحزب” جنوب الليطاني وشماله، نفّذت إسرائيل اغتيالاً جديداً في منطقة الغازية، عند بوّابة الجنوب الفاصلة عن جبل لبنان، وعملية اغتيال أخرى مساءً على طريق رميش عيتا الشعب، وسجّلت انتهاكاً جديداً ضمن سياق استهداف “البيوت الجاهزة”، وذلك في بلدة محيبيب الجنوبية التي ينتشر فيها الجيش اللبناني. أما لجهة الحزب فقد أطلق أمينه العام الشيخ نعيم قاسم مواقف متقدّمة مساء أمس أكّد فيها عدم السماح لأحد بنزع سلاح المقاومة، و”بأننا نعطي فرصة للدبلوماسية لكنها ليست مفتوحة، ولن تحصل أي فتنة مع الجيش، كما أكّد أنّ “لا حوار تحت الضغط”.
لا سابقة، في تاريخ الحكومات، لجلسة 17 نيسان الوزارية التي أدرجت تحت البند رقم واحد في جدول أعمالها “مراحل تنفيذ البيان الوزاري للحكومة في الشقّ المتعلّق بالقرار 1701″، وذلك لعدّة أسباب:
– تناولت الحكومة، بالتفصيل، من خلال العرض الذي قدّمه قائد الجيش العماد رودولف هيكل، محطّات مصادرة الجيش اللبناني، بالأرقام والوقائع والخرائط، للأسلحة والذخائر التابعة لـ”الحزب” ودخول مواقعه العسكرية، “بتعاون من جانب الحزب”، وهو ما عكس مسحاً لنحو 90% من منطقة جنوب الليطاني التي باتت خالية من السلاح، بتأكيد القيادة العسكرية. وهذه “حصيلة” عسكرية غير مسبوقة منذ تاريخ نشأة “الحزب”، وصراعه مع العدوّ الإسرائيلي. أمّا المساحة الباقية فهي رهينة الاحتلال الإسرائيلي لخمسة مواقع ونقاط متقدّمة في قرى الحافة الأمامية، لم يجرِ مسحها من جانب الجيش، ولم ينتشر فيها بسبب واقع الاحتلال.
– كرّست جلسة 17 نيسان التزام لبنان الـhomework الخاصّ به، وصولاً إلى شمال الليطاني حيث جزم العماد هيكل قيام الجيش بتنفيذ مهمّات شمال الليطاني وساحلاً وبقاعاً، وفي بيروت والشمال، شملت معدّات ومواقع عسكرية تابعة لـ”الحزب”، وأخرى لمنظّمات فلسطينية. تضمّن العرض أيضاً ما أُثير حديثاً من جدل في مسألة تلف السلاح بعد وضع اليد عليه، فأقرّ قائد الجيش بأنّ “السلاح السليم” ينتقل إلى مخازن الجيش، فيما تُتلف الأسلحة التي قد تشكّل خطراً في حال تخزينها أو باتت غير صالحة للاستخدام.
– تأكيد رئيس الجمهورية رسمياً أنّ السلاح شمال الليطاني سيكون مادّة حوار مع “الحزب”، ولم يكشف الكثير من تفاصيله.
– تبيّن أنّ حزب “القوّات اللبنانية” هو الطرف الوزاري الوحيد الذي يضغط باتّجاه إلزام رئيسَي الجمهورية والحكومة بأجندة زمنيّة لتسليم السلاح حدّدها رئيس الحزب سمير جعجع بستّة أشهر. لكنّ الحكومة تجاوزت هذا المطلب في الجلسة الأخيرة، باعتبار أنّ “الحزب” “متجاوب”، وهناك حوار ثنائيّ سيبدأ قريباً لا يمكن مباشرته في ظلّ مطلب حكوميّ لتسليم “كلّ السلاح” في مدّة زمنية معيّنة، وستدخل المهلة نفسها في صلب هذا الحوار، كما تقول مصادر وزارية.
– العرض الذي قدّمه قائد الجيش عَكَس، بالسياسة وللمفارقة، عدم قدرة الحكومة على التصدّي لأمرٍ واقعٍ لا يزال يحاول الإسرائيلي تكريسه ضمن سياق أيّ تفاوض لاحقاً يتّصل بتثبيت الحدود البرّية أو في شأن مصير السلاح، وذلك من خلال الإقرار بوقوع 190 شهيداً منذ توقيع اتّفاق وقف إطلاق النار، وتسجيل 2,740 خرقاً. وهي أرقام ارتفعت أمس بعد الإعتداءات الإسرائيلية جنوباً، في مقابل صفر عملية من جانب “الحزب” ضدّ إسرائيل.
– على الرغم من جدّية الحكومة، وتعاون وزيرَي “الحزب” معها، وتحت مظلّة الحوار المنتظَر بين بعبدا والضاحية، هناك معطيات تتسرّب من جانب قيادة “الحزب” مفادها أنّ الأخيرة “لن تحاور أيّاً كان في تسليم السلاح بل في كيفيّة الاستفادة منه ضمن الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان من الأخطار الإسرائيلية. هذا قرار نهائي، غير قابل للنقاش، يعطيه مشروعيّة أكبر الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان والاغتيالات والاستهدافات المستمرّة”. وقد عكس كلام مسؤول لجنة التنسيق والارتباط في “الحزب” وفيق صفا أمس هذا التوجّه بوضوح من خلال استبعاد خيار نزع سلاح “الحزب”، والتأكيد على استعداد “الحزب” للنقاش في الاستراتيجية الدفاعية، لكن بعد إنسحاب إسرائيل ووقف اعتداءاتها وإعادة الأسرى.
السّلاح على الطّاولة
كانت الحكومة اللبنانية، برئاسة نجيب ميقاتي، أقرّت في جلسة استثنائية عقدتها في ثكنة بنوا بركات في مدينة صور في 6 كانون الأوّل 2024 خطّة انتشار الجيش جنوب الليطاني، التي عرضها قائد الجيش آنذاك جوزف عون بتفصيل أكبر، وفي الجلسة نفسها أقرّت مشروع قانون لإعادة الإعمار. وهي جلسة تلت جلسة 27 تشرين الثاني من العام نفسه (تاريخ بدء تطبيق وقف إطلاق النار)، واعترض خلالها الوزراء على الاقتضاب الذي واكب شرح قائد الجيش لمراحل انتشار الجيش.
إنّها المرّة الأولى التي يُطرح فيها الملفّ على طاولة رسميّة، وإن بجزئيّة محدّدة، وذلك بعد فشل “إعلان بعبدا” عام 2012، خلال ولاية الرئيس الأسبق ميشال سليمان، الذي نصّ على البحث في الاستراتيجية الدفاعية، في فتح باب الحوار في شأن السلاح، تماماً كما لم تنجح طاولة الحوار التي دعا إليها الرئيس السابق ميشال عون في تنفيذ المهمّة نفسها.
تقول مصادر مطّلعة لـ”أساس” إنّ “الحكومة، في ظلّ الحوار الذي لم يبدأ رسمياً بعد بين رئيس الجمهورية و”الحزب”، وفيما يواظب الجيش على تنفيذ المهامّ المطلوبة منه جنوب الليطاني وشماله، أقرّت بتنسيق مشترك بين عون وسلام والرئيس نبيه برّي، وضع يدها على الملفّ، في سياق تقديم مزيد من الأدلّة لرعاة اتّفاق وقف إطلاق النار على أنّ لبنان ينفّذ المطلوب منه، فيما إسرائيل تكرّس بممارساتها اليومية الانتهاك الصارخ لكلّ مندرجات القرار”.
تؤكّد المصادر أنّ “هذه الجلسة لن تكون يتيمة، وستعقبها جلسات بفترات زمنيّة متباعدة، تبعاً لمراحل التزام الحكومة والجيش تنفيذ القرار الدولي وآليّته التنفيذية”، فيما تنقل المصادر عن جهات غربية أنّ “واشنطن وتل أبيب تتوجّسان من أيّ “دمج” ولو محدوداً لبعض عناصر “الحزب” في الجيش اللبناني أو أجهزة أمنيّة أخرى، مخافة أن يتحوّل هؤلاء إلى “خلايا” غير منضبطة”.
ملاك عقيل -اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|