لبنان.. نتائج الانتخابات البلدية تكشف أزمة حزب الله
رغم أن حزب الله، مع الحليف حركة أمل، أحرز نتائج لصالحه في الجولة الأخيرة من انتخابات البلديات في لبنان أمام معارضيه، فإن ما صاحب فرز الصناديق في مناطق بقلب البيئة الحاضنة للحزب يؤكد أن هناك تحررًا سياسيًّا من قبضة الحزب.
ولم يتمثل هذا التحرر فقط في وجود مرشحين معارضين للحزب، ولكن الأهم حضور الأصوات التي كانت صامتة بفعل سلاح حزب الله والتي عكست قوتها السياسية في صناديق الاقتراع.
أصوات معارضة ما بين لوائح لمرشحين مختلفين مع الحزب وأيضًا لناخبين رافضين له، خرجت إلى العلن مؤخرًا في مواقع انتخابية بمناطق الحاضنة الشعبية لحزب الله في ظل ما أصيبت به قرى مناطقه من خسائر اجتماعية ومعيشية نتجت عن مغامرته التي جعلت جنوب لبنان ساحة لتصفية حسابات بين تل أبيب وطهران، وهو ما تمثل في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
وجعلت أصوات المعارضة في البيئة الحاضنة لحزب الله من الانتخابات البلدية التي تعتبر أول إنجازات العهد الجديد في لبنان بمثابة بروفة لما يهدد المستقبل السياسي لحزب الله المرتبط بالبرلمان الذي ستجرى المنافسة عليه في انتخابات من المقرر عقدها في مايو/ أيار 2026.
أكثرية بسيطة
ويقول المحلل السياسي اللبناني، علي حمادة، إنه رغم أن حزب الله بتحالفه مع حركة أمل تمكن من إحراز نتائج لصالحه في المجالس البلدية، فإن ذلك تحقق عبر الفوز بالأكثرية البسيطة، في حين أن لوائح المعارضة لاسيما في البقاع جاءت بنتائج عالية مقارنة بما قبل ذلك ولا سيما أن هذه النتائج سجلت في مناطق بالحاضنة الشعبية لحزب الله.
وأضاف حمادة في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هناك عشرات القرى فاز بها تحالف حزب الله وحركة أمل بفوارق ضئيلة للغاية بين آخر الرابحين وأول الخاسرين، بمعنى أنه في العديد من البلديات كانت الفوارق في النتائج ما بين صوت واحد أو صوتين إلى 10 أصوات على الأكثر، وهذا أمر لافت ومؤثر.
وبين حمادة أن المدينة المحورية في البقاع، وهي بعلبك، حصلت فيها لائحة المعارضة على 33% من الأصوات، وكل ذلك في ظل ضغط مالي وعسكري وإعلامي واجتماعي من جهة، ومن جهة أخرى، الضغط في عملية الاقتراع، حيث كان من الواضح أن حزب الله وحركة أمل يمسكان بعملية الاقتراع من أولها إلى آخرها وسط عدم فاعلية من القوى الأمنية الرسمية.
وأشار حمادة إلى الانتخابات النيابية المقررة بعد 11 شهرًا في ظل النظام الانتخابي البرلماني النسبي، أي أن اللوائح تمنح مقاعد بنسبة الأصوات التي تم تحصيلها، متوقعًا أنه إذا بقي الوضع كما هو اليوم ولم تحدث تطورات سلبية للمعارضين، فإن من الممكن أن ينتزعوا نسبة مهمة من مقاعد البرلمان من حزب الله وحركة أمل ليتغير المشهد النيابي بالمرحلة المقبلة بعد مايو/ أيار 2026.
وأوضح حمادة أنه ما زال هناك وقت طويل حتى هذا التاريخ وذلك قياسًا بالأوضاع في لبنان والتطورات المتلاحقة والمتسارعة سياسيًّا وأمنيًّا، وبالتالي غير معلوم ما ستكون عليه الحال بالمرحلة المقبلة.
وأردف حمادة أنه بناء على نتائج الصناديق في الاستحقاق البلدي يمكن القول، إن هناك احتمالًا واقعيًّا منطقيًّا أن يكون هناك خروقات في الكثير من البلدات بوجه استئثار التحالف بين حزب الله وحركة أمل بالبيئة الحاضنة الشيعية.
تحديات العهد الجديد
ويرى الباحث السياسي داني سركيس، أن هذه الانتخابات مثلت جانبًا من التحديات التي يواجهها العهد الجديد الحاكم، وتم التعامل معها بإجرائها بعد تأجيل دام 3 سنوات كان يتم التعطيل فيها بشكل مباشر أو غير مباشر من حزب الله رغبة في جعل أوراق قاعدته في بيئته الحاضنة كما هي؛ لأن النتائج في مناطقه رغم أنها لم تحمل التحول الكبير في عدد الفائزين، ولكن الأهم نسب التصويت والتغيرات التي لحقت بها.
وأضاف سركيس في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذا يعني أن المعارضة لحزب الله وشريكه السياسي حركة أمل وصلت إلى قلب مناطقهما، وأن هناك تحررًا من خوف كان يفرض بقوة السلاح على من كان يتجرأ على مواجهة التنظيم بشكل عام في لبنان.
وذكر سركيس أنه لم يكن هناك نسب كبيرة قبل ذلك تحمل أصواتًا معارضة بالصناديق، ولكن ما جرى هذه المرة أن هناك تغييرًا في القواعد ووجود أصوات معارضة ليس من حيث المرشحين ولكن الأهم أنها معركة المصوتين، وهو ما يعتبر اختراقًا للبيئة الحاضنة لحزب الله بأن خرج من قلبها الصوت المعارض في الصندوق الذي سينعكس بشكل مؤثر في نتيجة الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وأفاد سركيس بأن الأهم من الأصوات المعارضة العالية والكثيفة في الصناديق، هو ما تعكسه من نفور ورفض سياسي لِما وصل إليه حزب الله من سياساته وما جاء من ضرب لبيئته الحاضنة التي تضررت على المستوى الشعبي من سلاحه الذي يعمل لصالح مشروع إقليمي، تقوده إيران، وإقحامه في مواجهة مع إسرائيل جاءت بحرب أضرت بالحياة الاجتماعية والمعيشية لمكونات تلك البيئة بمن خسر منزله أو عائل الأسرة وصولًا إلى ضياع الأشغال والأعمال وباتت الحال في ضيق رزق للكثيرين، ومنهم من كانوا مؤيدين للحزب.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|