الجيش الإسرائيلي يتحدّث عن "سقوط ذخائر" وهبوط "غير آمن" في الشمال
بصراحة… بقلم جوزف عون
مرّ حديث رئيس الجمهورية بهدوء مع الزميل الأستاذ عماد الدين أديب من “سكاي نيوز عربية”. لكنّ استعادة ما قاله تُظهر أنّه كان حاسماً وجازماً، وليس فقط صريحاً، في مسألة السلاح والدبلوماسية.
عنوان هذا المقال “مسروقٌ” من العنوان الأسبوعي الثابت لمقالة أهمّ كاتب عربي راحل هو محمد حسنين هيكل. “بصراحة” كان عنوان عموده خلال الفترة الناصريّة أثناء رئاسته تحرير جريدة “الأهرام”، وما بعدها.
يصحّ على حديث رئيس الجمهورية جوزف عون مع الزميل الأستاذ عماد الدين أديب، عنوان “بصراحة”. أوّلاً بسبب الهوى المصريّ في حضور أديب وتاريخه. وثانياً بسبب الصراحة الكبيرة التي انتهجها الرئيس في حديثه.
كان الحديث الأكثر صراحةً منذ خطاب القسم. وكان الرئيس مرتاحاً وهو يجلس في قصر الرئاسة. على خلاف جلسة انتخابه، حيث كان التوتّر سيّد الموقف، وعدّ الأصوات، ودخوله مجلس النواب على وقع التصفيق ورهبة الموقف.
منذ بداية المقابلة كانت الأسئلة “قاسية”. على ما حذّره أديب منذ اللحظات الأولى. لكنّ جوزف عون رسم معادلة لا تحتمل اللبس. وهي أنّ الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لتحرير الأرض، ولبناء الدولة. وأنّ السلاح بات من الماضي.
استحالة التّوازن العسكريّ مع إسرائيل
“مواجهة إسرائيل تفرض توازناً استراتيجيّاً لأنّ التوازن العسكري غير قابل للتحقيق”. هكذا وبكلّ وضوح وصراحة قالها. وأضاف، بعيداً عن الإنشاء والمجاز: “الجيش يملك إرادة صلبة وإيمانه بقضيّته وبلبنان، وهذا أهمّ سلاح”. وهذه الجملة تحديداً هي صلب المعادلة الجديدة التي تحمي لبنان.
قرى الشريط الحدودي التي لا وجود فيها لـ”الحزب”، والتي كان الجيش موجوداً فيها، بقيت محميّة. ولم تتعرّض للقصف. وهي القرى ذات الأكثريّات المسيحية والدرزية والسنّيّة. أمّا القرى غير الشيعية التي كان “الحزب” موجوداً فيها، فقد تعرّضت للقصف والتدمير، مثل كفرشوبا وبعض من شبعا، في العرقوب على حدود سوريا وفلسطين.
إسرائيل لا تحترم توقيعها
كان الرئيس جوزف عون حاسماً في عدائه لإسرائيل، ووقوفه على رأس دولة تعتبرها معتدية وظالمة، حين قال إنّ إسرائيل هي التي تعرقل انتشار الجيش في الجنوب بسبب “استمرارها في احتلال النقاط الخمس، التي لا تحمل أيّ قيمة عسكرية استراتيجيّة”. ولم يخفِ جهوده الدبلوماسية لإخراج إسرائيل “لاستكمال انتشار الجيش على الحدود ويصبح حينها المسؤول الوحيد عنها. لكن للأسف لم نلقَ تجاوباً، وهناك أكثر من 3 آلاف خرق للاتّفاق كان آخرها الغارة على بيروت”.
على الرغم من ذلك، وبالأرقام، أعلن أنّ “الجيش اللبناني يقوم بواجبه كاملاً جنوب الليطاني، وقد أنجز نحو 80% إلى 85% من مهمّته”.
الرئيس عون الذي قرأ الوقائع بعين القائد العسكري والسياسي المُجرِّب، لخّص التوازن الممكن بعبارات دقيقة. فأوضح مراراً وتكراراً أن لا حلّ إلّا بالدبلوماسية. لأنّ الخيار الآخر هو “أن نعود إلى الحرب”.. و”اللبناني تعب من الحرب، ولم يعد يريد سماع لغة الحرب”.
شمال اللّيطاني أيضاً
بعيداً عن النقاشات العقيمة في الداخل اللبناني، وضع الأساس للحلّ: “الدولة جسم واحد: رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس النوّاب، وكلّنا متّفقون ونعمل على خطّ واحد، والحلّ هو الخيار الدبلوماسي، ولا نرغب في سماع كلمة الحرب”.
حول سحب سلاح “الحزب”، كان حاسماً: “الأمر يتعلّق بسحب السلاح من كلّ الأراضي اللبنانية، لكنّ الأفضليّة هي للجنوب”. وهناك سبب لـ”البدء” من هناك، وهو “نزع فتيل المشكلة على الحدود، وفي مرحلة لاحقة سنعمل شمال الليطاني”. ولم ينسَ التذكير بأنّ “هناك ستّة مخيمات تمّ تفكيكها شمال الليطاني ومصادرة ما وُجد فيها من أسلحة”.
كشف أنّه على الرغم من قدرات الجيش وإمكاناته المتواضعة، “يقوم بواجبه ويفتّش مخازن في بيروت والدامور والنبطية، وقبله في البقاع والهرمل”.
محاربة الفساد… وإعادة الإعمار
أمّا في الملفّ الاقتصادي، فلم يتردّد في تشخيص الداء: “الفساد تحوّل إلى ثقافة للأسف. وبما أنّه لا توجد محاسبة فسيبقى مستشرياً، لذلك لا بدّ من التركيز على القضاء… كلّ الإجراءات اليوم هدفها إعادة بناء الثقة بين اللبناني والدولة، وبين الدولة والمجتمعين الدولي والعربي”.
في حديثه عن الصعوبات اليوميّة التي يواجهها الجيش، استعاد الرئيس عون تجربته. وذكّر بأنّ الجيش يمارس عمله في أصعب الظروف، حتّى في ظلّ غياب الطعام أحياناً. فـ”خلال الحرب، هناك وحدات في الجنوب كانت تنتظر يومين لتصل إليها وجبات الطعام… وأغلبها معلّبات ووجبات ناشفة. هذا ما يتدرّب عليه العسكري لمواجهة الظروف القاسية”. وسأل: “لماذا تُبنى الجيوش؟”. وأجاب بحسم: “تُبنى للظروف الصعبة”.
ختم مطمئناً أهل الجنوب إلى أنّ “الدولة هي المسؤولة عن إعادة الإعمار، لكنّها لا تملك الإمكانات حاليّاً. من هنا تأتي الإصلاحات لكسب ثقة المجتمعين العربي والدولي ليستثمروا ويشاركوا في إعادة الإعمار”، مؤكّداً أنّ “المسح والدراسات أُنجزت، ومجلس الإنماء والإعمار سيتولّى التنفيذ عند توافر الظروف”.
هكذا رسم صورة واقعية، تعترف خلالها الدولة بالمسؤوليّة، وتطلب التعاون لإنجاز الشروط لدخول مرحلة إعادة الإعمار.
هكذا خطّ جوزف عون رؤيته. لا بل سياسته المتكاملة، بلغة هادئة لكن حاسمة… ليقول للعالم وللداخل: الدولة وحدها هي الحلّ، والسلاح الأقوى هو إرادة الجيش ومصلحة الوطن العليا. والدبلوماسية هي السبيل الوحيد للتحرير.
محمد بركات -اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|