معراب تخضع لـ"معادلة باسيل" في البترون: فوز هزيل لـ"القوات" في بشري
رغم نزول قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع شخصياً «على الأرض» في بشري قبل يومين من موعد الانتخابات البلدية في محافظتي الشمال وعكار أمس، واتصاله بناخبين وزيارة آخرين، أظهرت نسب الاقتراع المتدنية في المدينة (35%) والقضاء (31.93%) فشل «القوات» في تحويل الاستحقاق إلى استفتاء على شعبيتها كما أرادت ذلك. فعادة ما تكون حماسة الناخبين للانتخابات البلدية مضاعفة عنها في الانتخابات النيابية لارتباطها مباشرة بالعائلات والأقارب، إلا أن عدم حماسة الناخبين البشرانيين ربما يرتبط بعدم قدرة القوات على إعداد لائحة تقنعهم، رغم أنها في نهاية النهار فازت كاملة.
وقد بدا التوتر واضحاً على النائبة ستريدا جعجع قبل دخولها إلى مركز الاقتراع حيث سمّت خصومها بـ«المتنطّحين» وردّدت ذلك 5 مرات، في إشارة إلى الإعلامي رياض طوق الذي ترشّح في لائحة سمّتها جعجع بلائحة «الممانعة» تضمّه وناشطين بيئيين وأعضاء ينتمون إلى مجموعة «شمالنا» برئاسة رولان طوق المنسّق السابق للقوات في بشري. وكانت زيارة رئيس حزب القوات إلى القضاء، والتي لم يقم بمثلها في الانتخابات النيابية، مؤشّراً إلى خشية قواتية حقيقية من الخرق.
الفشل الثاني كمن في توقّعات جعجع لدى دخولها إلى قلم الاقتراع ببلوغ نسبة التصويت للقوات بين 60 و 65%، في قضاء يُفترض أن يكون قواتياً صرفاً، ما يسقط السردية القواتية بأن تأييد الحزب ساحق في كل لبنان، ما دامت نسبة التأييد في معقل جعجع لا تتعدى ثلثين مقابل ثلث لخصومها. وثمة ملاحظة هنا تتعلق بطريقة عمل القوات، فنيابة وليم طوق لم تزعج ستريدا طالما أن خصومته هادئة بقدر ما أوجعتها المواجهة مع طوق ورفعه صوته فوق صوتها.
الكورة: الأمر ليس للقوات
من معقل القوات إلى ما يعتبره القواتيون الامتداد السياسي لبشري حيث نسجت معراب التي تتهم خصومها في بشري بأنهم «ممانعة» تحالفات لا تشبه خطها السياسي العام مع القوميين والمردة. وقضاء الكورة كان إلى ما قبل أشهر قليلة ماضية المساحة الآمنة للحزب في الشمال، نظراً إلى مشكلة «القوات» مع تيار المستقبل في طرابلس ومع تيار المردة وميشال معوض في زغرتا وجبران باسيل ومجد حرب في البترون. وتركيز معراب على الكورة ليس جديداً، بل يعود إلى أكثر من 20 سنة، لذا كان من الطبيعي أن يستغل جعجع اللحظة الداخلية والخارجية لتكريس نفوذه في الكورة. لكن برز أمامه عائقان: الأول، نفوذ النائب السابق القومي سليم سعادة في أميون وكفرحزير ونفوذ المردة في قرى أخرى.
والثاني يتعلق بتحالف التيار الوطني الحر والحزب القومي والحزب الشيوعي والنائب المستقل أديب عبد المسيح الذي يأكل ضمنياً من صحن القوات. استطاعت معراب تجاوز العقبة الأولى عبر نسج تحالفات مع سعادة في مختلف بلدات الكورة وشق الصف القومي مقابل دفع المردة نحو عدم التدخل في المعركة تحت عنوان تحاشي الخسائر الانتخابية وارتضائه التحالف مع القوات أحياناً كما حصل في بلدة بزيزا حيث ساهم الدعم المردي للائحة القوات في قلب المعادلة وخسارة القومي.
لكن فشل جعجع في إزالة العقبة الثانية، وسط إصرار الطرف الآخر على الوقوف في وجهه خصوصاً مع رغبته بالفوز في المعركة للقول إن «الأمر لي» في القضاء. وتجدر الإشارة إلى أن «القوات» خاضت معركة موازية في القرى المختلطة سنياً ومارونياً كبلدات دده والنخله واجدعبرين حيث لعبت على خط الانقسامات وخيار بعض القوى البقاء على الحياد لمراعاة الحالات العائلية رغبة في تقليل الخسارات. ففي بلدة دده تحالفت «القوات» والمردة ورئيس الاتحاد بالوكالة ربيع الأيوبي ضد لائحة القومي والتيار وعبد المسيح.
وفي بلدة النخلة التي تُعد «القوات» فيها بيضة قبان لكون النسبة الكبرى من الناخبين الموارنة فيها يميلون إلى الخط القواتي، تواجهت القوات بمفردها ضد القومي وبعض القوى الأهلية وربحت لائحتها كاملة. وهو ما حصل أيضاً في بلدة اجدعبرين حيث تواجه القوات لائحة مشكّلة من العائلات ومدعومة من عبد المسيح. وفي عين عكرين التي تُعدُّ آخر بلدة قبل بلوغ بشري وتعدّها القوات «قلعة صمود» نظراً إلى استخدامها في السابق عسكرياً ضد الكورة، نشبت معركة بين المردة والقوات.
أما في كفريا التي تشهد انقساماً تاريخياً بين عائلتي الشلق والسمروت، فقد تم تجاوزه بمواجهة عائلات عدرا ومرعي وإبراهيم المدعومة من الحزب القومي والتيار. فيما في دار بعشتار، أكبر بلدة مارونية، خسرت القوات المواجهة مع القومي والتيار والمستقلين وعبد المسيح. وفي أميون وكفرحزير، لعبت «القوات» على خط انقسام القومي، لتتحالف مع سليم سعادة ضد رفاقه القوميين والتيار الوطني الحر والشيوعي وعبد المسيح. واتسمت المعركة بحماوة كبيرة رجّحت فرضية خرق اللوائح لبعضها.
البترون: حرب الإلغاء لا تعني باسيل
في البترون، كان من السهل على باسيل إقصاء خصومه والتصرف على قاعدة أنه الأقوى في معقله رغم تكتل الحلف الثلاثي الذي يضم القوات والكتائب ومجد حرب ضده ورغبتهم في تحجيمه، تماماً كما استغلت معراب الحلف الخماسي في جونيه لتسويق ربحها على التيار. غير أن رئيس التيار الوطني الحر فضّل إعداد لائحة توافقية تضم القوات والكتائب وكل النسيج البتروني، وسط قبول ضمني من الخصمين المسيحيين بهذه المعادلة نظراً إلى عدم قدرتهما على منافسة لائحة الرئيس الحالي مرسيلينو الحرك. فالحرك ومنذ الصباح الباكر نصب مسرحاً كبيراً وجهّز مساحة كبيرة للاحتفال بفوزه، وفي ساعة متأخرة من الليل، أُعلن فوز لائحة الحرك.
ما سبق يكشف عن المقاربة الانتخابية للفريقين، فثمة فريق دفع صوب التوافق حتى مع خصومه وفريق آخر قامت خطته على الاستئثار بالسلطة وحدَه. فمثلاً حجم القوات في مدينة البترون مماثل لحجم التيار في مسقط رأس آل حرب في تنورين، حيث قرّر حرب والقوات والكتائب إغلاق لائحتهم بوجه جمعية إنمائية محلية في البلدة، كان يمكن احتواؤها بمقعدين والاستفادة من عملها بدل التنافس معها.
وكان واضحاً خلال الجولة في تنورين أن اللائحة المدعومة من الثلاثي ضامنة لربحها (فازت اللائحة بالكامل) وبالتالي لم تكلّف نفسها عناء نصب الخيم والتسويق لنفسها في الأحياء، مقابل حضور قوي للائحة «تنورين الغد» المدعومة من الجمعية، خيماً ومندوبين. وشهدت بلدة شبطين، قلعة رئيس حزب الكتائب الراحل جورج سعادة، منافسة شديدة بين لائحتين وتخطّت نسبة التصويت فيها الـ55% للائحتين: لائحة يدعمها نجل سعادة، النائب السابق سامر سعادة وهو على خلاف مع رئيس الحزب، بالتحالف مع المردة والقوات بشكل رسمي ضد لائحة مدعومة من التيار الوطني الحر بشكل أساسي وبعض القوى المتفرّقة ككتائب سامي الجميل وبعض العائلات، وكان الفوز من نصيب اللائحة الأولى.
فيما تنقلب التحالفات في عبرين حيث خاض التيار والمردة معركة سياسية قاسية ضد التحالف الثلاثي وكانت الأرجحية مساء أمس لصالح التيار -المردة بعد فرز جزء كبير من الأقلام. أما في شكا، ففازت اللائحة المدعومة من القوات والكتائب ضد خليط عائلي مدعوم من التيار. وخاض التحالف الثلاثي أيضاً مواجهة ضد تركيبة عائلية من الكتائب والتيار والشيوعي في بقسميا، والأرجحية لفوز اللائحة الأولى. من جهة أخرى، افتعل القواتيون والكتائبيون مواجهة سياسية عبر لائحة غير مكتملة في بلدة اده التي يرأسها نجم خطار رغم أنها إحدى القرى النموذجية المضاءة ليلاً ونهاراً على الطاقة الشمسية إضافة إلى طرقاتها المعبّدة وامتلاكها بئراً ارتوازية تؤمّن الماء لأهلها وأهل مدينة البترون على مدار السنة.
غير أن الثنائي فشل في إسقاط لائحة خطار المدعومة من التيار والتي فازت كاملة. في المحصّلة، يبدو جلياً أن حرب القوات ضد باسيل تقوم أولاً على إلغاء التيار الوطني الحر حتى لو كلّفها ذلك نسج تحالفات مضادّة لا تشبه خط القوات «السيادي»، ستنتهي حكماً بفرط المجلس البلدي عند أول مفترق في حال فوزه. وتضع نصب أعينها ثانياً، الفوز باتحادات البلديات ليتفرّغ قائد معراب لبناء زعامة عبرهم تؤمّن له ربحاً ساحقاً في الانتخابات النيابية، وترفع أسهمه لدى الخارج.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|