محليات

وزيرة التربية: نحن من يحدد أولويات التمويل وليس المانحين!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في تجربة غير مألوفة، اختبر تلامذة المرحلة الأساسية (من الأول حتى السادس الأساسي) في المدارس الرسمية، «التقييم التشخيصي الموحد» لقياس الكفايات التأسيسية في اللغات والرياضيات.

«الاختبار الوطني» الذي توزع على ثلاثة أيام (يومين للتقييم الشفهي ويوم للخطي) لم يكن امتحاناً تقليدياً يحدد مستوى النجاح والرسوب، بل تقييماً يسمح، بحسب وزيرة التربية ريما كرامي، بـ «تكوين فهم معمّق للفاقد التعليمي في المهارات القرائية والحسابية، وتشخيص مستويات التحصيل لدى التلميذ، تمهيداً لوضع خطط لبرامج تدخُل مع بداية العام الدراسي المقبل لمعالجة هذا الفاقد».

في لقائها مع «الأخبار»، بدت كرامي مرتاحة لسير استحقاق «سلمت الوزارة دفته من ألفه إلى يائه، وستحدد بناء على نتائجه حاجات التعليم وأولوياته والتوجهات الإستراتيجية، بلا أي تدخل من الجهات الدولية المانحة، ولا سيما البنك الدولي ومنظمة اليونيسف». وأضافت أنه كان سهلاً على الوزارة أن تسير في التجربة، انطلاقاً من الداتا المجمّعة لديها سابقاً حول الفاقد التعليمي المتراكم، نتيجة كورونا، والتعليم من بعد، والحرب الإسرائيلية، والأزمة المالية والمعيشية، وإضرابات المعلمين.

ونفت كرامي الاتهامات بأن الهدف من الاختبار لا يتجاوز اجتذاب التمويل من الجهات الدولية نفسها، مؤكدة أن الهدف هو «القول للمانحين إننا جاهزون ونحن من نقول لكم متى تساعدوننا وأين وكيف وبناءً على دراسات نعدّها بأنفسنا، أي توظيف التمويل الذي نقنعهم بإعطائنا إياه للتلامذة وخصوصاً في الدوام الصباحي، بما أن معظم الأموال الدولية مخصصة لتعليم اللاجئين السوريين».

وأبدت كرامي قناعة بأنه باتت في حوزة المديرين ومعلمي اللغات والرياضيات المعلومات الأساسية عن كل تلميذ، ليبنوا عليها خططهم في العام الدراسي المقبل، «كذلك، إن المركز التربوي للبحوث والإنماء، أو الجهاز البحثي للوزارة، أصبح قابضاً على المعطيات التي ستعتمد في تطوير المناهج والتحليل الاحصائي، ما سيساعدنا في معرفة طبيعة التدخلات التي يمكن أن نصممها أو يمكن أن نعتمدها بطريقة دقيقة».

كيف استعدت الوزارة للاستحقاق؟

اللقاء الأول كان مع المركز التربوي لبناء الاختبار على أسس علمية، والاستفادة من التجارب الصغيرة السابقة في هذا المضمار، فيما كانت مديرية الإرشاد والتوجيه تواكب الاختبار ميدانياً على غرار الدور الذي تؤديه في الامتحانات الرسمية، ولكون ذوي الاحتياجات الخاصة كانوا جزءاً من «التشخيص» أيضاً. وأضافت كرامي أنه تم تفعيل الخط الساخن والتواصل مع المديرية العامة للتربية ومديرية التعليم الابتدائي التي أدت الدور الأساسي، وكانت صلة الوصل مع المناطق التربوية في المحافظات، ووحدة المعلوماتية، وفريق الاستشاريين في مكتب الوزيرة.

أما الأسئلة فقد «طُبخت» في المركز التربوي، بالتنسيق مع الاستشاريين ليس داخل الوزارة فقط، إنما أيضاً مع أصحاب الخبرات خارجها، أو «الاختصاصيين الأصدقاء»، كما سمّتهم، «من دون أن يرتب ذلك أي أكلاف أو أعباء إضافية على الوزارة». وجرى الاعتماد على مراجع علمية معروفة وتجارب ناجحة أخذت منها جزئيات من الأسئلة.

التجربة طالت التعليم الرسمي فقط، إذ أشارت كرامي إلى أن «لدينا أولويات وقدرات بشرية محدودة، ورقابتنا على القطاع الخاص لناحية المناهج محصورة بالامتحانات الرسمية، وإن كان ذلك لا يمنع أن نضع الاختبار في تصرف أي مدرسة خاصة تعرب عن رغبتها في الحصول عليه، وهناك مدارس طلبته منا فعلاً، وأخرى أجرت تمريناً مشابهاً ضمن مناهجها الخاصة في حرمها».

مع ذلك، لم يسلم التقييم من الانتقاد والرفض في صفوف بعض المديرين والمعلمين. الاعتراض الأبرز كان من عدد من المعلمين المتعاقدين الذين قاطعوا بعض محطات الاستحقاق، ربطاً بحرمانهم من الحوافز وبدل الإنتاجية في الصيف.

كذلك خرجت الصرخة ضد التقييم «الذي هبط علينا من الفضاء متجاهلاً حساسية التوقيت في الأسبوع الأخير من العام الدراسي والمخصص عادة لإنجاز ما هو مطلوب من كفايات ومراجعة المنهج، فقضى على أربعة أيام تدريس فعلي».

ومن المديرين من قال إنه «كان يمكن الحصول على النتيجة المرجوة نفسها من امتحانات السعي أو من خلال الاستماع إلى المديرين الذين يمكن أن ينقلوا إلى الوزارة الصورة الفعلية لواقع التلامذة والمعلمين».

واستوقف بعضهم أيضاً «الإصرار على الحفاظ على سرية وصول المعلومات بحيث يفرض علينا أن نأتي باكراً لإنجاز المطلوب من طباعة المسابقات الخطية وكأنه امتحان كولوكيوم، علماً أننا نستطيع أن نجهزه قبل يوم واحد، وخصوصاً في مدرسة تضم أكثر من ألف تلميذ وتفتقد إلى القدرة اللوجستية على إنجاز المطلوب».

وفي الملاحظات أن التلامذة غير معتادين على هذا النوع من الاختبارات الشفهية والخطية التي تجرى لهم من دون تحضير، فشعروا برهبة كبيرة، مع علمهم المسبق بأن التقييم ليس عليه علامات.
كرامي قللت من حجم العقبات «التي ذُللت بنسبة كبيرة، إذ يكفي أن نعرف أن هناك مدرستين فقط من أصل 880 مدرسة رسمية لم تشاركا في التجربة لأسباب خاصة».

وبالنسبة إلى مقاطعة المتعاقدين قالت «إننا شرحنا للمعترضين أن عليهم واجبات كما لديهم حقوق، والعلاقة معهم تعاقدية، إذ ينالون بدل الساعة التي يعملون فيها. منهم من اقتنع وقام بالمهمات المطلوبة منه، ومنهم من مارس حقه بالمقاطعة، فيما الإدارة مارست هي أيضاً حقها بالاعتماد على الموارد البشرية الموجودة لديها لإنجاز الاستحقاق الوطني، باعتبار أن الوقت لم يكن لمصلحتنا».

وأكدت أن توقيت الاختبار «أكثر من مناسب، لكونه ضمن الدوام المدرسي، ولا يرتب أي أعباء مالية إضافية على الدولة، كما إنه ملائم من الناحية التربوية، لكونه يقع قبل نهاية العام الدراسي بعدما أنجزت البرامج، وهو امتداد للامتحان النهائي. ثم إنه صُمّم ليكون دواء على الريق، أي بمعنى أنه ليس مطلوباً أن يكون التلميذ مستعداً له، علماً أن الكادر التعليمي والإداري طمأنا الممتحنين بأن لا شيء يستدعي الرهبة، إذ لا شيء سيؤثر في نتائجهم الدراسية ومعدلاتهم».

واستدركت بأن «تروما الامتحان صفة لصيقة بمجتمعنا والرهبة موجودة عند الأهل أكثر من التلامذة، ولكن لا ضير في ذلك، فبعض الرهبة هي جزء من تجربة الحياة».

رغم ذلك، رأت كرامي أن «المعلمين والمديرين الجديين أدركوا أن المعلومات المتوخاة لا يمكن استخراجها من أي امتحانات أخرى، وما جمعناه من معطيات حول مسابقة مدتها خمسين دقيقة سنعمل عليه أربعة أشهر»، مؤكدة «أننا لا نستطيع أن ننتظر معالجة كل الصعوبات حتى نشتغل تربية».

وعن ضمان شفافية العملية والإصرار على تجنب أي تسريب للأسئلة، أوضحت كرامي أن «التقييم التشخيصي ليس امتحاناً رسمياً تتخذ فيه قرارات مصيرية، وليس تقييماً للمعلم ما إذا كان ناجحاً أو فاشلاً، إنما كان التعويل على مهنية هؤلاء المعلمين ومسؤوليتهم في تجميع داتا دقيقة عن نحو 130 ألف تلميذ شاركوا في الاستحقاق، وإذا حصلت بعض الأخطاء والتجاوزات، فإن هذا الهامش لن يؤثر في الاستنتاجات على المستوى الإستراتيجي، ولكن بقدر ما يكون هؤلاء جديين في إعطائنا المعلومات الصحيحة، بقدر ما يساعدنا ذلك في وضع برامج دقيقة للتدخل».

هل سنجد أثراً لهذا التقييم في مستوى التعليم في المدارس الرسمية باعتبار أن التجربة أثبتت في العادة أنّ الدراسات تموّل وتذهب نتائجها أدراج الرياح؟

الأصداء التي وصلت إلى الوزارة، بحسب كرامي، «مشجعة لجهة أن المعلمين حصلوا على معلومات مختلفة عن المعلومات التي يعرفونها عن مهارات تلامذتهم، وهذا بحد ذاته كنز يستطيعون أن ينطلقوا منه ليحسنوا طرائق التعليم، ونحن من جهتنا سنواجه التحديات بكل القدرات التي نملكها وعلى قدر التمويل، فإذا كان التمويل كبيراً يكون التدخل على نطاق واسع، وإن كان صغيراً يكون على نطاق ضيق».

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا