محليات

لبنان بين سندان السلاح ومطرقة التسوية: صراع وجود لا ملف داخلي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تتعمّق في لبنان مجدداً إحدى أكثر المواجهات السياسية احتداماً، مع عودة النقاش حول مسألة حصرية السلاح بيد الدولة إلى واجهة المشهد، في توقيت بالغ الدقة محلياً وإقليمياً. بين رئيس الحكومة نواف سلام الذي يلقى دعماً عربياً ودولياً واضحاً، ووزراء يعتبرون أنفسهم أمناء على فكرة "الدولة الواحدة"، من جهة، وبين حزب الله وحلفائه الذين يرفضون المساس بما يعتبرونه "سلاح الردع"، من جهة مقابلة، ينكشف مجدداً عمق الانقسام الوطني حول واحدة من أخطر القضايا التي ظلت مؤجلة منذ ما بعد الطائف.

رئيس الحكومة يتبنى خطاباً واضحاً: لا إعادة إعمار ولا استثمارات ولا تعافٍ اقتصادي في ظل سلاح خارج سلطة الدولة. ومن هنا، فإن أي عملية إنقاذ حقيقية تمر أولاً عبر تطبيق القرار 1701 بالكامل، بما يعيد للدولة اعتبارها كمصدر وحيد للشرعية الأمنية والعسكرية. وفق هذا التوجه، فإن استمرار سلاح حزب الله لا يشكل فقط عقبة سياسية بل مانعاً فعلياً لأي استقرار داخلي وجذب خارجي، ويُبقي لبنان رهينة لمعادلات إقليمية خارجة عن إرادته، في حين أنه بأمس الحاجة اليوم إلى استعادة دوره كدولة لا كساحة.

في المقابل، يرفض حزب الله هذا الطرح ويعتبره في غير مكانه وزمانه. بل يرى في إثارة ملف سلاحه في هذا الظرف، الذي يشهد تصعيداً ميدانياً خطيراً على الجبهة الجنوبية، محاولة مكشوفة للضغط عليه وتقييده، ضمن لعبة إقليمية تسعى إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة. الحزب يربط أي بحث في هذا الملف بمجموعة شروط يعتبرها بديهية، تبدأ بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، مروراً بتثبيت الحدود ووقف الانتهاكات، ولا تنتهي بتحقيق بيئة لبنانية آمنة تتّسم بالإجماع الوطني. ويذكّر بأن سلاحه لم يُستخدم يوماً إلا في مواجهة العدو الإسرائيلي والإرهاب، وأن موقعه في معادلة الردع لا يمكن القفز فوقه بضغط خارجي أو عبر شروط اقتصادية تُلوّح بها بعض العواصم.

في خلفية هذه المواجهة، يكشف مصدر دبلوماسي رفيع في بيروت، في حديث إلى "وكالة أخبار اليوم"، عن قراءة أكثر اتساعاً لما يجري، فالمسألة – برأيه – تجاوزت البُعد الداخلي، "وهي تعكس ما يشبه الصراع المسبق على شكل لبنان المقبل في ضوء متغيرات إقليمية بدأت تتبلور. فـ"إثارة هذا الملف حالياً ليست بريئة، بل هي جزء من سباق خفي بين من يسعى لتطويع المعادلة الداخلية قبل أي تسوية قادمة، وبين من يريد تثبيت نفسه كرقم صعب لا يمكن تجاوزه".

ويؤكد المصدر "أن لبنان عالق بين نارين: من جهة، تسويات دولية وإقليمية تلوح في الأفق، لا يمكن للبنان إلا أن يتأثر بها. ومن جهة ثانية، تصعيد ميداني مع إسرائيل يجعل أي بحث في مستقبل سلاح حزب الله مرتبطاً عضوياً بما ستؤول إليه الأوضاع جنوباً. هذا التداخل يجعل من السجال الحالي أكثر من مجرد خلاف لبناني – لبناني؛ إنه صراع على تموضع لبنان في أي نظام إقليمي جديد، وعلى توزيع الأدوار داخلياً وفق هذا التموضع".

أما الحسم، فلا يبدو قريباً. فبين من يرى أن لا قيامة للبنان دون إنهاء ازدواجية السلطة والسلاح، ومن يصر على أن خيار المقاومة ليس تفصيلاً عابراً بل ضمانة بقاء، يبقى لبنان أمام مفترق مصيري: إما أن ينجح في إنتاج صيغة توازن دقيقة تحصّن سيادته وتحمي استقراره، أو أن ينزلق أكثر نحو استنزاف داخلي طويل يهدد ما تبقى من دولته ومؤسساته، في انتظار حسم لن يصنعه اللبنانيون وحدهم.

داود رمال – "اخبار اليوم"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا