الصحافة

لبنان يستعيد مكانته السياحية… ووزيرة السياحة لورا لحود: “نعمل على تأمين سلامة السياح وإعادة لبنان إلى الخريطة السياحية”

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من الواضح أنّ عودة الإماراتيين إلى لبنان ليست مجرّد حدث عابر، بل فرصةً ذهبيةً للبنان لإعادة بناء قطاعه السياحي، على أسسٍ جديدةٍ أكثر أمنًا وتنظيمًا، فالزّائر الخليجي، وعلى رأسه الزّائر الإماراتي، لطالما شكّل ركيزةً أساسيةً في السياحة اللبنانية من حيث الإنفاق، والثقة، والاستثمار في الإقامة والخدمات.

كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:

بعد سنواتٍ من الغياب، يعود الأمل إلى القطاع السياحي اللبناني مع الإعلان الرّسمي عن رفع الحظر عن سفر المواطنين الإماراتيين إلى لبنان، ممّا منحه دفعةً قويةً ومُبشّرةً لاقتصادٍ كان بأمسّ الحاجة إلى بصيص نور. ومع وصول طلائع الزوّار القادمين من دولة الإمارات إلى مطار رفيق الحريري الدولي، كانت المشاعر مختلطةً بين الفرح والحنين والدهشة.

لطالما كانت العلاقات بين لبنان ودول الخليج، وخصوصًا الإمارات، متينةً وقويةً. ففي سنواتٍ مضت، كان لبنان يمثل وجهةً سياحيةً مفضلةً للعديد من الزوار الخليجيين، الذين كانوا يتوافدون إلى بيروت طوال العام. وكان الإماراتيّون من أبرز الزوّار، حيث كانت العاصمة اللبنانية تستقبل الآلاف منهم سنويًا، سواءً في مواسم الشتاء أو الصيف. وقد شكّل هؤلاء جزءًا أساسيًا من الحركة السياحية، إذ كان لبنان بمثابة ملاذٍ لهم للاستمتاع بأجوائه الخلّابة، ومطاعمه الفاخرة، وأسواقه المميّزة، بالإضافة إلى الحياة الليليّة النابضة بالحيوية.

ولم تقتصر أهمية السياح الخليجيين على العدد الكبير فحسب، بل كانوا الأكثر إنفاقًا من بين جميع السياح في لبنان، فنفقاتهم كانت تشكّل حافزًا رئيسيًا للعديد من القطاعات الاقتصادية اللبنانية، من الفنادق الفاخرة والمطاعم الرّاقية، إلى التسوّق والسياحة الترفيهية.

لكن مع بداية العقد الثاني من الألفية، وتحديدًا بعد عام 2010، بدأت الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان والمنطقة تؤثّر بشكلٍ واضحٍ في السياحة، لا سيما الخليجية. فقد تصاعدت الأحداث الأمنية في لبنان، إلى جانب الأزمات السياسية التي عصفت بالبلاد، مما أدّى إلى تراجع أعداد الزوار من دول الخليج، بما في ذلك الإمارات. فبعد أن كانت أعداد الزوّار الإماراتيين تتجاوز 50 ألف سائحٍ سنويًا قبل هذه الفترة، شهدت الأرقام تراجعًا ملحوظًا، إذ انخفضت في بعض السنوات لتصبح شبه معدومة. هذا التراجع أثّر بشكلٍ كبيرٍ في الاقتصاد اللبناني الذي كان يعتمد بشكلٍ رئيسيّ على السياحة الخليجية.

اليوم، مع عودة الزوّار الخليجيين، يمثّل هذا أكثر من مجرّد استئناف حركة السياحة؛ إنّه عودة الأمل إلى لبنان كوجهةٍ سياحيةٍ رائدةٍ في المنطقة، وفرصةٍ جديدةٍ لانتعاش الاقتصاد اللبناني. فبعودة هؤلاء الزوّار، الذين لا يقتصر تأثيرهم في الأعداد فقط بل يشمل أيضًا إنفاقهم الكبير، يُتوقّع أن يشهد لبنان انتعاشًا ملحوظًا في مختلف القطاعات.

سائح إماراتي: لم أزُر لبنان منذ 2003… واليوم لا أصدّق أنني عدت

خلال جولةٍ في مطار رفيق الحريري الدولي، التقى فريقنا أحد الزوّار الإماراتيين، الذي لم يتمكّن من إخفاء سعادته العارمة بعودته إلى لبنان بعد غيابٍ طويلٍ، إذ قال: “لم أزُرْ لبنان منذ عام 2003، واليوم لا أصدّق أنني عدت. على الرَّغم من أنّني زرت العديد من البلدان حول العالم، إلّا أنّ للبنان محبة خاصة ومكانة فريدة في قلبي”.

وأضاف: “بمجرّد سماعي عن رفع الحظر، سارعت إلى الحصول على تأشيرة السفر. أشكر السلطات الإماراتية والجهات اللبنانية على هذه الخطوة الهامّة التي سمحت لنا بالعودة. كإماراتي، سأستمتع بكل الأنشطة السياحية التي أحبّها في لبنان. وأدعو جميع الإماراتيين إلى زيارة لبنان في أقرب فرصة، فلبنان مميّز بطقسه الرائع، وشعبه الكريم، وأجوائه المفعمة بالحياة، وأنشطته المتنوعة، ومطاعمه الشهية”.

هذا التصريح لا يعكس فقط انطباعًا شخصيًا، بل يُجسّد الروابط الأخوية العميقة التي تجمع الشعبيْن اللبناني والإماراتي، والتي تعود إلى تاريخٍ طويلٍ من التعاون والثقة المتبادلة بين البلديْن.

وزارة السياحة تتحرّك: خطة شاملة لتعزيز الأمن والصورة الإيجابية

من جهتها، أكدت وزيرة السياحة اللبنانية، لورا لحود، في حديثٍ خاصٍ لـ”هنا لبنان”، أنّ الوزارة لا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التطوّر الإيجابي الذي يشهده القطاع السياحي اللبناني، بل إنّها أطلقت خطةً شاملةً بالتنسيق مع وزارات الداخلية، الدفاع، الأشغال والنّقل، تهدف إلى تعزيز الوضع الأمني والصورة الإيجابية للبنان في الخارج.

وقالت الوزيرة لحود: “نعمل على خطةٍ شاملةٍ تضمن سلامة ورفاهيّة السياح العرب في لبنان، وخصوصًا في المناطق السياحية. نولي أهميةً خاصةً لتأمين مطار بيروت الدولي وحماية الوافدين منذ لحظة وصولهم إلى أرض لبنان، لأنّ سلامة الزوّار تعدّ أولويةً بالنسبة لنا”.

وأضافت: “نحن واثقون تمامًا من كرم اللبنانيين وحسْن استقبالهم للسياح، وهذا ما لا يقلقنا على الإطلاق. اللبنانيّون معروفون بترحيبهم الحارّ وسعة صدرهم، ويستقبلون الزوّار بكل حبّ”.

وأشارت الوزيرة إلى أنّ “تركیزنا اليوم ينصبّ على تحسين صورة لبنان في الخارج، ونسعى إلى استغلال كلّ المميزات التي يتمتّع بها بلدنا، من مناظر طبيعية خلابة إلى ثقافة غنية وأجواء ترحيبية، لإعادة لبنان إلى واجهة السياحة العالمية والعربية. هذه الخطوات التي نتّخذها الآن تهدف إلى إعادة لبنان إلى خريطة السياحة العالمية، وجعل لبنان وجهةً أولى للسياح، خصوصًا من دول الخليج التي لطالما كانت أساسيةً في دعم القطاع السياحي”.

وأضافت لحود أنّ الوزارة بصدد إطلاق حملات إعلامية وترويجية تهدف إلى تصحيح الانطباعات السلبيّة التي قد تكون تشكّلت في السابق، وتعريف العالم بالواقع الحالي للبنان، مؤكدةً أنّ لبنان هو بلد الأمان، الجمال، والضيافة.

هل السعودية على الطريق؟

وسط هذه الأجواء الإيجابية، تتحدّث مصادر سياسية وسياحية عن تحرّكات جدية، بدعمٍ من رئاسة الجمهورية اللبنانية، تهدف إلى رفع الحظر عن سفر السعوديين إلى لبنان في الفترة القريبة المقبلة. وفقًا لهذه المصادر، هناك جهودٌ مستمرةٌ، سواءً على الصعيد الحكومي اللبناني أو من خلال التنسيق مع السلطات السعودية، لتعزيز الثقة المتبادلة بين البلديْن وضمان عودة السياح السعوديين إلى لبنان في أقرب وقت ممكن.

وأكّدت المصادر أن الجهود اللبنانية والسعودية قد شهدت تقدمًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة، مع التركيز على تحسين الوضع الأمني في لبنان وتعزيز التواصل بين المسؤولين اللبنانيين والسعوديين لضمان استقرار الوضع في البلاد.

وقالت مصادر مطّلعة أنّ رفع الحظر عن سفر السعوديين يعدّ خطوةً حاسمةً في إعادة الزّخم السياحي الخليجي إلى بيروت، وهو ما سيكون له تأثير كبير في الاقتصاد اللبناني الذي يعوّل بشكلٍ كبيرٍ على السياحة الخليجية. في حال تحقّق هذا التطوّر، فإنّ ذلك سيفتح الباب أمام مرحلةٍ جديدةٍ من الانتعاش السياحي في لبنان، حيث يُتوقّع أن يعود السعوديون بقوّة إلى لبنان، ليشكلوا جزءًا أساسيًا من الحركة السياحية.

وتُعتبر هذه الخطوة بمثابة رسالةٍ قويةٍ عن قدرة لبنان على استعادة مكانته كوجهةٍ سياحيةٍ رائدةٍ في المنطقة، وأيضًا تأكيدًا على أنّ البلد قادر على التعامل مع التحدّيات التي قد تطرأ، والعمل على إعادة الثّقة فيه كوجهةٍ آمنةٍ ومزدهرةٍ. إنّ تحسن العلاقات السياحية بين لبنان والسعودية سيعود بالفائدة على البلديْن، ويؤسّس لمرحلةٍ جديدةٍ من التعاون الاقتصادي والسياحي المتبادل.

من الواضح أنّ عودة الإماراتيين إلى لبنان ليست مجرّد حدث عابر، بل فرصةً ذهبيةً للبنان لإعادة بناء قطاعه السياحي، على أسسٍ جديدةٍ أكثر أمنًا وتنظيمًا، فالزّائر الخليجي، وعلى رأسه الزّائر الإماراتي، لطالما شكّل ركيزةً أساسيةً في السياحة اللبنانية من حيث الإنفاق، والثقة، والاستثمار في الإقامة والخدمات. إنّه لبنان الجديد، كما وصفه الكثيرون، لبنان الذي يتعافى، يتجدّد، ويستقبل أهله العرب بترحابٍ طال انتظاره.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا