بسبب "التخصيب الصفري".. إيران تهدد بالانسحاب من المفاوضات النووية
مَن يريد الاستغناء عن "اليونيفيل": إسرائيل أم مَن؟
على مسافة أسابيع على نهاية ولاية القوات الدولية المعززة "اليونيفيل" في 30 آب المقبل، تلاحقت السيناريوهات التي تحاكي مصيرها ودورها وما يسهّل مهمّاتها أو يعوقها، في ظلّ تعدّد الاعتداءات التي تتعرّض لها من الداخل أثناء قيامها بدورياتها المنتظمة يومياً أو من الخارج. وهو أمر يحمل كثيراً من المغالطات التي لا تُحصى، سواء أُطلقت عن جهل او عن رغبة بأن تنشأ مثل هذه الحالات. وهذه عينة مما يتداول به في الكواليس حول ما يطاول شؤونها على المستويات كافة.
منذ اللحظة التي صدر فيها القرار 1701 عن مجلس الأمن الدولي في 12 آب 2006 عقب حرب الايام الـ 33، اكتسبت قوات "اليونيفيل" في الجنوب اللبناني إسماً جديداً، ووصفت في القرار بـ "القوات الدولية المعززة"، بعدما تقرّر رفع عديدها إلى 15 ألف ضابط وجندي من "رجال حفظة السلام"، على أن تلاقيها الحكومة اللبنانية بتوفير 15 ألفاً من الجيش اللبناني، فبوشرت الاتصالات على أعلى المستويات، ورُفع العدد تدريجياً في سنوات قليلة إلى أن بلغ في إحدى مراحل الذروة 13 ألفاً من الجنود المنتمين إلى مجموعة كبيرة من الدول، وهي تضمّ في ولايتها الحالية نحو 10 آلاف ضابط وجندي، فيما لم يتمكن لبنان من نشر أكثر من 5000 آلاف جندي لبناني في منطقتها ولم يحاسبه أحد حتى اليوم.
وتعترف مراجع معنية تواكب شؤون "اليونيفيل" وما يرافق عملها ومهماتها وتركيبتها على كل المستويات، بأنّه لم توجّه أي دولة اتهاماً إلى لبنان بأنّه كان مقصّراً في توفير القوة الكافية التي تعهّد بها لأمن المنطقة الجنوبية. فهم يدركون ويتفهمون حجم المهمّات الملقاة على عاتق جيش لم تُلق على أي جيش نظامي آخر، فهو مسؤول عن أمن اللبنانيين والمقيمين في الداخل كما على الحدود، وهو يدير مجموعة من المناطق العسكرية التي أعلن عن تشكيلها في بيروت الكبرى والبقاع الشمالي وصيدا وطرابلس ولو لفترات متقطعة، رافقت مجموعة من الأزمات المتنقلة ولفترات متقطعة.
ولمن لا يعرف او يتابع ليدرك حجم وتركيبة قوات "اليونيفيل" في أوضاعها الحالية، لربما يستفيد إن علم أنّها تجمع ضباطاً وجنوداً من 48 دولة من مختلف الاختصاصات العسكرية، وهي تتوزع على مستوى القوى الكبرى ما بين 1255 إندونيسياً، 1098 إيطالياً، و902 هندي، 878 غانياً، 831 ماليزياً، 749 فرنسياً، 690 إسبانياً، 273 إلمانياً و272 من كوريا الجنوبية. وإنّ مهماتها تستلزم موازنة كبيرة من نحو 530 مليون دولار أميركي سنوياً، وإنّ نسبة لا تقلّ عن 45 % منها تنفق في الجنوب في مختلف وجوه الحياة اليومية لجنودها والمؤسسات التي يرتادونها. هذا عدا عن الموازنات الخاصة التي خصصتها القوات الدولية لمساعدة وحدات الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى، فمدّتها بالمشتقات النفطية ومستلزمات عسكرية مختلفة. كما أنّ دولاً منها ساهمت في القيام بخدمات ترفيهية وتربوية، كتعليم اللغات الأجنبية وأخرى تقع تحت خانات مختلفة منها الاجتماعية والإنسانية والخدمات الطبية والبيطرية. حتى وصلت إلى حدود تزويد بعض القرى مولّدات الطاقة الكهربائية وإنارتها، ودفعت العجلة الاقتصادية والاجتماعية إلى الذروة التي لم يعرفها الجنوبيون يوماً من أيام حياتهم.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، ترفع مصادر ديبلوماسية عليمة من مستوى تحذيراتها إلى القيادات السياسية والحزبية والروحية الجنوبية عموماً والشيعية منها، خصوصاً إلى ضرورة التنبّه لمخاطر تكرار الاعتداءات على قوات "اليونيفيل" في أي مهمّة تقوم بها، فهي وإن تعدّدت الاتهامات ومهما كان شكلها ومضمونها، فإنّ بطلانها كافٍ للعمل على وقف هذه الممارسات التي تسيء إلى أبناء الجنوب قبل غيرهم، كما تسيء إلى معنويات الجنود الذين دفعوا عشرات الشهداء حتى الأمس القريب نتيجة العدوان الإسرائيلي المتكرّر، مع انّ بعضهم قُتل برصاص لبناني كانوا يعتقدون انّه انطلق من "سلاح صديق". وهي بكل أشكالها وأياً كان مصدرها لم ولن تمسّ رسالتها السلمية التي ضمنت الأمن للجنوبيين لفترات طويلة، ووفّرت فرص عمل للآلاف منهم. فأبقتهم في قراهم التي انتعشت لفترات طويلة قبل أن تؤدي الحرب الأخيرة إلى تدمير ممتلكاتهم في عشرات القرى، حتى أُزيلت مظاهر الحياة المدنية والجغرافية فيها.
على هذه الخلفيات، يسعى بعض المراجع الديبلوماسية إلى فهم ما يريده المحرّضون على هذه القوات، والتي تهدّد سلامة جنودها الذين لم يُطلقوا رصاصة واحدة في اتجاه أي لبناني منذ أن انتشروا في المنطقة. وإنّ على هؤلاء أن يتفهموا انّ القوات الدولية عندما تسيّر دورياتها الاستثنائية من دون مواكبة الجيش اللبناني، إنما يكون هذا تنفيذاً لقرار التمديد في آب 2022، الذي أعطاها الحق بالعمل كقوة منفردة، ولكنها لم تفعل ذلك من دون مواكبته، بعدما تعددت التفسيرات التي أطلقها الجنوبيون وصولًا إلى اتهامها بالعمالة للعدو، قبل أن يكتشفوا مواقع العملاء الحقيقيين، الذين قادت إفاداتهم إلى ملاحقة القادة من الحزب وتدمير مواقعهم الرئيسية والأساسية أينما وُجدت جنوباً وبقاعاً وفي الضاحية الجنوبية، إلى حدّ اغتيال أمينين عامين بفارق أيام بينهما.
وبناءً على ما تقدّم، تلفت المراجع الديبلوماسية إلى أهمية وقف هذه الاعتداءات، لئلا تقع هذه القوات بين نارين داخلية وأخرى اسرائيلية، وخصوصاً في هذه المرحلة بالذات. ذلك انّ الجهود الدولية قد تؤدي إلى رفع عديد "اليونيفيل" وتعزيز موازنتها، في وقت تعددت الضغوط لتقليصهما. فيما تطالب إسرائيل بطردها من المنطقة وبإخلائها نهائياً، بما يخالف المهمّات الأخيرة التي أُنيطت بها إلى جانب الجيش بموجب تفاهم 27 تشرين الثاني 2024.
وتشير هذه المراجع بكثير من الاستغراب إلى ضرورة التدخّل الفوري لوقف هذه الاعتداءات من "أهل البيت" على "اليونيفيل"، والإتعاظ مما صدر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، مع مطالبته بمزيد من الضغوط على القوى الأخرى التي تتمادى في التحريض عليها. وأضافت المصادر: "كان يُقال من قبل عندما يهاجم "جيش النساء" دورياتها انّها تبحث عن مخازن أسلحة الحزب إنفاذاً لقرار صدر عام 2006، وتعهّد لبنان بتطبيقه قبل ان يكتشفوا بعد 17 عاماً وبعد تدمير الجنوب بوجود أكثر من 500 موقع ومركز ومخزن لأسلحة الحزب. فكيف اليوم إن قيل إنّه تمّ تفكيك قواه العسكرية ومواقعه جنوب الليطاني ولم يتوقف الطيران الإسرائيلي حتى الأمس عن استهداف مزيد منها".
وختمت هذه المصادر: "إنّ أهم ما هو مطلوب اليوم هو وقف التذاكي على اللبنانيين والمجتمع الدولي. فالجميع من لبنانيين وإسرائيليين ومعهم المجتمع الدولي، يعرفون انّ القرار 1701 لم يُنفّذ منذ صدروه عام 2006، وانّ التكاذب المتبادل قاد إلى الحرب الأخيرة. ولذلك فإنّ الحدّ الأدنى من الصدق مطلوب اليوم، للتثبت إن كانت إسرائيل وحدها تريد الإستغناء عن "اليونيفيل"، أو أنّ هناك من يلاقيها من الداخل، وقبل فوات الأوان".
الجمهورية – جورج شاهين
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|