القوات تقصف دبلوماسياً والحزب يرد اعلامياً
عندما قررت القوات اللبنانية الدخول في حكومة العهد الاولى، رفعت في البداية شروط التوزير، ولم تكتف فقط بوزارة خدماتية بل كانت تطلب أكثر من واحدة مستندة الى ثقلها النيابي الذي يسمح لها بحصد العدد الاكبر من الحصة المسيحية. ولكن عين معراب كانت على وزارة سيادية واحدة وهي الخارجية، نظرا لأهمية هذه الحقيبة في المرحلة الراهنة حيث تتطلب المتغيرات وزيرا "فجا" في الدبلوماسية ويعكس خطاب القوات ضد سلاح حزب الله وايران من دون أي مواربة. أراد رئيس القوات شخصية دبلوماسية قادرة على المواجهة والذهاب بعيدا في موقفها ضد أي سلاح خارج منظومة الدولة، فكانت السيرة الذاتية ليوسف رجي على الطاولة والى جانبها سير ذاتية لأكثر من دبلوماسي، الا أن الخيار وقع على السفير السابق كونه يمتلك خبرة واسعة في أروقة الوزارة اضافة الى موقفه الواضح ضد سلاح حزب الله وايران.
تعمد رجي في اطلالاته الاعلامية وضع الصراع ضمن خانة المدافع عن السيادة بوجه المتمسك بالسلاح غير الشرعي، وهو صراع يستولد انقسامات عامودية فهذا السلاح كان من المقدسات قبل الحرب على غزة ودخول لبنان كجهة اسناد والحديث عنه يعتبر محرما. أما فقد تغيرت المعادلة وباتت المطالب الدولية والداخلية واضحة وملحة من أجل وضع جدول زمني لا يتعدى الاشهر لتسليم هذا السلاح، وهو ما عبَّر عنه أكثر من مسؤول لبناني وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الذي رفع سقف المواجهة بوجه الحزب. أما وزير الخارجية فخلع في تصريحاته الاخيرة القفازات الدبلوماسية وذهب بالمباشر نحو الحزب واصفا اياه بالتنظيم المسلح الخارج عن القانون، رافضا سلاحه الخارج عن نطاق الدولة ومستهدفًا بشكل مباشر ومعادلة "جيش، شعب، مقاومة" واعتبرها ثلاثية خشبية. هذه المواقف لوزير حزب القوات في الحكومة تعكس سعياً لتفكيك الشرعية التي يحاول الحزب تقديمها لسلاحه وتنسجم في الوقت نفسه مع الخطاب الرئاسي اللبناني. لم يتأخر رد فعل حزب الله، حيث اعتبر النائب حسن فضل الله أن كلام رجي يعبر عن رأيه الشخصي ولا يعكس موقف الدولة، في محاولة لتقزيم تأثير تصريحاته، وهي استراتيجية يعتمدها الحزب بوجه منتقديه اذ ينفي عنهم صفة التمثيل الرسمي ويضعه في خانة الموقف الفردي أو الحزبي الضيق. ولكن سرعان ما جاء رد رئيس القوات سمير جعجع كقوة اسناد لوزيره في الحكومة فأكد أن موقف رجي ليس شخصيًا بل هو انعكاس لموقف الحكومة ورئيسها وبيانها الوزاري. كما هاجم جعجع ما وصفه بالاصوات الشاذة التي تعيق قيام الدولة الفعلية، معتبرًا أن استمرار سلاح حزب الله هو سبب رئيسي لأزمات لبنان، من الانهيار الاقتصادي إلى العزلة الدولية.
وعلى مبدأ "بحكيكي يا كنة لتسعمي يا جارة" حاول حزب الله عبر نوابه ايصال الرسالة الى رئيس الحكومة نواف سلام من بوابة الخارجية فكان الهجوم على رجي من باب القول للرئاسة الثالثة أن مواقفها بشأن السلاح مرفوضة بالنسبة لحزب الله جملة وتفصيلا وأن احتكار السلاح بيد الدولة ما هو الا نظرية كون الضرورة الاستراتيجية لمواجهة اسرائيل تفرض السلاح كضمانة سياسية وعسكرية لا يمكن التخلي عنها.
تشير مصادر دبلوماسية الى أن مواقف القوات اللبنانية اليوم تدخل في اطار الانسجام مع المتغيرات الاقليمية وتعكس محاولة لتحويل المعركة إلى سجال سياسي وقانوني، قد يزيد من عزلة الحزب دولياً، لكنه لن يحسم المعركة من دون تغيير جذري في موازين القوى الإقليمية وهو ما يرصده المجتمع الدولي اليوم من خلال الحوار الايراني الاميركي والذي يرسم خارطة الشرق الاوسط الجديد.
علاء الخوري
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|