رسائل إسرائيل إلى الشرع بالنار والعصبيات الطائفية.. ورقة الأقلية الدرزية الأوفر حظاً
لم يعد خافيا أن الصراع القائم في سوريا الجديدة بات مكشوفاً أمام أنظار المجتمع الدولي وأن الضربة الثانية التي وجهتها إسرائيل الى سوريا هي بمثابة رسالة واضحة المعالم لكنها أكثر خطورة مما سبقها من ضربات لأنها استهدفت موقعا محاذيا للقصر الرئاسي.
مضمون الرسالة واضح "لن نسمح للقوات السورية بالانتشار جنوب دمشق أو بتشكيل أي تهديد للدروز. وقد سبقت الضربة تحذيرات جاءت على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس حيث قال بالمباشر " أن إسرائيل سترد بقوة في حال لم تحمِ السلطات السورية الدروز. وإذا استؤنفت الهجمات على الدروز وفشِل النظام السوري في منعها، فسترد إسرائيل بقدر كبير من القوة". والسؤال الملح الذي يطرح، ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
في العودة إلى لحظة سقوط نظام بشار الأسد ، بدا واضحا أن إسرائيل لم تخف خيبة أملها، إذ كان الأخير يخدم إسرائيل وينفّذ كل ما تطلبه منه، وإذا لم يفعل كانت تتولى إسرائيل الأمر من دون أي مشكلة.
سقوط نظام الأسد على يد قوات أحمد الشرع لم يرض إسرائيل، إذ اعتبرت أن عملية الإطاحة بالأسد ونظامه تمت على يد "ميليشيات جهادية متشددة وهذا يشكل خطراً على أمنها". لكن وبسبب الظروف الدولية وجدت إسرائيل نفسها ملزمة أميركياً وإقليمياً بالتواصل مع النظام الجديد لفهم ما يمكن أن يكون مستقبل وجود إسرائيل. لكن ما تريده إسرائيل من سوريا يتوضح مع الأيام. فهي تريدها دولة بجيش ضعيف وسلاح خفيف لا سلاح متطورا، وأن يكون نفوذها موازيا لا بل متفوقا على النفوذ التركي في سوريا، وذلك عبر زج نفسها في الصراع القائم داخل سوريا من خلال الأقلية الدرزية. إلا أن هذا التدخل لم يلق ارتياحا في الداخل الإسرائيلي علما أنه لا يزال محصورا بالقصف الجوي. لكن ثمة خشية في الداخل الإسرائيلي من أن تتورط حكومة نتنياهو في هذا الملف تماما كما حصل في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينات وحتى العام 2000 ،خصوصا أن المشهد يوحي وكأن محاولات التدخل في الشأن السوري الداخلي، وتنفيذ غارات شبيهة بالتي شنتها القوات الإسرائيلية منذ يومين على موقع محاذٍ لقصر الشعب ستستمر بهدف زعزعة الإستقرار، وقد ترجم ذلك في توغل القوات الإسرائيلية واستمرار الإنتهاكات في الجنوب السوري وتحديدا القنيطرة وريفها بشكل متعمد.
الكاتب والمحلل الجيوسياسي الدكتور جورج أبوصعب يقرأ في أحداث سوريا وتطوراتها في الجنوب ويقول لـ"المركزية" "سوريا اليوم تعيش حالة مخاض في ظل المرحلة الإنتقالية. وتضاف إليها عملية شد حبال بين إسرائيل وتركيا على الساحة السورية. فإسرائيل وبدعم أميركي لن تسمح لتركيا ببسط نفوذها في سوريا، وبالتالي تحاول أن توصل إلى النظام السوري الجديد رسالة سياسية وأمنية مفادها أن ثمة خطوط حمراء ممنوع تخطيها ومن ضمنها الخط الأحمر الدرزي إذ يهمها دروز سوريا كما دروز إسرائيل. وعليه ، فهي تريد أن يكون لديها وضع مستقل ومنفصل عن دمشق، وهذا ما يتم رسمه من خلال إسرائيل بالنار وتعزيز الميليشيات المنفصلة عن نظام دمشق".
الغارة الإسرائيلية التي استهدفت موقعاً محاذياً لقصر الشعب جاءت أضرارها مادية. لكن النتائج لا توحي بالإيجابيات على المدى البعيد، إذ جاءت بعد اشتباكات بين قوات الأمن السوري وسكان من الطائفة الدرزية في صحنايا ما أدى إلى سقوط قتلى. سبقتها اشتباكات مماثلة في حي جرمانا في دمشق، حيث يتمركز أيضاً سكان دروز، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى. وعلى رغم التوصل إلى "اتفاق مبدئي" لوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا، وتشكيل لجنة مشتركة لحل أزمة التوترات الأمنية في المنطقتين، لا يزال أمن سوريا على المحك. فهل يمكن أن تسيطر الفوضى على الداخل السوري وصولا إلى عدم قدرة الشرع على ضبطها والإمساك بزمام الأمور؟
يقول أبو صعب "هناك سباق في سوريا بين مشروعين :توحيدها ويقوده الخليجيون وتفتيتها ووراءه إسرائيل إذ تسعى إلى تقسيم سوريا من خلال ورقة الأقليات،علما أن النظام السوري استلحق نفسه بالورقة الكردية من خلال الإتفاق الذي وقعه الشرع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية في 10 آذار الماضي ونص على وقف إطلاق النار واندماج قواتها ضمن مؤسسات الدولة.وبذلك ضمِن عدم انفصال هذه القوات عنه".
حتى الآن لم يحسم الأميركي أمره مما يحصل في سوريا على يد القوات الإسرائيلية، علما أنه الداعم الأول فهل يقف إلى جانب السلطة الجديدة ويدعمها أم لا؟ "الإحتمال الثاني لا يزال الأكثر ترجيحا بدليل أن الولايات المتحدة لم ترفع العقوبات بعد عن سوريا مما يعني أن واشنطن -ترامب لا تزال تدرس الموقف الواجب اتخاذه من الرئيس السوري أحمد الشرع. وهذا الواقع يساعد إسرائيل على تحصيل أكبر قدر ممكن من الأوراق في سوريا".
خلاصة الكلام، الرسالة الإسرائيلية واضحة "وعلى الشرع أن يراعي مصالح إسرائيل مع الأقليات في سوريا، وأن ياخذ في الاعتبار حسابات المصالح الإسرائيلية في الداخل، ومن أبرزها الأقلية الدرزية في سوريا".
ويعود أبو صعب إلى مرحلة نظام الأسد حيث كانت هناك اتفاقيات حدود وفصل بين سوريا وإسرائيل ساهمت في حفظ الأمن في الجولان. لكن بعد سقوط الأسد أعيد خلط أوراق كل الإتفاقيات واعتبرت ساقطة، مما يعني ضرورة توقيع أخرى جديدة في ما يتعلق بجنوب سوريا والحدود مع إسرائيل في خضم هذه المعمعة. والأكيد أن إسرائيل لن توقف اعتداءاتها على سوريا إلا عندما تصل إلى اتفاق مع سوريا وفق ما كانت عليه قبل العام 1974" يختم أبو صعب.
المركزية- جوانا فرحات
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|