هل يمكن الدفع بالدولار الأسود؟
الحديث عن نيّة حاكم مصرف لبنان الطلب من الذين سددوا ديونهم بالدولار على سعر ١٥٠٠ ليرة. أن يدفعوا الفروقات مع سعر السوق اليوم، يعتبر كلاماً للإستهلاك المحلي، ومشهداً سريالياً من شأنه أن يزيد الأزمة المالية تعقيداً.
لا شك أن تسديد مليارات الدولارات بذلك السعر المنخفض كان على حساب حقوق أصحاب الودائع الصغيرة؛ والمتوسطة خاصة، لأن البنوك لم تتحمل الفوارق المليارية بين سعر السوق، ومضمون التعميم المركزي الذي ساهم في تخفيض قيمة السيولة المتوفرة في المصارف، وبالتالي التوقف عن تسديد الدولارات المعدودات التي كان يتلقاها أصحاب الودائع شهريا في بداية الأزمة، ثم ما لبثت أن توقفت نهائياً، بحجة عدم توفر السيولة اللازمة بالدولار لدى مصرف لبنان .
صحيح أن أصحاب القروض البسيطة، لشراء البيوت أو السيارات من ذوي الدخل المحدود قد إستفادوا من تعميم المركزي، ولكن الأصح أن حيتان المال والسلطة بلغت فوائدهم مضاعفة مئات المرات، لأنهم سددوا قروضاً بعشرات الملايين من الدولارات بالسعر الرسمي، وبفوارق عالية بين سعر السوق السوداء والسعر الرسمي.
ولعل هذا التعميم المتفلِّت من ضوابط الحد الأقصى، قد ساهم، بشكل غير مباشر، في زيادة حجم الفجوة المالية، التي يدور حول تحديد مسؤولياتها نقاش بيزنطي بين جمعية المصارف والمركزي ووزارة المالية، دون التوصل إلى صيغة تحدد حجم مسؤولية كل طرف في تحديد حصته من الفجوة المالية، التي يتوقف عليها إيجاد القدرة على إعادة أموال المودعين، ولو ضمن برامج تمتد لسنوات في المدى المتوسط فقط.
يمكن حصر كلام حاكم المركزي كريم سعيد بالفئة الميسورة، التي إنتهزت تعميم المركزي يومذاك، لتسديد ديونها المليونية، وتنسيق بعض الأوراق والوثائق بما أدّى إلى مضاعفة أرباحها، وزيادة إستغلالها للعديد من مناصب الدولة.
فهل يمكن التمييز بين دائن لشراء بيت أو دراجة يعمل بها ليكسب قوت عيشه، والقروض التي يستعملها أصحابها لحقيق مكاسب على حساب الدولة وتكديس الثروات على السلك العربي الديبلوماسي؟
ماذا بقي من المساواة بين اللبنانيين، التي كفلها الدستور. طالما يشل اليأس كل عاقل يدرك صعوبة عودة الأموال لأصحابها، دون تعريض مصالح البلاد والعباد للخطر الداهم. حيث يبقى على رئيس الجمهورية أن يتصرف كراعٍ لجميع اللبنانيين، والساهر على تطبيق الدستور، وتحقيق المساواة بغض النظر عن التداعيات الأخرى؟
مهلاً سعادة الحاكم، المسألة ليست بمثل هذه السهولة، والأزمة تحتاج إلى مزيد من التمحيص.
المصدر: اللواء
الكاتب: صلاح سلام
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|