الصحافة

الجيش السوري الناشئ: الأجانب ليسوا كلّ المشكلة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في وقت يتم فيه التركيز على ملف المقاتلين الأجانب، والذين يعمل الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، على دمجهم في الجيش الناشئ، بعد منح رتب عسكرية لعدد منهم، تطفو على السطح أزمة أخرى تتعلق بهيكلية هذا الجيش، ربطاً بالشخصيات التي يتم تسليمها مهام قيادية فيه، الأمر الذي يزيد من تعقيد هذا الملف. وشكّل المقاتلون الأجانب، والذين تختلف التقديرات حول عددهم (بعضها يشير إلى وجود 30 ألف مقاتل) في الفترة الأخيرة، أحد محاور النقاش بين الشرع وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي اشترطت على الأول إبعاد المسلحين المتشددين، والمساعدة في «محاربة الإرهاب»، من ضمن قائمة تضم 6 شروط أخرى، للانفتاح على الحكومة التي لا تزال واشنطن ترفض الاعتراف بها.

وفور وصوله إلى السلطة، بعد حل الجيش، منح الشرع رتباً عسكرية لنحو 55 شخصاً، بينهم عدد من الأجانب، بهدف تشكيل أساس لبناء جيشه الجديد. ومن بين المسلحين الأجانب الذين تم منحهم صفة ضباط في الجيش (بعضهم مصنّف على قوائم الإرهاب)، الألباني عبدل بشاري، الذي يقود منذ سنوات «جماعة الألبان» التي كانت تنشط في شمال غرب سوريا، والتركي عمر محمد جفتشي، والمصري علاء محمد عبد الباقي، المطلوب لمحكمة الإرهاب المصرية، وعبد العزيز داوود خدابردي الذي ينحدر من الأقلية التركستانية في الصين، وكانت تربطه صلات بتنظيم «القاعدة»، والطاجيكستاني مولان ترسون عبد الصمد، والأردني عبد الرحمن حسين الخطيب الذي مُنح رتبة عميد، بالإضافة إلى «ذو القرنين» زنور البصر عبد الحميد الملقب بعبدالله الداغستاني، وهو قائد «جيش المهاجرين والأنصار».

في ظل المخاوف المتزايدة من وصول شخصيات متشددة إلى مراكز متنفّذة في سوريا، تسبّبت هذه التعيينات بضجّة عالمية، وسط محاولات عديدة من قبل الشرع لتبرير هذا الإجراء بأنه عملية «حل للفصائل وبناء لجيش جديد»، وتعهدات بعدم تشكيل المتشددين أي تهديدات للجوار، وبشكل خاص إسرائيل. وعلى خلفية ذلك، تُطرح تساؤلات عديدة حول توجهات الجيش الناشئ، في ظل تسليم مناصب لشخصيات متهَمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وبعضها مصنّف على «لوائح الإرهاب» الأميركية.

ومن أبرز هذه التعيينات، جاء تسليم محمد جاسم، المعروف بـ«أبو عمشة»، قائد فصيل «السلطان سليمان شاه»، قيادة «الفرقة 25» في المنطقة الوسطى بعد منحه رتبة عميد. وتلاحق العميد الجديد تهم تتعلق بارتكاب جرائم في عفرين ضد الأكراد، وفي الساحل السوري ضد الأقلية العلوية، وذلك خلال موجة المجازر التي ضربت الساحل في السادس من شهر آذار الماضي.

وإلى جانب «أبو عمشة»، تم تعيين قائد فرقة الحمزة، المعروفة بـ«الحمزات»، سيف الدين بولاد (سيف أبو بكر)، قائداً لـ«الفرقة 76»، على الرغم من إدراج اسمه وفصيله على لوائح العقوبات الأميركية بدعوى ارتكاب انتهاكات في عفرين، من بينها اختطاف مدنيين وابتزاز عائلاتهم. كذلك، تم تعيين فهيم عيسى، قائد «فرقة السلطان مراد»، نائباً لوزير الدفاع وقائداً للمنطقة الشمالية، علماً أن بولاد وعيسى يرتبطان بعلاقات وثيقة مع الاستخبارات التركية وشركة «صادات» الأمنية التركية، والتي تقوم بتصدير مرتزقة نحو بؤر توتر عديدة في العالم، بينها ليبيا وأذربيجان.

كما تمّ تعيين أسماء عديدة أخرى في مناصب قيادية في الجيش الناشئ، بينهم: دوغان سليمان، قائد «فرقة السلطان محمد الفاتح»، المتهم بارتكاب انتهاكات في عفرين، والذي تسلّم قيادة أحد الألوية ضمن «الفرقة 72»، التي تنشط في منطقتَي عفرين والباب، والقيادي في «فرقة السلطان مراد» عرابة إدريس (أبو غازي)، الذي تم تعيينه في منصب قيادي في «الفرقة 52»، وارتبط اسمه بعمليات تجنيد المرتزقة بشكل مباشر وإرسالهم إلى ليبيا والنيجر.

وجاء آخر التعيينات المثيرة للجدل لقائد فصيل «أحرار الشرقية»، أحمد الهايس (أبو حاتم شقرا)، الذي تم منحه رتبة عميد، وبات قائداً لـ«الفرقة 86» التي تنشط في المنطقة الشرقية وتشمل محافظات دير الزور والرقة والحسكة، وهي المناطق التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ضمن سلطة «الإدارة الذاتية». وخاض «أبو حاتم شقرا» على مدار سنوات معارك عديدة مع «قسد»، الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة حول سبب تعيينه بالتزامن مع مساعي الشرع لضم القوات الكردية إلى صفوف جيشه الناشئ عبر اتفاقية قام بتوقيعها مع قائد «قسد»، مظلوم عبدي.

إلى جانب ذلك، يعتبر «أبو حاتم شقرا» إحدى الشخصيات المُدرجة على لوائح الإرهاب الأميركية، بسبب تورطه في جرائم خطف وقتل وتعذيب، بالإضافة إلى مصادرة ممتلكات مدنيين في مناطق عدة، أبرزها عفرين ورأس العين. ومن بين التهم الموجهة إليه، ضلوعه في قتل السياسية الكردية السورية هفرين خلف، الأمينة العامة لحزب «سوريا المستقبل»، ومرافقيها، أثناء عملية توغل فصائل المعارضة في رأس العين عام 2019.

وفي أول ردّة فعل أميركية على تعيين الهايس، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس، خلال مؤتمر صحافي، إن «قرار السلطات بتعيين هذا الشخص، الذي يمتلك سجلّاً طويلاً من انتهاكات حقوق الإنسان وتقويض مهمة هزيمة تنظيم داعش، في منصب رسمي، هو خطأ جسيم لا تدعمه الولايات المتحدة». وتابعت أن «الوضع في سوريا تحت المراقبة الدائمة والعمل المستمر، ونتعامل مع كل تطور بجدية، سواء كان تراجعاً، وهو أمر لا ندعمه كما ذكرت، أو كان مؤشراً إلى تحرك في اتجاه نؤيده».

ويأتي هذا الجدل حول هيكلية الجيش الناشئ، في وقت يحاول فيه الرئيس الانتقالي توسيع قنوات التواصل مع الولايات المتحدة، وتقديم مغريات اقتصادية لترامب. غير أنه يصعب الحسم في نجاح الأمر، في ظل تمسّك الشرع بسياسته حول تشكيل الجيش، وتبنّيه للمقاتلين الأجانب، واستمرار حالة الفوضى الأمنية، وعمليات القتل والخطف على خلفية طائفية.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا