وساطة أمريكية لمنع الاشتباك بين أنقرة وتل أبيب في سوريا
كشفت مصادر دبلوماسية غربية ذات صلة بالملف السوري عن وساطة أمريكية نشطة تتم الآن بين إسرائيل وتركيا من أجل "تقنين العلاقات التنافسية بينهما في سوريا وعليها".
وكانت الأشهر الخمسة الماضية التي تلت سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر كانون الأول 2024، شهدت تنافسًا متصاعدًا بين تركيا وإسرائيل، لـ"تعبئة الفراغ" في سوريا، في ظل حالة اللايقين التي تصاحب المرحلة الانتقالية.
ومع أن الوجود العسكري التركي في شمال سوريا قديم ويعود إلى العام 2016، حيث بدأ بعملية "درع الفرات" الهادفة لمنع قيام كيان كردي مستقل، وتوسع بعد اتفاق سوتشي في مارس آذار 2020، فإن الحكومات الإسرائيلية في السابق لم تكن تعترض على هذا الوجود التركي، كما تفعل الآن.
وبينما تنفذ إسرائيل حملات جوية ضد العديد من المحافظات في سوريا بذريعة منع نقل الأسلحة وتأمين حدودها الجنوبية وأيضًا بدعوى حماية الطائفة الدرزية، فقد تنامى التنافس الإسرائيلي التركي في الفضاء السوري، مرفقًا بتصريحات متبادلة وتوترات عسكرية أثارت مخاوف من صدام مباشر.
المصادر الدبلوماسية الغربية التي كشفت لـ"إرم نيوز" عن وساطة أمريكية تجري الآن بين إسرائيل وتركيا لمنع أي صدام محتمل، تستحضر حادثين وقعا في الأيام القليلة الماضية واستوجبا المباشرة الجدية بتقنين هذه "العلاقة الحرجة".
وكان مقررًا أن يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أذربيجان، في السابع من شهر مايو/أيار الجاري، إلا أن هذه الزيارة ألغيت دون الإعلان عن موعد جديد، وسط أنباء عن أن السبب هو رفض تركيا السماح لطائرته بعبور مجالها الجوي.
وقبل ذلك بأيام، وتحديدًا مساء الجمعة 2 أيار الجاري، وقعت مُواجهة غير مسبوقة بين الطيران الحربي التركي والإسرائيلي داخل الأجواء السورية، كان يمكن أن تتفاقم.
أثناء شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات عنيفة استهدفت مواقع عدّة في مُحيط دمشق وحماة، قامت طائرات تركية من طراز F-16 بدخول الأجواء السورية بالتزامن مع الغارات الإسرائيلية، ونفذت طلعات استطلاعية فوق مناطق العمليات، تحديدًا في المناطق التي كانت تشهد هجومًا إسرائيليًا واسعًا على 8 أهداف، من بينها مواقع تابعة لفصائل سورية مدعومة من أنقرة، أبرزها "لواء السلطان مراد" و"لواء سليمان شاه".
واستخدمت المقاتلات التركية أنظمة الحرب الإلكترونية لإطلاق إشارات تحذير باتجاه الطائرات الإسرائيلية، فيما جرى اتصال لاسلكي قصير بين الطرفين، دون أن يتطوّر الموقف إلى اشتباك مباشر، حيث حرص الجانبان على تجنّب التصعيد.
وعلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الحادثة بالقول "العالم أكبر من إسرائيل، وعليه إخماد كرة اللهب هذه التي تحاول إشعال النار في أرجاء المعمورة".
أمر طبيعي
وتعقيبًا على معلومة دخول الولايات المتحدة على خط الوساطة بين إسرائيل وتركيا لتقنين علاقتهما داخل الأراضي السورية، يرى المحلل السياسي جهاد نويّر في ذلك أمرًا طبيعيًا في ظل موافقة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مبدأ المرابطة العسكرية التركية وكذلك الإسرائيلية في سوريا الجديدة.
ويستذكر نويّر أن موضوع الوساطة الأمريكية بين أنقرة وتل أبيب كان قد جرى التطرق له في لقاء ترامب ونتنياهو بالبيت الأبيض في الثامن من الشهر الماضي. ويومها دعا ترامب نتنياهو علنا إلى "حل مشاكله" مع الرئيس التركي أردوغان، و"التصرف بعقلانية".
أبعاد سياسية
ويصف المحلل برهان بني الشيخ، في قراءته لحيثيات ومآلات الصراع الإسرائيلي التركي على النفوذ في سوريا، التصعيد الأخير في هذا الصراع بأن له أبعادًا سياسية أكثر من كونها عسكرية.
وقال بني الشيخ، في حديث لـ"إرم نيوز"، إن كلًا منه تركيا وإسرائيل تعمل على إرساء معادلة عسكرية جديدة في سوريا كأمر واقع.
وأضاف: "في حين تقوم إسرائيل بخلطة من الاختراقات العسكرية مصحوبة بتأجيج طائفي من شأنه إضعاف النظام الجديد والإبقاء عليه مستنزفًا، فإن تركيا في رعايتها العسكرية والسياسية للنظام الجديد ترى أن النهج الإسرائيلي يتجاوز استنزاف النظام السوري وصولًا إلى تهديد الأمن التركي".
لكنه استبعد حدوث تصادم مباشر بين تركيا وإسرائيل. ورجح أن يتواصل التصعيد السياسي الحالي وصولًا إلى ضمان أن يقبل النظام الجديد في دمشق عملية تطبيع رسمية مع إسرائيل تعقب الإعلان عن اتفاق عسكري استراتيجي بين دمشق وأنقرة يجري البحث فيه حاليًا، متضمنًا قاعدة عسكرية في "التيفور"، أو أكثر من قاعدة.
ويرجح أن يتم في وقت قريب بناء آلية إنذار مبكر بين القوات الإسرائيلية والتركية المتواجدة في سوريا منعًا لأية أخطاء أو احتكاكات جوية خارجة عن السيطرة.
ولهذه الآلية من الإنذار المبكر مثال في الاتفاق الروسي الإسرائيلي الذي كان قد عقده نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأشار بني الشيخ إلى أنه نتيجة انقطاع التواصل الدبلوماسي بين تركيا وإسرائيل في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، فإنه لا يوجد خطُّ تواصل مباشر بين البلدين، كما لا يوجد خط اتصال دبلوماسي مباشر بين دمشق وتل أبيب؛ ما يجعل الوسيط الأمريكي هو الحل، ويجعل واشنطن ضامنًا لأي ضوابط تقنين للوجود العسكري الإسرائيلي والتركي في سوريا.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|