محليات

ماذا سيحدث إذا قرّرت الدولة تصفية "جمعية القرض الحسن"؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

توسع الحوار غير المعلن بين الدولة و"حزب الله"ليطاول أكثر من نقطة من بينها ملف مؤسسة "القرض الحسن"،التي يطالب الأميركيون بإقفالها".

وبحسب صحيفة" الاخبار"،التي اوردت هذه المعلومات، فان المعنيين بالحوار نقلوا أخيراً إلى الحزب أجواء الضغط الأميركي في هذا الإطار، وبأنها ضغوط متزايدة، رغم أن مسؤولين في الدولة تحدّثوا إلى شخصيات في الإدارة الأميركية وشرحوا حساسية هذا الأمر".
يمكن القول إن النقاشات الرسمية المالية والسياسية، بسأن "جمعية القرض الحسن"لم تأت من فراغ، بل تغذّيها اتهامات متصاعدةمن جهات أجنبية تشير إلى شبهات بتورط الجمعية في عمليات قد ترقى إلى مستوى "تبييض الأموال"، وهذا ما دفع بالنظام المالي العالمي إلى منع التعامل مع المؤسسة، حيث تصاعدت الاتهامات الدولية ضد الجمعية، إذ تعتبرها الولايات المتحدة وإسرائيل الذراع المالية لحزب الله، وتتهمها بتسهيل عمليات نقل أموال غير مشروعة وتمويل أنشطة حزب الله، ما أدى إلى فرض عقوبات قاسية عليها وعلى موظفيها الرئيسيين منذ عام 2007، وتكررت هذه الإجراءات في السنوات الأخيرة مع تصاعد المواجهة بين حزب الله وإسرائيل. كما أدرجت الجمعية على قوائم الإرهاب في عدة دول، وتعرضت فروعها مؤخراً لغارات إسرائيلية استهدفت بنيتها التحتية المالية.

حتى اليوم، تمكّنت الجمعية من ترسيخ حضورها داخل المجتمع الذي تخدمه، مستفيدة من غطاء سياسي واضح ومن شبكة مالية فاعلة تتجاوز النظام المصرفي التقليدي. ولكن، مع تزايد الضغوط الرقابية والإلحاح الدولي على ضبط القطاع المالي اللبناني، تصبح "القرض الحسن" تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى، ما يضع الدولة اللبنانية أمام استحقاق بالغ الحساسية. فالتعاطي مع هذا الملف لا يتصل فقط بالجانب القانوني أو المالي. فالجمعية تمثّل بُعدًا اجتماعيًا وأمنيًا معقّدًا، وأي إجراء بحقها قد يشعل توترات سياسية وربما أمنية، في بلد اعتاد أن تكون فيه المصارف والمال عناوين لصراعات أوسع.

من جهة أخرى، يرى خبراء أن تجاهل هذه القضية لم يعد خيارًا متاحًا. ففي عالم مترابط ماليًا، وبظل محاولات لبنان البطيئة لاستعادة علاقاته مع المؤسسات المالية الدولية، فإن استمرار العمل بجمعيات مالية خارجة عن الإطار الرقابي الرسمي يهدد بتقويض هذه الجهود بالكامل، خاصة وأنّ هذا الأمر مرتبط بسلسلة من العلاقات الدولية، التي تضغط أكثر مستقبلا باتجاه هذا الأمر. فتصفية الجمعية أو تعديل آلية عملها بما يتناسب مع المعايير الدولية سيشكل اختبارًا مزدوجًا: اختبارًا لقدرة الدولة على فرض سلطتها المالية والقانونية، واختبارًا لشجاعتها السياسية في التعامل مع ملفات شائكة ترتبط مباشرة بتوازنات الداخل اللبناني.. حتى الساعة، لا مؤشرات حاسمة توحي بأن مثل هذا القرار مطروح بجدية على الطاولة الرسمية. لكن السؤال الذي يتردد في الكواليس: إلى متى يمكن للدولة أن تتجنب مواجهة هذا الاستحقاق؟


ماذا لو تجاهلت الدولة اللبنانية مطلب تصفية "جمعية القرض الحسن"؟
في حال قررت الدولة اللبنانية

التزام الصمت أو الإحجام عن اتخاذ أي خطوة تجاه "جمعية القرض الحسن"، فإنها تكون عمليًا قد وضعت نفسها في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي، ولا سيما مع المؤسسات المالية المانحة وصناديق الدعم المرتقبة. مصدر قانوني، تواصل معه "لبنان24" أكد أن الإبقاء على الجمعية خارج رقابة مصرف لبنان والهيئات الناظمة سيعزز الاتهامات بأن لبنان لا يملك الإرادة السياسية للإصلاح، ما قد يؤدي إلى عزلته المالية أكثر، ويجمّد أي محاولات للنهوض الاقتصادي. أما داخليًا، فقد يؤدي هذا الخيار إلى تثبيت حالة ازدواجية خطيرة في النظام المصرفي اللبناني: مصارف رسمية تخضع لشروط صارمة، مقابل مؤسسات موازية تعمل بمعايير خاصة، ما يزعزع ثقة المواطنين والمستثمرين بما تبقى من النظام المالي الهش.. سيكون الثمن باهظًا: مزيد من التضخم، ازدياد الاعتماد على الاقتصاد الموازي، وتعمّق الانهيار النقدي والاجتماعي.

وماذا لو خضعت الدولة اللبنانية لمطلب تصفية الجمعية؟
إذا قررت الدولة اللبنانية الاستجابة لمطلب تصفية "جمعية القرض الحسن"، فإنها ستدخل حقل ألغام متعدد الأبعاد، يحمل في طياته مخاطر أمنية واجتماعية وسياسية واقتصادية يصعب احتواؤها بسهولة. فمن الناحية الأمنية، ستجد الدولة نفسها أمام احتمال تفجر توترات اجتماعية حادة، خصوصاً في الأوساط التي تعتمد بشكل شبه كامل على خدمات الجمعية في تسيير شؤونها اليومية، في ظل غياب بدائل مصرفية موثوقة بعد انهيار القطاع المصرفي التقليدي، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 200 ألف مستفيد يعتمدون سنوياً على قروض الجمعية، وأن حجم التعاملات السنوية يناهز 4 مليارات دولار، ما يجعلها شرياناً اقتصادياً أساسياً لمناطق واسعة، خاصة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. وعليه، فإنّ أي خطوة نحو إغلاق المؤسسة قد تُفسَّر في هذه البيئات كاستهداف مباشر لأمنها الاقتصادي والاجتماعي، ما يهدد باندلاع احتجاجات أو حتى مواجهات مع الأجهزة الرسمية. والأمر نفسه يترجم على المستوى السياسي، إذ إنّ أي تدخل لأجل تصفية المؤسسة التي تعاني أصلا وسط الأوضاع الاقتصادية الحالية، ولا تستبعد المصادر أن تذهب القوى التي تحمي هذه المؤسسة نحو تعطيل عمل المؤسسات الدستورية حيث تعتبر أن المساس بالمؤسسة يعتبر خطًا أحمر، في حين تُقرأ محاولة التصفية اختبارا حقيقيا للدولة اللبنانية بالنسبة إلى الخارج، وذلك لضمان سيطرة المؤسسات الشرعية على النظام المالي الذي بات محط جدل عند العديد من المؤسسات المالية الدولية، وهذا ما تريده فعليا هذه المؤسسات التي تعلم أن تصفية المؤسسة سيعني تأثر الفئات الأكثر هشاشة على المدى القصير، مقابل إشارة قوية إيجابية لمصلحة لبنان تتعلق بالاستجابة للاصلاحات المطلوبة دوليا، ما قد يفتح الباب تدريجيا أمام عودة الدعم المالي الخارجي، وإعادة ترميم الثقة مع الأسواق.
جاد حكيم - "لبنان 24"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا