قانون الإيجارات عاد إلى الواجهة: تسوية لإنصاف المالك والمستأجر معاً
لم يمرّ قانون الإيجارت غير السكنيّة مرور الكرام لا سيّما بعد نشره في الجريدة الرسميّة، حيثُ سارع عدد من النواب إلى مراجعة ما تمّ التصويت عليه سابقاً في ظروف لم تسمح بدراسة تفاصيل المشروع، كما ينبغي، وقدّموا اقتراحاً لتعديل القانون تحت شعار «ما يموت الذئب ولا يفنى الغنم»، بمعنى أنْ لا ينتقل «الظلم» اللاحق بالمالكين إلى المُستأجرين.
بتاريخ 17/4/2025 تقدّم 12 نائباً بطعن أمام «المجلس الدستوري» في دستوريّة القانون النافذ حكماً رقم 1 /2025 الخاصّ بقانون الإيجارات للأماكن غير السكنيّة تسجّل تحت الرقم 6/2025، ويهدف هذا الطعن بشكل خاصّ إلى الإضاءة على عددٍ كبير ممّا اعتبره البعض «مخالفات وانتهاكات دستوريّة».
يوم الثلاثاء الفائت، عقدت لجنة الإدارة والعدل جلسة، وأشارت في بيانٍ لها إلى أنّها عقدت لدرس جدول أعمالها المقرّر، وفي ما يتعلق بقانون الإيجارات غير السكنيّة لفتت اللجنة في بيانها إلى أنّها «رفعت الجلسة على أنْ تُتابع اللجنة عملها في الجلسة المُقبلة، البحث والتداول في آليّة نشر القانون المتعلق بإيجار الأماكن غير السكنية».
وكان سبق لعدد من أعضاء اللجنة أنْ طرحوا هذا الموضوع في الجلسة السابقة مبدين «استغرابهم من الآليّة التي تم فيها نشر القانون المذكور، وعرض بعض النواب للنتائج التي يُمكن أنْ تترتب على نشر هذا القانون في وضعه الحالي كما تناول البحث مسألة الطعن به أمام المجلس الدستوري»، حسبما أشار البيان.
من جهة أخرى، ووفق البيان «تمّ عرض إحصاءات مفصّلة تتناول عقود إيجار الأماكن السكنية المعقودة قبل العام 1992. كما عرض رئيس اللجنة لنتائج الاجتماعات التي عقدها مع عدة جهات تمثل المالكين وجهات أخرى تمثل المستأجرين، والأرضيّة التي توصل إليها معهم والقواسم المشتركة التي تمت الموافقة عليها. وهذه الاجتماعات عقدت قبل نشر هذا القانون كما النتائج التي تم التوصل إليها. وقد تبيّن أنّ الإشكالية المثارة تتعلق بالمدة التي حدّدها القانون ليصبح بعدها عقد الإيجار خاضعاً لحرية التعاقد، قيمة الإيجار والتي تشكل نسبة من قيمة المأجور، مسألة تسديد مبلغ نقدي من قبل مستأجر لصالح مستأجر قديم كبدل خلو للمأجور، وفي هذا المجال تبرز أكثر من مسألة بحسب ما إذا كان المؤجر قد استفاد من المبلغ أو لم يستفد، بالإضافة إلى التاريخ الذي تم خلاله هذا الاتفاق».
من ناحية أخرى، أوضح البيان أنّه «وأثناء المناقشة بين النواب طرحت مسألة الطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري».
بنتيجة التداول بين النواب برز رأي حول مسألة الطعن، فإذا أبطل المجلس الدستوري القانون قيد البحث مقابل انقضاء مهل التمديد التي أقرت في القوانين السابقة، يصبح أمام القضاء قانون الموجبات والعقود ليطبق، وبالتالي فإن تطبيق القانون الأخير سوف يفضي إلى إصدار أحكام تقضي بإخلاء الأماكن المؤجرة بدون أي مهل.
وعليه، رأت اللجنة أنّ العلاج يقتضي إصدار قانون يعدل المدّة المحدّدة في القانون الحالي ليصبح العقد بعدها خاضعاً لحرية التعاقد، كما يتناول مسألة إعادة توزيع الزيادات السنوية وكذلك إلى إعادة النظر بنسبة الإيجار قياساً مع قيمة المأجور من ناحية، ومن ناحية أخرى النظر في مسألة المبالغ المدفوعة كبدل خلو، بالإضافة إلى مسألة النظر في أوضاع بعض المهن والتي يجب أن يتم درسها وتعديلها إذا لزم الأمر في القوانين المنظمة لممارستها.
ونظراً لضيق الوقت لم يتسنَّ للجنة متابعة درس بقية الاقتراحات المتعلقة بالوساطة القضائيّة أم بالوساطة الاتفاقية، عليه رفعت الجلسة على أنْ تتابع اللجنة عملها في جلسة لاحقة».
تعديل بعض النقاط
مقرّر اللجنة النائب بلال عبدالله يقول لـ «نداء الوطن»: «ليس هناك تراجع عن القانون لكنّنا نُحاول أن نعدّل بعض النقاط».
هل يُمكن للظلم أنْ ينتقل من ضفة المالكين إلى ضفة المستأجرين، يُجيب: «بالطبع، لن نُشرّع بهذه الطريقة».
أمّا عن الوقت الذي سيستغرق لدراسة القانون، فيؤكّد عبدالله أنّه في «الأسبوع المقبل ستتم مناقشته».
ويختم: «سنصل إلى طريقة يكون فيها القانون مُنصفاً، بالحدّ الأدنى، للطرفيْن».
السكنيّة وغير السكنيّة
بالنسبة للإيجارات، يبدأ رئيس نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى حديثه لـ «نداء الوطن»، بتوضيح الفرق بين المباني السكنية وغير السكنية، مشيراً إلى أنّ «السكنية» أصبحت واضحة، فقد صدر قانون عام 2014 أعطى مهلة تسع سنوات للمستأجرين القدامى ما قبل العام 1992 للإخلاء. وخلقوا صندوقاً، ومن تسجّل في الصندوق حصل على زيادة + 3 أي نحتسب 2014 زائداً تسعة زائداً 3 لمَن تسجّل في الصندوق. وحصل أيضاً تعديل على هذا القانون في بعض المواد ونُشِر القانون مع التعديلات عام 2017».
عام 2017 نُشِر من جديد، لكن هناك قضاة تأخذ الـ 9 + 3 من الـ 2017، مما يعني أن اليوم في «السكني»، إذا حصروا من العام 2014 بدأت الإخلاءات تحصل لأن من العام 2023 من المفترض على مَن تسجل في الصندوق، أن يخلي عام 2026. وإذا حسبنا من العام 2017، فإن من تسجل عليه أن يخلي عام 2029، أي من الآن حتى العام 2029 تكون قد انتهت وتحررت كل الإيجارات السكنية»، وفق ما يوضح موسى.
يضيف: «أمّا بالنسبة لقانون الإيجارات غير السكنية، فقد نُشِر مؤخّراً، وكان قد حصل حوله لغط لأنه تم ردّه إلى مجلس النواب وحصلت دعوى أمام مجلس شورى الدولة، واضطرّ اليوم رئيس الحكومة نواف سلام لنشره، وقد قام بالخطوة الصحيحة. في هذه الحالة، المالك لديه خياران: أو يترك المستأجر قبل العام 1992 لمدة سنتين من دون أن يزيد عليه كلفة الإيجار ويبقى بالإيجار الذي يدفعه اليوم، أو يقول للمستأجر بأنه سيعتمد طريقة أخرى وهي كالآتي: يُحضِر خبيراً محلفاً، يُقيّم العقار، فإذا كانت قيمة العقار مئة ألف دولار، يأخذون منها 8 في المئة، في السنة الأولى يحسبون منها الربع أي 2 في المئة، وفي السنة الثانية يأخذون منها النصف أي 4 في المئة، والثالثة والرابعة 8 في المئة. هكذا تكون طريقة احتساب البدل إذا قرّر المالك اعتماد الطريقة الثانية».
نسبة مرتفعة؟
يتابع: اعتراضي كان أنّ نسبة الـ 8 في المئة مرتفعة. إذا حسبنا قيمة العقار القيمة التأجيرية، فإن 8 في المئة من قيمة الإيجار تُعتبر مرتفعة جداً ويجب ألا تتخطّى الـ 5 في المئة. لكن أتصوّر أنه عندما وضِعت الـ 8 في المئة، وضِعت كي يحصل تفاوض حولها. قطعت وكانت من حظ المالكين. لكن من جهة أخرى، يقول المالكون إنهم ظُلِموا لسنوات طويلة، وإذا احتُسِبت الـ 8 في المئة بهذه الطريقة، فليست مصيبة. ما يُخيفني وبدأ يظهر أنّ الجميع بدأ يحتسب كم ستكون قيمة الإيجار على نسبة الـ 8 في المئة من قيمة العقار الفعلي، وهذا أمر خاطئ جداً، مستندين إلى القانون، لكن هذا الأمر مضرّ جداً ويجب ألا يُحتَسب على نسبة الـ 8 في المئة».
سبب المعركة
يعتبر موسى أنّ «هذا الصراع القديم هو من مسؤولية الدولة والمُشرِّع. وهذه المعركة الطويلة التي حصلت سببها عدم قدرة الدولة على تحمّل مسؤولياتها وأن تجد حلولًا تكون عادلة للطرفين. اليوم أُعطيت مهلة في «السكني» وما إذا كان يجب أنْ تُنفَّذ ويحصل الإخلاء. في النهاية عانى المالكون بشكل كبير وحان الوقت كي يسترجعوا ملكهم».
ويرى أنّ «حلّ مشكلة الإيجارات القديمة يريح بيروت والمدن التي فيها إيجارات قديمة ويصبح هناك إمكانيات للمواطنين كي يستأجروا. هناك مناطق اليوم مقفلة بالكامل لا يمكن الدخول إليها لأن كل الإيجارات قديمة. لكن عندما تحصل الإخلاءات يصبح هناك إمكانية أمام المواطن كي لا يضطر للسكن خارج بيروت لاستئجار شقة بـ 500 دولار أو أكثر بل يمكنه السكن في مناطق لائقة ولا يضطر للسكن في الشقق الجديدة ذات الايجارات المرتفعة».
التعويض على المؤسّسات التجاريّة
عن التعويض على المؤسّسات التجارية، يقول موسى: «اليوم المؤسسات التجاريّة عاشت سنوات بالإيجارات القديمة وجاء وقت كي يتحرّر الإيجار الذي كانت عليه. تحرير الإيجار لا يعني الإخلاء، بل يُمكن للمؤسسات أنْ تتفاوض مع المالك على إيجار جديد. بعد 4 سنوات يُمكنهما الاتفاق على إيجار جديد. كما أنّه يمكن للدولة أن تلعب دوراً تشجيعيّاً ربما من خلال إعفاءات على بعض الضرائب، مثلاً في حال صدر عقد إيجار جديد بقيم جديدة لا تؤخذ رسوم البلديّة على هذه العقود الجديدة. وربما أرادت مؤسسة ما الإخلاء والتفتيش عن إيجار آخر، يُمكن للدولة أن تعفيه لمدة معينة من هذه الرسوم. أكثر من ذلك، يمكن للدولة وضع السياسات السكنية وغير السكنية لتطوير مشاريع بأسعار مقبولة كي يتمكن المواطنون من الشراء أو الاستئجار، وهذه تحتاج إلى سياسة سكنية وإسكانية ويكون هناك وزارة إسكان تعمل على وضع خطة شاملة وخلق فرص للمطوّرين لبناء مشاريع متكاملة تجاريّة وسكنيّة بأسعار مقبولة وبمتناول الجميع».
موقف نقابة المالكين
تجدر الإشارة هنا، إلى أنّ نقابة المالكين شكرت في بيانٍ لها «جميع النواب الذين صوّتوا إلى جانب الحق بإسقاط الاقتراح المعجّل المكرّر بتعليق العمل بقانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، وخصّت بالشكر رئيس وأعضاء لجنة الإدارة والعدل الذين وقفوا سدّاً منيعاً في وجه تعطيل العمل بقانون نافذ، يُعيد التوازن إلى العلاقة بين المؤجّرين والمستأجرين وفق مبادئ الحق والعدالة والمساواة، وضمن فترات زمنيّة متدرّجة»، واعتبرت أنه «لو فعل مجلس النواب عكس ذلك لكانت نكسة كبرى في حق المجلس نفسه، وبخاصّة لجنة الإدارة والعدل التي درست القانون في عدد من الجلسات النيابية قبل عرضه على المال والموازنة، ثم التصويت عليه، والتأخر في نشره عاماً وثلاثة أشهر».
وذكّرت بأن «تطبيق هذا القانون يؤمّن مداخيل بملايين الدولارات لخزينة الدولة وللبلديات، ويُسهم في تحريك العجلة الاقتصادية، وفي توفير أماكن وأقسام للمؤسسات التجارية، والأهم أنه يعيد الاعتبار للملكية الفردية. ونتمنّى باسم المالكين القدامى أن يكون الإنصاف إلى جانبنا أيضاً في المجلس الدستوري، انطلاقاً من قراره التاريخي عام 2014 في الإيجارات السكنية، وأيضاً بالاستناد إلى تقرير مجلس شورى الدولة بوجوب نشر القانون في الجريدة الرسمية، مع تأكيد مجلس النواب في جلسته التشريعيّة وبإصرار على الالتزام بنفاذ هذا القانون ووجوب البدء بتطبيقه من دون أي عوائق».
رماح هاشم - "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|