الانهيار والتفتيش عن قادة
"إذا ما صارت أفعالك دروساً تلهم الناس فيحلمون، ويتعلمون ويعملون وينمون أكثر، فأنت قائد".
جون آدمز الرئيس الثاني للولايات المتحدة الأميركية
ساستنا يتقنون كيفية جعل الناس يحلمون، وتصطدم أحلام جماعة بجماعات أخرى فتصير كوابيس. #القيادة ليست في جعل الناس يحلمون فقط بل في جعلهم يتعلمون ويعملون وينمون. وهذا ما ينتفي وجوده عندنا. لكنّ الزعيم حاجة للاطمئنان والانشراح تماماً كحشيشة الكيف وفق "لور".
ماكس ويبر عالج في "السياسة كرسالة" (1919) القواعد التي ترتكز عليها السلوكيات السياسية. إلا أنّ ماكيافيلي حسمها ودعا الامير الى التعلم بطريقة صحيحة "كيف لا تكون جيّداً". وماكيافيلي اليوم هو الساحة. النماذج تتهاوى على كل الصعد. فسمعة الكذب تواجه الفعالية السياسية والديبلوماسية والإدارية وحتى الدينية منها. ساستنا ما استطاعوا إصعاد الناس الى سلالم النجاح بل اقتادوهم بالخوف الى جهنم. ثمة أزمة قيادة حقيقية في البلد والعالم أيضاً. فالقائد يعزز أو يكوّن نفوذه في الأزمات.
والمجموعات تميل إلى استبدال زعيمها بزعيم جديد إن لم يتمكن من إيجاد حلول للأزمات (القيادة والأزمات لروبرت همبلن، 1954). المؤسسات في البلد تتهاوى وثمة أزمة قيادات. الجيش ما زال متماسكاً ليس فقط برغبة محلية وإقليمية ودولية بل أيضاً بأخلاقيات قيادته. وحدها المؤسسات التي تتمتع بالقيادة الأخلاقية والرؤية والهوامش والفعالية قادرة على اجتياز الأزمة وهي ليست قليلة. وتجاربها تستحق الدراسة. الموضوع هنا ليس رئاسة جمهورية وحكومة بل بلد. لبنان في خضم الانهيار، والعالم في عصر التهديدات على وشك حرب عالمية.
نوريال روبيني كتب: "ندخل حقبة من شأنها أن تشبه العقود المضطربة والمظلمة بين عامي 1914 و1945" ((PS.November,202. وستتميّز العقود "بأزمة ديون مصحوبة بركود تضخمي، وبما يرتبط بذلك من حروب وأوبئة وتغيّر المناخ وذكاء اصطناعي مدمّر وانحسار للعولمة. وسيكون لذلك تأثيرات على "الوظائف والاقتصادات والأسواق والسلام والازدهار". فالأزمة مزمنة وتراكم لازمة قيادة و"عدم قدرة الحكومات على خفض الديون بزيادة الإيرادات وخفض الإنفاق". هذا سيدفعها حتماً الى تقليد لبنان بطبع العملة والاقتراض وبالتالي زيادة التضخم. فاعتماد الحكومات على "نموّ الأسعار أضحى سبيلها للقضاء على التزاماتها الاسمية الطويلة الأجل وبفائدة ثابتة المعدلات".
أزمة الدين العالمي لا اللبناني فقط تتزامن مع "صدمات العرض السلبية". فالبنوك المركزية صارت أمام معضلة: فإما مكافحة التضخم أو الحفاظ على النموّ. وهذا ما سيدفع المستثمرين الى التفتيش عن أصول للتحوّط من التضخم، والمخاطر السياسية والجيوسياسية، والأضرار البيئية. لذا، فاضطراب الأسواق المالية واقع. "جميلة عبد الظريف" توقعت ذلك، وأبلغت "لولو" بالخفقان. و"لولو" ارتدعت. وستضطر الدول الى الاستعانة بالرئيس نجيب الذي طار على جناح السرعة الى قطر وبخبرات المركزي.
وننتظر أسبوعياً تطورات أوراق "ميشال" ونصوص "بولا" وكل الفكاهة في مجلس ينتظر فناء آخر وديعة لإقرار الإصلاحات المالية. فـ"الشعوب اللبنانية" لم تتوافق بعد على الخسائر وخطة الإصلاح. ننتظر المجتمع الدولي، والمجتمع الدولي ينتظر أوكرانيا والحروب التجارية مع الصين، في ظل أزمة طاقة عالمية واقتصاد دولي متعثر.
قواعد الاقتصاد العالمي التي سطرتها البنوك والشركات الكبرى تستبدلها المؤسسات الامنية الوطنية بما يتناسب مع الامن والتسابق على الاسواق والموارد والذكاء الاصطناعي والمستقبل، كما اعتبر داني رودريغ الذي تخوّف من أن تغتال الاعتبارات الجيوسياسية الاقتصاد العالمي. وننتظر رئيساً لعلّه يخرج من قبعة ويلتهم جزرة، والازمة أكبر من مجلس ورئيس، وعلى النخب التحرك للتفتيش عن اقتراحات حلول...
"النهار"- مازن عبود
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|