هدنة لغزة بضغط ترامب… هل تنتقل الحرب الى لبنان؟
كأن بنيامين نتنياهو قرر أن يبدّل الجبهة لا أن يُطفئ النار. فبعد إذعانه للرئيس الأميركي دونالد ترامب وموافقته على خطة مبعوثه ستيف ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة، تحوّلت أنظاره سريعاً إلى لبنان، حيث تبدو الساحة الجنوبية مرشحة لتكون الجبهة الجديدة المفضلة للإبقاء على ماكينته العسكرية في حال استنفار. هذا التحوّل لا يأتي من فراغ، بل يتزامن مع تصاعد الانتقادات الأميركية لـ”حزب الله” وسلوكه، في لحظة ديبلوماسية لافتة، تستعد فيها المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس لزيارة بيروت نهاية الأسبوع المقبل، وتتسرّب معلومات أنها ستكون حاملةً ما يشبه الإنذار السياسي: سلة شروط أميركية تتعلّق بحصرية السلاح بيد الدولة، ترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل، تنظيم ملف اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، إطلاق مشاريع إعادة الإعمار في الجنوب والبقاع، والانخراط في مسار سلام إقليمي… على أن تُطرح هذه الشروط ضمن جدول زمني محدد، مع مهل تنفيذية واضحة، وتلويح بعواقب سياسية واقتصادية في حال التأخير أو التمنّع.
الرسالة باتت واضحة: لبنان على موعد مع اختبار سيادي كبير، والساحة الجنوبية مرشّحة لأن تكون المسرح المفضّل لحكومة نتنياهو التي تسعى الى الحفاظ على زخمها العسكري، بعدما اضطرت الى التراجع في قطاع غزة تحت ضغط البيت الأبيض. وبينما تروّج إسرائيل داخلياً لفكرة “القبول التكتيكي” بوقف النار، تحاول تعويض هذا التراجع الميداني بتوسيع رقعة التوتر في الجنوب اللبناني، حيث الحسابات تختلف والساحة أكثر تعقيداً.
وفي موازاة الحديث عن قبول إسرائيل بخطة ويتكوف، لم ينتظر الطيران الاسرائيلي كثيراً ليؤكد أن وقف النار لا يعني وقف الغارات. فخلال الساعات الماضية، نفّذت الطائرات الحربية الاسرائيلية ست غارات توزّعت على مناطق: أطراف برغز، القاطراني، والريحان، كما استُهدفت تبنة في البيسارية، ورأس مازح في وادي الصفا بين كفرفيلا وصربا وعين قانا، إلى جانب قعقعية الصنوبر، والجبور في كفرحونة. أما أبرز الغارات فكانت تلك التي استهدفت موظفاً في بلدية النبطية الفوقا خلال قيامه بعمله في منطقة حرج علي الطاهر، في هجوم نُفذ بواسطة طائرة مسيّرة، وأدى إلى وفاته، ما اعتُبر مؤشراً خطيراً على نية واضحة لترهيب البيئة المدنية ومحاولة دفعها إلى الضغط على “حزب الله”.
بالتزامن، أطلق قائد قوات “اليونيفيل” الجنرال أرولدو لاثارو تحذيرات غير مسبوقة، مؤكداً أن الوضع على طول “الخط الأزرق” لا يزال متوتراً وغير قابل للتوقع، وأن أي خطأ قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. وفي كلمة خلال “اليوم الدولي لحفظة السلام”، أشار لاثارو إلى أن “اليونيفيل” تؤمّن قناة للحوار من خلال آليات التنسيق، وتُسهم في بناء أسس الحلّ، مشدداً على أن “الطريق إلى السلام في جنوب لبنان هو طريق سياسي”، وعلى أهمية بقاء الجيش اللبناني في الجنوب كضامن وحيد للسلطة والأمن. ودعا المجتمع الدولي إلى الاستمرار في تقديم الدعم اللازم للقوات المسلحة اللبنانية.
في المقابل، يواصل “حزب الله” تقديم نفسه كمرجعية فوق الدولة، يطالب الحكومة بتحمّل مسؤولياتها، لكنه لا يمنحها القرار. يدّعي احترام السيادة، لكنه يحتكر أدوات الردّ والحرب والسلم. وبينما تشتعل الجبهة الجنوبية وتستهدف الغارات المناطق المدنية، يختبئ الحزب خلف خطاب مزدوج: يُحمّل الدولة مسؤولية ما يجري، ويمنعها في الوقت نفسه من ممارسة قرارها. يشارك في الحكومة، لكنه يحتفظ بسلاحه كأداة ضغط وشروط مسبقة. وهذا التناقض بات مكشوفاً، داخلياً وخارجياً، في ظل تقدم الخطاب الدولي المطالب بحصرية السلاح والسيادة.
نزع 80% من السلاح جنوب لبنان
وتحت ضغط هذه التناقضات، خرج رئيس الحكومة نواف سلام بمواقف لافتة في مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال”، شدد فيها على وجوب “أن تحتكر الدولة السلاح في جميع الأراضي اللبنانية”، كاشفاً أن الحكومة اللبنانية “حققت ما يقارب 80% من أهدافها في نزع سلاح الميليشيات جنوب البلاد”. وأكد أن “لبنان لا يريد الدخول في حرب أهلية جديدة، لكنه ملتزم بتوسيع سلطة الدولة وتعزيزها”. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أن “التقدم المحرز في نزع سلاح حزب الله فاجأهم”، وأن الحزب اضطر الى التنازل عن السيطرة الأمنية على المطار، في ما يشبه الإشارة إلى بداية تغيّر فعلي في التوازنات الداخلية.
تعيينات ومنح في جلسة الحكومة
على الصعيد التنفيذي، عقد مجلس الوزراء جلسة برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في قصر بعبدا، وأقر البند المتعلّق بالمنح المالية للعسكريين: 14 مليون ليرة للعسكريين في الخدمة و12 مليوناً للمتقاعدين، على أن يُباشر بها بدءاً من أول تموز. كما شهدت الجلسة موجة تعيينات إدارية شملت: تعيين جورج معرّاوي مديراً عاماً لوزارة المالية بالأصالة، وغسان خير الله أميناً عاماً لمجلس الإنماء والإعمار، إلى جانب تعيين يوسف كرم وإبراهيم شحرور نائبين للرئيس، وحسام عيتاني، جورجيو كلاس، فراس أبو دياب كأعضاء غير متفرغين، وزياد نصر مفوضاً للحكومة لدى المجلس. كذلك تم تعيين أحمد عويدات مديراً عاماً لهيئة “أوجيرو”.
السعودية تدعم موسم الصيف
أما على خط الدعم العربي، فاستقبل السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في مقر إقامته في اليرزة، وفداً من “تجمع الشركات اللبنانية” برئاسة الدكتور باسم البواب. ووفق بيان للوفد، جرى خلال اللقاء عرض للتطورات الايجابية في لبنان والتقدم الحاصل على مستوى العمل الحكومي، وخصوصاً في الشقين الاقتصادي والاداري. كما تم البحث في سبل تعزيز التعاون بين القطاع الخاص اللبناني والسعودي، وفي تحضيرات لبنان لإنجاح موسم الصيف، في محاولة واضحة لإبراز صورة استقرار نسبي تجاري وسياحي بالتوازي مع التصعيد الأمني والسياسي.
لبنان الكبير
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|