كم راتب يحتاج الموظف اللبناني لشراء الذهب للزواج؟
انعكس ارتفاع أسعار الذهب عالمياً على مظاهر الزواج في لبنان، وباتت خيارات المقبلين على الزواج ضيقة جداً بعدما لامس سعر الأونصة حاجز 3400 دولاراً مرتفعاً بأكثر من 700 دولار منذ نهاية العام 2024، إذ كان يتراوح مابين 2600 و2700 دولار.
عادات وتقاليد
تفرض العادات والتقاليد على الشباب في لبنان كما في المنطقة العربية، تقديم الحلي والمجوهرات في مناسبات عديدة، أهمها مناسبة الزواج. ويتطلب من المُقبل على الزواج شراء الحلي في فترة الخطوبة وقبل إتمام الزواج. هذا الواقع دفع شادي مطر (موظف في أحد المصارف) إلى تأجيل فكرة الارتباط مؤقتاً، بسبب التكاليف الأساسية للزواج، وفي مقدمتها أسعار الذهب. يقول لـ"المدن": من الأفضل تأجيل الفكرة حتى نهاية فصل الصيف، لتأمين كافة المتطلبات، وفي مقدمتها شراء الحلي والأساور وخاتم الزواج". يتقاضى مطر 800 دولار، وهو مبلغ لا يكفي لشراء خاتم، أو عقد للزواج.
وصل سعر غرام الذهب عيار 24 إلى أكثر من 106 دولارات، ما يعني أن راتب مطر لا يكفي لشراء 8 غرامات ذهب، وهو الوزن الطبيعي لشراء سوار، أو خاتم للزواج.
ويتراوح سعر طقم الذهب الذي يقدمه المُقبل على الزواج مابين 4000 إلى 8000 دولار، بحسب القطع المختارة، والتي تتراوح عادة ما بين سلسال، وأساور أو أقراط ومحبس للزواج، وهو ما يعني أن من يتقاضى الحد الأدنى (300 دولار) يحتاج إلى 13 راتباً لشراء طقم متوسط من الذهب، حتى من يتقاضى راتباً مقبولاً أي قرابة 1500 دولار يحتاج إلى أكثر من 6 رواتب مجموعة ليتمكن من شراء الذهب.
تأجيل فكرة الزواج؟
تهاوت قيمة الرواتب في لبنان منذ نهاية عام 2019، وعلى الرغم من محاولات الحكومات السابقة والحالية العمل على رفع الحد الأدنى للأجور، ليصل إلى 300 أو حتى 400 دولار في أفضل السيناريوهات، إلا أن هذه الزيادة لا تراعي مستويات التضخم العالمية، التي ترخي بظلالها على الملاذات الآمنة ومن ضمنها الذهب. فقد شهد المعدن الاصفر منذ بداية العام ارتفاعات هائلة، متخطياً للمرة الأولى في تاريخه حاجز 3400 دولار، وقد يصل إلى مستويات أعلى في ظل التوترات الجيوسياسية.
ارتفاع الأسعار دفع مؤسسات الائتمان إلى رفع التوقعات الخاصة بالذهب حتى نهاية العام، فقد رفعت "غولدمان ساكس" تقديراتها لسعر الذهب في نهاية 2025 من 2890 دولارًا إلى 3100 دولار للأوقية، مشيرةً إلى استمرار الطلب من البنوك المركزية كمحرك أساسي للأسعار. فيما يتوقع أن زيادة الطلب على الذهب الفعلي، قد يدفع الأسعار إلى مستوى 3500 دولار، فيما هناك تحليلات وتوقعات أخرى، تشير إلى إمكانية بلوغ سعر الأونصة 5000 دولار.
ماذا تعني هذه الأرقام؟
اتخذ الذهب مساراً تصاعدياً، من 2600 دولار بداية العام، إلى 2800 في شهر شباط الفائت، ومن ثم في منتصف شهر أذار تخطى حاجز 3000 دولار، وصولاً إلى 3300 في شهر نيسان، و3400 في شهر أيار، قبل أن يتراجع قليلاً مؤخراً. وفي حال استأنف الذهب الاتجاه التصاعدي، -وهو أمر غير مستبعد- فإن التأثيرات ستطال الشباب في لبنان بشكل رئيسي، خصوصاً محدودي الدخل.
يقول أنطوان الأحمر (موظف في إحدى الشركات) لـ"المدن": قررت وخطيبتي التخلي عن فكرة شراء المجوهرات لحفل الزفاف في الشهر المقبل، وبدلاً من ذلك، قررنا شراء أونصة واحدة". بحسب الأحمر، لم يؤثر ارتفاع أسعار الذهب على فكرة شراء المجوهرات، بل أيضاً، ارتفعت تكلفة اليد العاملة أو ما يطلق عليها "المصنعية". يشير إلى أن شراء خاتم يزن 3 غرامات، يصل سعره إلى 800 وألف دولار، على الرغم من أن سعر الغرامات الثلاث لا يتعدى 500 دولار، إلا أن التجار يضيفون أرقاماً فلكية بحسب وصفه على "الصياغة"، ولذا قرر الأحمر وخطيبته شراء الأونصة وتقديمها كهدية للزواج بدلاً من إهدار الأموال بحسب تعبيره.
خيارات أخرى
أمام ارتفاع أسعار الذهب، بدأ الشباب في التفكير في حلول أخرى، من ضمنها الاتجاه لشراء الفضة، أو حتى الألماس بالنسبة إلى الأثرياء، الذين يرفضون شراء الذهب بهذه الأسعار.
ويقول طارق الأغا صاحب محل "اللورد" للمجوهرات بأن الإقبال على شراء الذهب انخفض هذا العام مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق. ويضيف لـ"المدن": عادة يكثر الإقبال على شراء الذهب مع بداية الصيف، بسبب الإقبال على الزواج ومجيء المغتربين، إلا أن ارتفاع الأسعار دفع بالمواطنين إلى التخلي عن هذه الفكرة". ويشير إلى أن الكثير من الشباب يسألون عن فكرة تقديم الفضة كنوع من الهدايا للزواج، وهو ما دفعه لتخصيص قسم من محله لبيع الفضة، كما خصّص أيضاً جزء من المحل لبيع الذهب البرازيلي، وهو أرخص نسبياً من الذهب العادي، على اعتبار ان المجوهرات مطلية بماء الذهب، وليست ذات وزن مرتفع.
ويصل سعر "طقم من الذهب البرازيلي والمكون من عقد وأسوار" إلى نحو 400 دولار، بحسب ما يؤكده الآغا، ويرى بأنه خيار جيد لتقديمه كهدية في المناسبات.
الخيارات المطروحة، سواء الفضة أو الذهب البرازيلي، من الخطوات المرفوضة بالنسبة للكثير من العائلات، التي ترى بأن شراء الذهب، يعد جزء من الاستثمار وضمان حق الفتيات أمام أزواجهن، فيما ترى عائلات أخرى، بأن هذه العادات أدت إلى عزوف الشباب عن الزواج، وزادت من حدة الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها السكان في لبنان.
بلقيس عبد الرضا - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|