اللاجئون الفلسطينيون يطرحون مقايضة السلاح بالحقوق.. كيف سيرد لبنان؟
هل تنسحب "توتال" أم تتابع الحفر أو تختار البلوك 8؟
يشارف عقد الاستكشاف الموقّع بين لبنان والـ "كونسورتيوم" النفطي على الانتهاء في أيار 2025 والبدء بمرحلة استكشاف ثانية، وشركة "توتال إنرجيز" التي ترأس الـ "كونسورتيوم" الذي يضمّ شركة "إيني" وقطر للطاقة، لم تسلّم التقرير التقني بعد عن نتائج الحفر في البئر الأولى في حقل قانا في البلوك 9 الذي بدأ في آب 2023 وانتهى في تشرين الأول 2023 . لماذا لم يسلم التقرير وماذا ينتظرنا في ملف النفط والغاز؟
سبق لشركة "توتال إنرجيز" أن أعلمت المعنيين اللبنانيين بعدم وجود استكشاف تجاري في البلوك رقم 9 بعد 4 أيّام من بدء عملية طوفان الأقصى في غزّة في 7 تشرين الأول 2023. إلا أنها لم تصدر تقريرها الفنّي رغم مطالبات الدولة اللبنانية بتقديم تقرير مفصّل حول نتائج أعمال الحفر في هذا البلوك في 27 آذار 2024، إذ أرسلت وزارة الطاقة اللبنانية رسالة إلى "توتال" تطالب فيها بتسليم التقرير قبل منتصف نيسان، مشيرة إلى أن المهلة المحددة بستة أشهر قد انتهت من دون تقديم التقرير، رغم الوعود المتكررة من الشركة بتسليمه إلى هيئة إدارة قطاع البترول اللبنانية.
حتى أن رئيس الجمهورية جوزاف عون تناول هذا الموضوع في شباط المنصرم مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، آملاً تسليم التقرير في وقت قريب. إلا أن كل تلك المطالب لم تنفع ولم يتمّ تسليم التقرير.
أما اليوم، وعلى مشارف نهاية الشهر، من المرتقب ولو بعد نهاية العقد في أيار 2025، (غدا السبت) أن تسلّم "توتال إنرنجيز" التقرير كما سبق وأكّد لـ"نداء الوطن" وزير الطاقة والمياه جو صدّي، إن "الشركة ستسلّم التقرير خلال أسابيع (أي نحو أسبوعين من اليوم). وقال: "اجتمعت مع المدراء العامين للشركات الثلاث في الـ "كونسورتيوم" ("توتال إنرجيز" الفرنسية و "إيني" الإيطالية وقطر للطاقة القطرية)، وتعهّدوا بتسليم التقرير خلال الأسابيع المقبلة. ومن المرتقب أن يفصح التقرير عن نتائج الحفر، حينها نبني على الشيء مقتضاه، أي على أساس التقرير نخرج بنتيجة الخطوة التالية. مع العلم أننا ندرس مع الـ "كونسورتيوم" الخطوات التالية التي يجب "تّخاذها بعد صدور التقرير".
لكن السؤال هل تريد "توتال إنرجيز" أن تستمر في أعمال الحفر في البلوك رقم 9؟
الخبيرة في قوانين وحوكمة الطاقة المحامية لمى حريز قالت لـ "نداء الوطن" إن "المرحلة الأولى من الاستكشاف في البلوك رقم 9 حسب العقد الموقع بين الدولة اللبنانية والـ "كونسورتيوم" تنتهي في نهاية أيار 2025 ومرحلة الاستكشاف الثانية تبدأ من أيار وتمتدّ لفترة عامين. وبالتالي على "توتال" أن تبلّغ الدولة اللبنانية ما إذا كانت ستتابع العمل وتضع خطة للحفر والاستكشاف، أم لا".
أضافت: "لم يعلن الـ "كونسورتيوم" نيته ترك البلوك رقم 9 ولكن "توتال إنرجيز" (التي ترأسه) تبدي اهتماماً بالبلوك رقم 8 وكأنها تربط البلوك رقم 9 بـ 8 . فهي لا تريد أن يتوقف العمل في البلوك رقم 9 قبل ضمانة البلوك رقم 8 الذي يحتاج إلى إجراء مسح زلزالي، لأن قسماً منه لم تجرَ عليه أية مسوحات زلزالية تحتاجها أي عملية حفر".
وتتوقّع حريز أن "يتمّ في نهاية حزيران أو تموز الاتّفاق على الحفر في البلوك رقم 8 ولكن قبل ذلك، سيتمّ إجراء المسوحات الزلزالية وبالتالي تكون عبّرت عن نيتها في ترك البلوك رقم 9 من دون أن تترك ثروة الغاز في لبنان وركّزت على البلوك رقم 8".
تأويلات حول التقرير
ما هي أسباب التأخير في تسليم التقرير الفنّي؟
تتفاوت التأويلات بالنسبة إلى أسباب التأخير في الإعلان عن التقرير. إذ تعتبر حريز أن "لا سبب علمي أو تقني للتأخير ، هو سياسي بحت وللأسف أمر طبيعي في الثروات الطبيعية أن تلعب السياسة دوراً على أمل خلال شهرين أن يعرب الـ "كونسوتيوم" عن عزمه ترك البلوك رقم 9 واستكشاف الغاز في البلوك رقم 8".
وبالتالي، نستنتج أن من الممكن أن تكون الشركات قد اتخذت قراراً داخلياً بالاستمرار في المرحلة الثانية من الاستكشاف، لكنها لم تعلن عنه رسمياً بانتظار انتهاء التحليل الجيولوجي، ووضوح الصورة السياسية، أو بدء التنقيب في مواقع أخرى (مثل بلوك 8).
في المقابل، يرجّح البعض أن التأخير في إصدار التقرير قد يلمّح إلى تردّد أو نية للانسحاب، خصوصاً بعد النتيجة السلبية للحفر الأول، ما يجعل الشركات تتجنّب إعلان قرار سلبي الآن خشية ردود فعل سياسية أو إعلامية.
كما أن عدم تسليم التقرير كما يعتبر البعض، يعرقل عملية تقييم باقي البلوكات وبالتالي جولة التراخيص المقبلة، خصوصاً البلوك 8 المجاور، ما قد يُبعد مستثمرين محتملين في جولات التراخيص اللاحقة.
استحقاقان أمام لبنان
وسط تلك الضبابية حول نتيجة التقرير وموضوع النفط، تقول خبيرة النفط والغاز في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان، "أمامنا اليوم استحقاقان :
الأول، من المفترض أن تعلن شركة "توتال إنرجيز" للدولة عن رغبتها في الاستمرار في الحفر أو عزمها على التخلّي عن البلوك رقم 9.
ثانياً، إن جولة التراخيص المقبلة مفتوحة إلى شهر تشرين الثاني 2025 للشركات التي تريد أن تقدّم عرضها على سائر البلوكات.
فالبحر اللبناني يتضمّن 10 بلوكات. في ما يتعلق بالبلوك 9 تمّ توقيع عقد بين الدولة اللبنانية و"توتال إنرجيز" و"إيني" و"قطر للطاقة، وبالتالي إذا انسحبت "توتال" من البلوك 9، لا يعود لدى لبنان شركة لاستكشاف النفط في البلوكات اللبنانية بانتظار نتيجة جولة التراخيص الثالثة.
حتى إذا بقيت "توتال إنرجيز" ولم تنسحب يجب أن تضع لنا خطة عمل، وبناء عليها، تعرض على الدولة كيف ستتابع العمل في البلوك رقم 9 وبالتالي نكون اليوم على مفترق طرق حول مستقبل قطاع الطاقة" .
تضيف هايتيان: "حتى لو تقدّمت شركات في تشرين الثاني بعرض للاستكشاف والحفر يجب الأخذ بعين الإعتبار أنه يمكن الحفر من دون استكشاف الغاز. إذ إن البلوكين 4 و9 لم يشهدان أي استكتشافات للغاز".
تعدّد الشركات
وبالتالي ترى هايتيان أننا "نحتاج إلى وتيرة أسرع بالعمل وعدم الاقتصار على إجراء أعمال حفر واحد. إذ يترتّب تضافر جهود شركات عدة في الوقت نفسه ليكون هناك ديناميكية في العمل، فتكون الآلية أسرع من تلك التي تعتمد اليوم". الاستكشاف والتنقيب والاستخراج يستغرق 7 سنوات للاستفادة من النفط والغاز في حال وجوده، لذلك تقول هايتيان "لا يمكن أن ننتظر النفط ونعلّق كل آمالنا عليه، للنهوض بالاقتصاد اللبناني، بل علينا خلال السنوات السبع المقبلة بانتظار النفط القيام، بإصلاحات واستقطاب أموال واستثمارات في كل القطاعات لنبدأ السير على طريق النهضة الاقتصادية".
أضافت: "نرى أن اسرائيل سيكون لديها نفوذ أكبر في المنطقة من حيث قدراتها على إنتاج الغاز، ومع رفع العقوبات على سوريا من غير المعلوم ما إذا كانت شركات ستدخل سورية التي لديها نفط وغاز. وبناء على ذلك ستهتمّ الشركات بالاستثمار بقطاع الطاقة لا سيما النفط والغاز برّاً وبحراً، عندها يصبح وضعنا أصعب لناحية استقطاب شركات مهتمة بالاستكشاف".
العمل مع شركات صغيرة
وبالتالي، يترتب على الحكومة اللبنانية ووزارة الطاقة أن تكونا أكثر فعالية في البحث عن الشركات الصغيرة أو المتوسطة التي قد تكون مهتمة بالبلوكات اللبنانية وهذا ما ستقوم به. إذ قد تكون شركة "إيني" ENI على سبيل المثال أكثر اهتماماً من شركة "توتال إنرجيز" بالاستكشاف والحفر في المياه اللبنانية باعتبار أنها "أنجح" في منطقة الشرق المتوسط من "توتال إنرجيز".
إذاً، نحن اليوم أمام مفترق طرق في ملفّ النفط والغاز الذي تستعدّ له وزارة الطاقة مهما كانت نتيجة التقرير التقني المرتقب أن يصدر خلال أيام إما الاستمرار بخطة واضحة بالتعاون مع "الكونسورتيوم" أو إعادة تقييم كامل للقطاع في حال انسحابه أو المماطلة. وفي الحالتين، هناك حاجة ملحّة إلى قرارات سياسية حاسمة، ومخطط ووتيرة عمل أسرع. وبالتالي لا يمكننا تعليق الآمال في المدى المنظور على النفط والغاز لتعويم الدولة بالعائدات الوفيرة ومعالجة الانهيار.ب
باتريسيا جلاد
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|