الرئيس عون اتصل برئيس دولة الإمارات: مجيء البعثة أظهر إهتماماً يعكس عمق العلاقات
هاجس يسكن وليد جنبلاط... هذه أولوياته!
رغم المتغيّرات التي استجدّت في الإقليم مع سقوط نظام بشّار الأسد، والارتياح الذي خلفه هذا المتغيّر عند الرئيس وليد جنبلاط، إلّا أن القلق لا زال غالباً في المختارة، والسبب يكمن في إسرائيل ومشاريعها التوسعية القائمة على التقسيم على أسس قومية ومذهبية وخطر هذه المخططات التي لم تنته.
في كل إطلالة علنية ولقاء خلف الكواليس، لا يخفي جنبلاط هذا الهاجس من إسرائيل وما تضمره للبنان وسوريا والأردن ومصر من مشاريع تقسيم وتهجير، كونه قرأ واختبر العقل الإسرائيلي وممارساته، وقد تكون أولويته محاولة تحييد الطائفة الدرزية في لبنان وسوريا عن الانجرار خلف هذه المشاريع.
يعي جنبلاط أن المؤسسة الإسرائيلية السياسية اليمينية المتطرفة لن توقف مشاريعها رغم الاعتراف الأميركي بالسلطات السورية الجديدة، وإن أوقفت عملياتها المباشرة ضد سوريا، فإن أدواتها تنشط استخباراتياً على خط زرع مخططات الفتنة والتقسيم.
هذا الفهم ينطلق من مبدأ إسرائيلي وجودي، تقسيم المنطقة إلى دويلات مذهبية وقومية متناحرة تتقاتل ضد بعضها، فتقلل كل خطر عسكري ضد إسرائيل من جهة كونها تنشغل في الاقتتال في ما بينها، وتشرّع وجود إسرائيل ككيان قومي، وتمنح إسرائيل قوة إضافية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
يقرأ جنبلاط الجغرافيا والتاريخ والسياسة، ويعي أن إسرائيل سوف تستفيد من الوجود الدرزي جنوب سوريا، ومن النزاعات المتطرفة لدى بعض الجماعات المسلّحة، فينطلق نحو تحييد الدروز عن هذه المشاريع حتى لا يكونوا أدوات إسرائيل، وذلك من خلال تمتين العلاقة مع الدولة السورية، وتحصين الساحة الداخلية.
يعمل جنبلاط على هذين الخطين، وبعد زيارته الرئيس السوري أحمد الشرع وترتيب العلاقة بينه والدروز، انصرف جنبلاط لترتيب بيته الداخلي، كونه يعلم أن إسرائيل سوف تحاول اختراق المجتمع الدرزي وتستغل خصوم المختارة، لتغذية الاتجاهات الانعزالية والانفصالية والمطالبة بالانضمام إلى إسرائيل أو حمايتها.
هذه الاتجاهات موجودة لدى قلّة قليلة غرقت بأوهام الانعزال وتشييد الدولة الدرزية تحت الحماية الإسرائيلية، لكن التجارب أثبتت على مر التاريخ أن الانعزال قاتل وكل انعزال أو عزل فشل في ظل اتجاه العالم بخطى ثابتة أكثر نحو العولمة، وأن إسرائيل لا تحمي بل تقتل، أو تستفيد من خصومها ثم تقتلهم، لأن هدفها وجودها فقط، ولهذا السبب أقرّت قانون القومية وصنفت شعبها فئات.
زار جنبلاط النائب السابق طلال أرسلان، والبحث كان على مستويين، الأول البلديات، والثاني كيفية تحصين الداخل الدرزي من الاختراقات الإسرائيلية، وعدم فتح المجال لاستغلال أي خصومة سياسية، فتقررت الجولة على المشايخ الدروز، وإجراءات سياسية وانتخابية أخرى ستتكشف خلال الفترات المقبلة.
يعي جنبلاط أن أسباب الخصومة بينه وأرسلان انتهت مع سقوط الأسد، والأولويات تبدّلت، وبات التهديد الإسرائيلي آنياً أكثر من أي وقت مضى، وأن السياسة الاسرائيلية ستستغل كل ظرف لتحقيق الخرق وتقسيم الدروز لتنطلق من هذا الانقسام نحو الفتنة المذهبية وثم تقسيم المنطقة.
التفاهم مع أرسلان سيكون باب الحل للداخل الدرزي اللبناني، لكن القلق ينطلق من سوريا، حيث الميدان الذي من المفترض أن المحاولات الإسرائيلية تنشط فيه أكثر، والانقسام واقع، لكن واقع التفاهمات بين الدروز والسلطات السورية وتراجع منسوب الاحتقان والتوتر سيكون العامل الأقوى في تحصين الداخل الدرزي السوري أيضاً.
هواجس جنبلاط أبعد بكثير من مقعد نيابي أو وزاري أو حساب سياسي وحزبي، بل إن قلقه يكمن في احتمال تبدّل شكل المنطقة الحالي والحدود المتعارف عليها، والانتقال نحو النموذج الإسرائيلي الذي يقوم على تصغير الكيانات وتكبير الجماعات المذهبية، ونشاطه سيكون في ملعب الحفاظ على التركيبة الحالية السياسية والديمغرافية الحالية بوجه المحاولات الإسرائيلية.
جاد فياض- الأنباء
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|