الصحافة

عيديّة العمّال مؤجّلة... انتظروا 7 أيّار

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في حين كان عمّال لبنان، لا سيّما موظفو القطاع الخاصّ، ينتظرون أنْ يحصلوا على عيديّة من لجنة المؤشرّ لمناسبة عيد العمّال، تُساعدهم على تحمُّل تداعيّات الأزمة الاقتصاديّة التي عصفت ولا تزال بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية منذ أكثر من سنوات عدة، جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، حيثُ تمّ ترحيل اجتماع لجنة المؤشّر، الذي كان مقرّراً يوم الإثنين، إلى السابع من أيّار.

إزاء التجاذبات التي ترافق كل استحقاق يُقارب مسألة تصحيح الأجور، يُطرح السؤال: هل سيتمكّن العمّال هذه المرة من نيْل بعض حقوقهم؟

عن التخبّط داخل لجنة المؤشرّ وتأجيل الاجتماع، يُوضح رئيس الاتحاد العمالي العامّ في لبنان بشارة الأسمر لـ "نداء الوطن"، أنّه "لا يوجد تخبّط بل اختلاف على الأرقام. والرقم الذي طرحه الاتحاد العمالي العام بعيد عن رقم الهيئات الاقتصاديّة، فكان لا بدّ من حوار ثنائي قبل انعقاد لجنة المؤشر لوضع الحلول قبل عقد اجتماعات تسودها الخلافات ولا تعطي أي نتائج، ولذلك تمّ تأجيل الاجتماع، بناءً على توافق بيننا وبين وزير العمل، عسى أنْ نصل إلى حلول. وسنعقد لقاءات مكثفة قبل 7 أيّار موعد الاجتماع".

"الرقم التقريبي"

عن الرقم التقريبي الذي من المُمكن أن يصل إليه الطرفان، يُجيب الأسمر: "لا يمكن أنْ أحدّد لكن يُمكن أنْ أقول بأنه طُرِح مبلغ 27 مليون ليرة لبنانية أي ما يُعادل نحو 330 دولاراً أميركياً. هذا الرقم طرحته الهيئات الاقتصادية ورفضناه، في حين أننا كنا قد عرضنا أنْ يكون 1000 دولار وأننا منفتحون على الحوار. وأجرينا من ثم حواراً حول الرقم الذي طرحناه عام 2024، وحصلنا خلاله على مبلغ 9 ملايين ليرة لبنانية وضاعفنا الحدّ الأدنى للأجور. وأعربنا عن انفتاحنا شرط أن تكون الأرقام منطقيّة وتتلاءم مع غلاء المعيشة ومتمّمات الراتب، أي التقديمات العائلية وبدل النقل. أي أن تكون شاملة وتعطي قيمة للأجر، لكنهم رفضوا إعطاء غلاء معيشة، أي أنهم يرفعون قيمة الحدّ الأدنى للأجور دون إعطاء غلاء معيشة، وهذا ما يؤدّي إلى عدم توازن مالي وإداري في المؤسسات. فعلى سبيل المثال، إذا كان راتب الموظف 18 مليون ليرة (الحد الأدنى الحالي)، وتم رفعه إلى 27 مليون ليرة، فإن راتب الموظف الذي يتقاضى 20 مليوناً أو 25 مليوناً سيصبح أيضاً 27 مليوناً. وفي هذه الحالة، كيف يمكن التعامل مع راتب الموظف الذي يتقاضى 27 مليون ليرة؟ يبقى كما هو، ويصبح بذلك راتب المعاون يساوي راتب رئيس المكتب. من شأن ذلك أنْ يؤدّي إلى خلل في القطاع العام والمؤسسات الاستثمارية كمرفأ بيروت وأوجيرو والإهراءات والريجي ومصرف لبنان. هناك تراتبية في الوظائف. وهذا ما شهدناه في العام الماضي عندما رفعوا فقط الحدّ الأدنى للأجور ورفعنا شكوى يومها ضد الحكومة السابقة لدى شورى الدولة".

ضرب التراتبيّة الوظيفيّة

يعتبر الأسمر أنّ "رفع الحدّ الأدنى للأجور دون الشطور أي غلاء المعيشة يضرب التراتبية الوظيفية والمالية والإدارية الموجودة في مؤسسات الدولة التي تتبع قانون العمل. كما أنها تؤدّي إلى حالة من الخلل في المؤسسات الخاصة وعدم التوازن الوظيفي".

وهنا يؤكّد أنّ "همّ التراتبية الوظيفية وغلاء المعيشة بالنسبة لنا أهمّ من همّ الحدّ الأدنى للأجر، لأنه فعليّاً لدينا نحو 20 في المئة من عمالنا فقط ما زالوا يتقاضون الحدّ الأدنى للأجور".

"الحدّ الأدنى للأجور يتذرّع به جزء كبير من الهيئات الاقتصادية للتصريح عنه للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو لوزراة المالية، أيّ أنّ التصريح الفعلي للأجر غير موجود. لدينا مؤسسات تجارية وصناعية وغذائية وطبية وسياحية، بالإضافة إلى المطاعم والملاهي، حيث لا يوجد حدّ أدنى بقيمة 200 دولار. إذاً الحدّ الأدنى لا يعكس الحدّ الأدنى الحقيقي، بل يعتمد على الشطور وغلاء المعيشة، لأن غلاء المعيشة يُحتّم بطريقة أو بأخرى تصريحاً من أصحاب العمل غير ذلك المعتمد بالحدّ الأدنى للأجور. معظم اللبنانيين يعتقدون أن المعركة تدور حول الحدّ الأدنى للأجور، لكنها فعلياً تصحيح للأجور. وخاصة أنّ مرسوم رفع الحدّ الأدنى للأجر عام 2024 صدر ببندَين إلى مجلس الوزراء: بند رفع الحدّ الأدنى للأجور من 9 إلى 18 مليون ليرة، والبند الثاني إعطاء غلاء معيشة لكل الموظفين والعمال الذين يتبعون قانون العمل والأجراء. لكن مجلس الوزراء شطب البند الثاني وأبقى على الحدّ الأدنى للأجور، فبات المرسوم ناقصاً بالمعنى الذي أتحدث عنه، فقمت بمراجعة وشكوى لدى مجلس شورى الدولة على طريقة إصدار هذا المرسوم. وما زلت أنتظر رأي مجلس شورى الدولة"، حسبما يلفت الأسمر.

يختم: "سنعقد اجتماعات يومية للتوصل إلى حلّ. نتوجه بالشكر الكبير إلى وزير العمل الذي يتابع هذا الموضوع بالتزام تام، وهذا أمر يحصل ربما للمرة الأولى، من تحديد مواعيد لإنجاز العمل، وإصرار على إنجاز الحدّ الأدنى للأجر مع غلاء المعيشة، مع متمّمات الأجر، أي أن نعطي الأجير المضمون 4 ملايين ليرة عن ابنه في المدرسة الرسمية، في حين أنّ سعر الدفتر 500 ألف ليرة، ونعطيه في المدرسة الخاصة والجامعة 12 مليون ليرة أي 130 دولاراً، ولثلاثة أولاد فقط. الأجر لا يُقاس فقط بالحدّ الأدنى بل بمتمماته أيضاً، مثلاً المنح المدرسية والتعويضات العائلية وبدل النقل".

تعريف الحدّ الأدنى للأجور

من جهته، الباحث في "الدوليّة للمعلومات" محمد شمس الدين يؤكّد لـ "نداء الوطن"، أنّ "المادة 44 من قانون العمل تُحدّد الحدّ الأدنى للأجور كما يلي: "يجب أنْ يكون الحدّ الأدنى للأجر كافياً ليسدّ حاجات الأجير الضرورية وحاجات عائلته". هذا تعريف الحدّ الأدنى، وبالتالي أي دخل لا يؤمّن الحاجات الضروريّة وحاجات عائلة الأجير يُعتبر غير صحيح. كما أن المادة 45 تنص على ما يلي: "يقوم بتحديد الحدّ الأدنى للأجور لجان تتمثّل فيها وزارة العمل وأرباب العمل والأجراء. ويُعاد الحدّ الأدنى للأجور كلما دعت الظروف الاقتصادية لذلك".

ويشير إلى أن "المعايير الثلاثة التي يُستنَد إليها في تحديد الحدّ الأدنى للأجور هي: أولًا نسبة التضخّم، ثانياً أكلاف المعيشة نسبة للتضخم، وثالثاً مدى قدرة الدولة والمؤسسات على تحمّل الزيادات".

900 دولار وليس أقلّ

يضيف: "بالنسبة للمؤشر الأول، وتبعاً للإحصاء المركزي، بلغ التضخم بين العامين 2020 و2024، ما نسبته 677 في المئة. أما المؤشر الثاني، فإذا حسبنا كلفة أكلاف المعيشة لأسرة لبنانية تتألف من أربعة أفراد، فإن الحدّ الأدنى يتراوح بين سقفيْن: السقف الأول 675 دولاراً أميركياً، والسقف الأعلى 1121 دولاراً، أي متوسط 900 دولار. وبالتالي، يجب أنْ يكون الحدّ الأدنى اليوم 900 دولار، وذلك بناءً على العوامل التالية: إيجار السكن يتراوح بين 200 و400 دولار، اشتراك المياه ومياه الشرب بين 25 و35 دولاراً، استهلاك كهرباء الدولة 200 كيلووات 45 دولاراً واشتراك المولد 75 دولاراً، كلفة السلّة الغذائية والاستهلاكية بين 250 و300 دولار، النقل بالحدّ الأدنى صفيحتيْ بنزين والأقصى 4 صفائح بنزين، ولم نحتسب كلفة الصحة والاستشفاء، الألبسة والأحذية 20 دولاراً شهرياً، واعتبرنا التعليم في القطاع الرسمي وليس الخاص. هذا يجعلنا نقول بأنّ الحدّ الأدنى يجب أنْ يكون 900 دولار وليس أقل من ذلك".

قدرة المؤسسات

أما عن قدرة المؤسسات، فيعتبر شمس الدين أنّ الدراسات تقول أن 80 في المئة من المؤسسات تملك القدرة لتحمّل هذه الزيادة في حين أنّ 20 في المئة منها تعاني من مشكلة، وقد لا تتمكن من تحمّل هذه الزيادة. وهنا يُفترَض أن يتمّ النظر بأوضاع هذه المؤسسات من خلال فرض ضريبة على العمّال الأجانب وتوفير أموال لهذه المؤسسات التي تدفع للعمال اللبنانيين الذين يعملون لديها. الدولة لديها الكثير من الإيرادات من خلال الضريبة المضافة TVA التي تجبي منها ملياراً و200 في حين يجب أنْ تجبي 3 مليارات، ما يدلّ على وجود تهرّب ضريبي بقيمة مليار و800. إضافة إلى الأملاك البحريّة والضريبة على السلع الفاخرة. إذاً للدولة إيرادات ممكن أنْ تؤمنها لتدفع الحدّ الأدنى والزيادة للموظفين. كما أنّ 80 في المئة من مؤسسات القطاع الخاص باستطاعتها أنْ تدفع، أما الـ 20 في المئة التي لا قدرة لديها، يُدرَس وضعها وتؤمّن لها تعويضات من خلال فرض ضريبة على العمال الأجانب".

ويختم شمس الدين: "يبلغ الحدّ الأدنى للأجور اليوم 18 مليون ليرة أي 200 دولار. أرباب العمل وافقوا على رفعه إلى 300 دولار بعد زيادة المنح المدرسية ووضع شطور لغلاء المعيشة. كما أنّ الاتحاد العمالي العام يطالب بـ 900 دولار لكنه يقبل بـ 500، وهذا يؤدي إلى أنّ لا اتفاق اليوم على حدّ أدنى للأجور. كان من المقرر عقد اجتماع نهار الإثنين في وزارة العمل لتحديد الأمر، لكنه تأجّل إلى الأسبوع القادم لمزيد من التشاور والاتفاق على حدّ أدنى يقبل به أرباب العمل والمؤسسات الاقتصادية".

لا قاسم مُشترك

وبدوره، يؤكّد الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنيس أبو دياب، أنّ "اجتماعاً كان من المُقرر أن يعقد الإثنين لكنه تأجل إلى 7 أيّار المقبل، لأن الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام لم يصلا إلى قاسم مشترك، ولم يتوافقا على رقم للحدّ الأدنى للأجور، وبالتالي لم نستطع القيام بأي خطوة نحو الأمام أو التوصل إلى حلّ. السبب المباشر أن الاتحاد العمالي يطرح رقماً لا يُمكن للهيئات الاقتصادية أنْ توافق عليه، كما أنّ الهيئات الاقتصادية قدّمت رقماً لم يقبل به الاتحاد العمالي وتأجّل لمزيد من المشاورات".

رقمٌ غير منصف

ويشير أبو دياب لـ "نداء الوطن"، إلى أنّ "الهيئات الاقتصادية اقترحت مبلغ 300 دولار كحدّ أدنى، إضافة إلى مضاعفة التقديمات الاجتماعية، ونعني بها تعويض الأمومة والأولاد من 600 إلى مليون و200، كما ضاعفت المنح التعليمية".

وردّاً على سؤال يُشدّد أبو دياب على أنّ "هذا الرقم غير مُنصِف، لأن السلة الغذائية لعائلة مؤلفة من أربعة أفراد لا تقلّ عن 50 مليوناً أي نحو 550 دولاراً، وأعني بذلك عائلة من أربعة أفراد. لكن في المفاوضات لا يُمكن الذهاب إلى تحقيق الرغبات، لأن الرغبات قد تكون ألف دولار للحدّ الأدنى، بينما القطاع الخاص قد لا يستطيع تحمّل هذا المبلغ. لا ننسى أننا خرجنا لتوّنا من حرب، والاقتصاد لم يتعافَ كليّاً بعد والبعض منه ما زال مهدّماً. الاقتصاد اليوم ناشط في بيروت وجبل لبنان لكن ليس في باقي المناطق. لذلك أعتقد أنّه من الأفضل أن نتوصل إلى تسوية ما مع ربط نزاع، ونذهب مع نهاية الصيف إلى زيادة إضافية بعد أن ينتعش الاقتصاد أكثر. وهذا الأمر أفضل علميّاً. لا يمكن أنْ نطلب من أحد إمكانيات أكبر من طاقاته لأنه لن يتمكّن من تأمينها".

ويتابع: "الوزير مصرّ على ذلك، بالإضافة إلى أنّ رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد يتوسط بهذا الدور، ويحصل نقاش ما بين الهيئات والاتحاد العمالي العام من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي ويرعاه رئيس المجلس نبيه بري، وبالتالي نتمنّى أنْ نصل إلى حلّ منصف للطرفيْن".

يختم أبو دياب: "لا بدّ من تنفيذ قانون التقاعد والحماية الاجتماعية لأن من شأنه أن يخفف عبئاً كبيراً عن الاشتراكات والمساهمات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لأن هذا الأمر تتذرّع به الهيئات الاقتصادية بأن الاشتراكات مرتفعة جدّاً، وبالتالي كلما رُفِع الحدّ الأدنى للأجور تزيد الأعباء عليهم في تعويض نهاية الخدمة. وهم محقون بذلك، وبالتالي يجب الإسراع بالمراسيم التطبيقية لقانون التقاعد والحماية الاجتماعية".

رماح الهاشم -نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا