إقتصاد

هذه حقيقة استرداد القروض المسدّدة على 1500 ليرة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

رمى حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، قنبلته الدخانية عن قصد أو غير قصد، ليُحيي من جديد أزمة خلافية قديمة جديدة كانت قد وقعت منذ عامين بين المصرفيين والتجار والهيئات الاقتصادية على خلفية مشروع فرض ضريبة على المقترضين، الذين استفادوا من قروض بغير قيمتها الحقيقية بعد اندلاع الأزمة عام 2019 وحقّقوا أرباحاً غير متوقعة.

ما نُقل عن لسان سعيد عن تأييده إصدار قانون لإلزام من سدّد قرضاً مصرفياً بغير قيمته الحقيقية بدفع القيمة الحقيقية للقرض، استنفر تجاراً ومستثمرين وإعلاميين وعدداً كبيراً من المنصات الحاملة لهموم أصحاب الرساميل، يحاول المعترضون على فتح ملف القروض المسدّدة بغير قيمتها قطع الطريق أمام سعيد ومن ورائه الحكومة. وقد تسلّح هؤلاء بالتركيز على المظلومية التي ستلحق بصغار المقترضين الذين سدّدوا قروضهم على سعر 1500 ليرة للدولار، وهو ما أثار قلقاً كبيراً بين المواطنين المقترضين سابقاً.غير أن الطرح، وبصرف النظر عن جدّية وقانونيته، لم يُطرح بهدف استرجاع فارق القروض السكنية المتدنية وقروض السيارات والقروض التعليمية وسواها إنما تلك التي مُنحت بمئات آلاف الدولارات لتجار ومستثمرين وصناعيين حقّقوا أرباحاً من فارق العملة خلال الأزمة.

وبعد تحديد وجهة حديث حاكم مصرف لبنان يتضّح اليوم سبب الحملة التي يقودها البعض ضد مشروع استرداد فارق القروض المسدّدة، وتتضح أيضاً صورة الخلاف المرتقب وقوعه قريباً بين فريق المصارف وفريق التجار والهيئات الاقتصادية.
 
ما صحة المشروع؟
لم يكن طرح سعيد هو الأول لاستعادة فارق القروض التي تم تسديدها بغير قيمتها الحقيقية، فقد سبقه نائب رئيس الحكومة السابق، سعادة الشامي، حين أعد مشروع قانون يقضي بفرض ضريبة على المقترضين الذين استفادوا من قروض بغير قيمتها الحقيقية ويقترح تحويل العائدات إلى صندوق استرجاع الودائع بدلاً من الخزينة، وإعفاء المكلفين من الغرامات، واستثناء القروض الشخصية والقروض السكنية وقروض الأفراد لغاية 100 ألف دولار من هذه الضريبة.

وبعد الشامي، طرح نائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري، حين كان حاكماً بالإنابة عام 2024، مشروعاً يقضي بفرض ضريبة تتراوح بين 15 و17 في المئة لمرة واحدة على أرباح المستثمرين الذين استفادوا من فارق سعر الصرف خلال الأزمة المالية. وقد استهدف المشروع المستثمرين الذين حصلوا على قروض كبيرة بالدولار قبل الأزمة، ثم سددوها بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1500 ليرة، وحقّقوا بذلك أرباحاً طائلة.  وقد تركّز طرح منصوري حينها على الأرباح المتأتية من فارق القروض التجارية والاستثمارية الكبيرة وغيرها مع استثناء القروض الاستهلاكية.

الطرح ليس جديداً لكن من المتوقع أن يتم بحثه بشكل جدّي في المرحلة المقبلة، على ما يقول مصدر لـ"المدن" في إطار مشروع شامل يستهدف استعادة الودائع عبر أكثر من مسار كاشفاً عن عدة تغييرات قد تطال المشروع منها على سبيل المثال استثناء القروض تحت سقف 300 ألف دولار وليس 100 ألف. ويوضح أن إعادة هيكلة المصارف وعملية توزيع الخسائر ليستا كفيلتين باسترجاع الودائع ولا حتى بجزء كبير منها، إنما يستلزم الأمر فتح العديد من الملفات المرتبطة بالأزمة والتي تم من خلالها تبديد مليارات الدولارات، منها ملف سداد القروض الكبيرة بغير قيمتها وأموال الدعم والأموال المهربة للخارج. ويعترف المصدر أن جميع تلك الملفات تواجه الكثير من العوائق منها القانونية وأخرى نتيجة الرفض والمواجهة من قبل المستهدفين ومن ورائهم في الحكومة ومجلس النواب.
 
خلفية الطرح
لم يتبلور الطرح حتى اللحظة في مشروع واضح، ولم يتحدث حاكم مصرف لبنان صراحة وعلناً عن مسألة استرداد فارق القروض المصرفية، لكن الطرح قائم فعلاً، لا سيما أن الأموال التي تم شطبها كقروض أي تلك التي تم سدادها بغير قيمتها تقدّر بنحو 20 مليار دولار.

وقد تراجعت محفظة القروض المصرفية للقطاع الخاص من نحو 55 مليار دولار (بين قروض بالعملات الأجنبية وأخرى بالليرة) مع اندلاع الأزمة المالية عام 2019 إلى نحو 7 مليارات فقط نهاية العام 2024، ما يعني أن غالبية تلك القروض جرى تسديدها إما على سعر صرف 1500 ليرة للدولار أو عبر شيكات مصرفية بقيمة تقل عن القيمة الحقيقية للدولار.

من حيث المبدأ لا يمكن تحميل المقترضين مسؤولية تقلبات سعر الصرف وانهيار الليرة وعدم توحيد سعر العملة من قبل السلطات الرسمية فالتقصير والمسؤولية تقع أولاً وأخيراً على المصرف المركزي والحكومة، كما يصعب تحميل المقترض مسؤولية سداد قرض بغير قيمته الفعلية بعد سنوات على تسوية الدين والحصول على براءة ذمة من المصرف المعني. لكن في الوقت عينه كيف يمكن التغاضي عن قروض سدّدها تجار ومستثمرون ومقاولون بمئات الآلاف من الدولارات بغير قيمتها في وقت كانوا يسوقون منتجاتهم وأعمالهم وخدماتهم طيلة سنوات الأزمة بتكلفتها الحقيقية أي بسعر دولار السوق؟ وكيف يمكن اعتبار تلك الأرباح محقة؟
 
عوائق تواجه الطرح
يواجه المشروع الكثير من العوائق وثمة قانونيون يرون أن المشروع غير دستوري لأنه لا يستوفي خصائص الضريبة، كا أنه غير عادل، ومنهم من يتسأءل لماذا لا تُفرض الضريبة أيضاً على المصارف التي لا تزال تسدد الودائع على 15000 ليرة للدولار حتى اليوم أي بغير قيمتها، وهي أسئلة مشروعة لا بل عادلة.

في المقابل يرى قانونيون بأنه يمكن السير بالطرح بعد تذليل العقبات القانونية أمامه، وهؤلاء يرون أنه يمكن استرجاع فروقات القروض عبر فرض ضريبة مقطوعة تعتمد على قيمة القرض. بمعنى آخر يخضع كبار المقترضين لاسيما منها التجار لضريبة تصاعدية بحسب حجم القرض.

وفيما لو سلّمنا جدلاً أن المشروع حاز التغطية القانونية علماً أن المسألة صعبة في ظل وجود تكتل التجار والصناعيين في مجلس النواب، فإن تعقيدات تقنية بانتظاره إذ يصعب إيجاد آلية تنفيذية له لاسيما أن كل قرض يتم ربطه برهن أو ضمانات معينة لكن بعد سداد القرض والاستحصال على براءة ذمة، يفقد المصرف وأي سلطة أخرى صلاحية إلزام المقترض (سابقاً) بسداد فارق القرض المسدّد.

كما أن الأمر يستلزم التمييز بين أنواع المقترضين، فلا يجوز مساواة من سدد قرضاً بالليرة، بمن سدد دينه عن طريق شراء "شيك لولار" بأقل من قيمته الحقيقية، محققاً أرباحاً تجارية على حساب المودعين. ومنهم من سدد بموجب شيكات بقيمة 15 او 20 او 40 او حتى 50 في المئة، بمعنى أن المقترضين أنفسهم لم يسدّدوا القروض بسعر موحد، وبالتالي تختلف عملية تسديد كل مقترض عن الآخر. باختصار عملياً وقانونياً  يصعب تطبيق مشروع استرداد فارق القروض المسدّدة بغير قيمتها أما في حال تم تذليل العقبات أمامه فإنه من غير المتوقع أن يطال أصحاب القروض الاستهلاكية.

عزة الحاج حسن -المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا