الصحافة

ترامب انحاز لإصرار الرّياض على وحدة سوريا؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

وزّع دونالد ترامب مدائحه على قادة الدول التي زارها. وكان طبيعيّاً أن يخصّ بها السعودية، معترفاً بنموّ دورها الإقليمي والدولي، والقفزات التي حقّقها وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان في تحديثها.

عرف كيف يخاطب، في محطّاته الخليجية الثلاث، العرب والإيرانيين، مستفيداً من جاذبيّة التغييرات الحاصلة في الإقليم. لكنّه عرف كيف يغتنم أهمّية جولته للإعلام العالمي والأميركي، فخاطب مواطنيه. إضافة إلى تغطيتها حضوره المدوّي في الشرق الأوسط، كانت محطّات تلفزة أميركية تبثّ تقارير عن تأثير الحرب التجارية التي أطلقها ضدّ الصين وأوروبا في ارتفاع الأسعار على المستهلك الأميركي. قال إنّ سعر البيض في بلاده انخفض بعدما ارتفع في عهد سلفه… ودحض نهج أسلافه وفلسفتهم حيال الأوضاع الداخلية للدول الأخرى. 

كثيرة هي التداعيات التي ستتركها مفاجآت زيارة ترامب والتي ستظهر تباعاً في الأشهر المقبلة بوتيرة متفاوتة، سريعة أحياناً وبطيئة أحياناً أخرى على المديين القريب والمتوسّط.

دور المملكة الدّوليّ

كان بديهيّاً تكريس ترامب أولويّة المصالح والصفقات والمنافع لبلاده، بمئات مليارات الدولارات، في رسم علاقات إدارته الخارجية. الأهمّ ما توقّعه لدور المملكة المتمثّل في أن تكون ركيزة محوريّة للتطوّر والتقدّم في الشرق الأوسط. أقرّ بالوتيرة التصاعديّة لزعامتها الإقليمية، وبدورها على المسرح الدولي، بعدما احتضنت عودة العلاقات الروسية – الأميركية في 18 شباط الماضي.

سجّل الخبراء في السياسة الأميركية جملة استنتاجات وانطباعات عن بعض التحوّلات التي كرّستها جولة ترامب الخليجية وفي توجّهات البيت الأبيض الخارجية:

التّخلّي عن سياسات أسلافه

– خاطب ترامب العرب معترفاً بأهمّية حضارتهم. نسب التحوّلات الإنمائية والتحديثية في السعودية ودول الخليج إلى “الطريقة العربية”. هاجم نظريّات مَن وصفهم بـ”الليبراليين” في “بناء الأمم”، قاصداً الحزب الديمقراطي المنافس لحزبه. وهاجم أيضاً “المحافظين الجدد” الذين تحكّموا خلال ولاية الرئيس جورج دبليو بوش، المنتمي لحزبه الجمهوري، بحروب أميركا في الشرق الأوسط. علاوة على أنّه دغدغ اعتداد الخليجيين والعرب بتاريخهم الموروث، أعلن ترامب مغادرة سياسة الحزبين المكلفة ماليّاً القائمة على التدخّل في دولهم. الأولويّة هي لحجم الاستثمارات فيها التي يرتكز عليها النفوذ. تقاطعت نظرة ترامب مع السياسة الخارجية السعودية الجديدة القائمة على وقف الحروب وضمان الاستقرار الإقليمي عبر البحبوحة الاقتصادية.

التّفوّق على التّقدّم الصّينيّ بالصّفقات

– شكّلت الاتّفاقات الاستثمارية التي وقّعها في جولته، والاستثمارات الموعودة المقبلة أحد المداميك الصلبة للمنافسة التي يخوضها مع الصين لاستعادة الدور الريادي لبلاده. توازي الاتّفاقات سعيه إلى جني نتائج الحرب التجارية التي يخوضها مع الصين وأوروبا عبر المفاوضات التي بدأت مع بكين في سويسرا، قبل أسبوع. أدركت القيادات الخليجية حاجة الرئيس الأميركي إلى هذه الاتّفاقات، فتقاطعت مع سعيه إلى التفوّق الحاسم بالخليج على تقدّم الصين بتوسيع أسواقها فيه.

الاستجابة المفاجئة حيال سوريا

– كرّس ترامب الدور المتنامي للسعودية في صناعة مستقبل المنطقة باستجابته لطلب وليّ العهد منه رفع العقوبات عن سوريا. فاجأ الرئيس الأميركي وزارتَي الخارجية والخزانة، حتّى إنّ المراقبين لاحظوا أنّ الأمير محمّد بن سلمان فوجئ بشموليّة الاستجابة فوقف مصفّقاً أثناء إلقاء ترامب خطابه. لهذه الاستجابة المدوّية انعكاسات سياسية اقتصادية متعدّدة الأوجه. فقد أنشأت التطوّرات الحاصلة في المنطقة في الأشهر الأخيرة من العام الماضي معادلة جديدة تحتاج إلى إدارة دولية إقليمية لبلورتها.

قامت إدارة المشهد السوري خلال الحرب على تقاسم نفوذ وأدوار بين إيران وتركيا وإسرائيل بإشراف روسيّ. مع إخراج إيران الذي تحرص واشنطن على تثبيته، تقدّم الدور الإسرائيلي على حساب التركي باحتلال الأراضي وطرح مشاريع تقسيم بلاد الشام وحماية الأقلّيات، الدرزية والكردية والمسيحية. سعت الرياض إلى ملء الفراغ الإيراني، لكنّ العقوبات الأميركية والدولية أعاقتها، وكذلك سياسة تل أبيب.

بات السؤال بعد رفع ترامب العقوبات: حول كيف ستملأ الرياض الفراغ الإيراني الذي سعت إسرائيل إلى احتلاله؟ انحياز ترامب إلى الموقف السعودي والتركي بحفظ وحدة سوريا دليل، حسب متابعين عن قرب لما يدور في واشنطن، على أنّ ترامب يخالف خطّة بنيامين نتنياهو لتقسيمها، وهو أحد مظاهر التباين بين الرجلين الذي يكثر الحديث عنه.

تقاسم النّجوميّة مع الشّرع… التّطبيع بدل التّقسيم؟

– أحد أسباب انحياز ترامب لوحدة سوريا أنّ قيادتها الجديدة أبدت انفتاحاً، لكن مع وقف التنفيذ، على مشروعه ضمّ المزيد من الدول العربية إلى الاتّفاقات الإبراهيمية. يقول أحد خبراء السياسة الأميركية إنّ التطبيع سيكون بديل مشروع تقسيم سوريا، المرفوض سعوديّاً وتركيّاً وعربيّاً. بعد اجتماع ترامب إلى الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، توزّعت النجوميّة التي طبعت زيارة الرئيس الأميركي بينه وبين الأمير محمد بن سلمان والشرع.

بعدما امتدح الرئيس الأميركي وليّ العهد وأبدى إعجابه بقيادته، وصف الشرع بأنّه “رجل قويّ، ورائع… وجيّد جدّاً”. لكنّه وبن سلمان اكتسبا نجوميّة في سوريا، فرفعت الاحتفالات بإزالة العقوبات في دمشق ومدن سورية صورهما والعلمين السعودي والأميركي. قال الشرع: “رفع العقوبات كان تاريخيّاً وشجاعاً.. والمستقبل الواعد لسوريا بدأ ولن تكون إلّا ساحة للسلام. وعدني الأمير محمّد بن سلمان برفع العقوبات وتلقّينا دعماً من معظم الدول العربية وتركيا وفرنسا…”. لكنّ ترامب ينتظر بالمقابل تلبية مطالبه المعروفة من حاكم دمشق. قدّم الأخير نماذج عن استعداده لتنفيذها في الأسابيع الأخيرة، بإجراءاته حيال المتطرّفين الفلسطينيين والإسلاميين.

لا تغيير حيال غزّة

– في ظلّ الشكوك في مدى التباين الأميركي – الإسرائيلي حيال سوريا، يرجّح البعض التطابق في السياسة الأميركية مع إسرائيل إذا تبدّلت الظروف. لكنّ واشنطن قد تعتبر سوريا ميدان استثمارات، وبين أهدافها الحؤول دون توظيف الصين أموالاً لإعادة الإعمار.

– من مبرّرات توقّع العودة إلى تطابق ترامب مع إسرائيل أنّه باقٍ على مشروعه لتملّك غزّة ونقل سكّانها إلى دول أخرى على الرغم من الخلاف على اتّفاق وقف النار. في زيارته المنطقة تجنّب الثابتة السعودية القاضية بإقامة دولة فلسطينية. بل إنّ دبلوماسيين أميركيين يقولون إنّ أميركا ستطلب من سوريا الجديدة أن تستقبل غزّيّين في سياق مشروع ترامب.

وليد شقير -اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا