للمرة الثانية قرار إلغاء "وثائق الاتصال" حبر على ورق...وعلى عين الدولة!
في مذكرة رسمية، صدرت بتاريخ 5 حزيران الجاري، طلب رئيس الحكومة نواف سلام من الأجهزة الأمنية والعسكرية إلغاء وثائق الاتصال ولوائح الاخضاع بشكل فوري والاستعاضة عنها بمراجعة القضاء المختص احتراماً للحرية الشخصية وحفاظاً على الكرامات وضماناً لعدم المس بحقوق المواطنين من اي توقيفات اعتباطية او تعسفية. وأشار في المذكرة إلى ضرورة تعميم القرار على الأجهزة الأمنية والعسكرية كافة لشطب البرقيات المنقولة المعروفة برقم 303، التي ما زالت سيفًا مسلطًا على المئات من المواطنين اللبنانيين في الخارج، والموجودة على المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية كافة، والتي يتم تجديدها تلقائيًا وفق ما كان سائدًا في زمن الوصاية السورية. لكن ومنذ صدور المذكرة تم توقيف 4 أشخاص بناء على وثائق الإتصال و"الخير لقدام ".
القرار الصادر عن رئيس الحكومة جاء استنادًا إلى قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 328، والقانون رقم 359 المعدّل، ورأي الهيئة العامة لمحكمة التمييز الصادر بتاريخ 26 أيار 2014، ومبدأ احترام الحريات والكرامة الإنسانية. وقد شدّد القرار على أن الوثائق الصادرة عن الأجهزة الأمنية لا تملك أي صفة قانونية تخوّلها المسّ بحرية الأفراد، ولا يمكن التعويل عليها كمستند لتوقيف أو استدعاء أو ملاحقة أي مواطن.
اليوم تلقى هذه المذكرة نفس مصير المذكرة التي أصدرها رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام والسؤال البديهي، لماذا ترفض الأجهزة الأمنية أن تلتزم بقرارات رئيس الحكومة وما المطلوب من رئيس الحكومة الحالي كي يُلزم الأجهزة الأمنية تطبيق القرار الحكومي حتى لا يكون مصيره على غرار مصير السلف الذي أصدرة سلام؟
"المسألة لا تحتمل "المونة" ولا المماطلة يقول مدير برنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية، المحامي محمد صبلوح" ويكشف لـ"المركزية" أن بعد لقائه رئيس الحكومة نواف سلام تعهد الأخير بإلغاء الوثائق، فسأله صبلوح هل من ضمانات بعدم تكرار مصير قرار الإلغاء الصادر عن رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام؟ فأجابه إذا حصلت مخالفة فأنا المرجع الوحيد". وانطلاقا من تبني سلام مسؤولية تطبيق القرار، يسأل صبلوح" من يغطي الأجهزة الأمنية التي تصر على ضرب القرار عرض الحائط ومن يرغمها على مخالفة القانون وتنفيذ قرارات السلطة التنفيذية؟".
حتى الآن لا جواب على رغم مراجعة سلام بمخالفة الأجهزة الأمنية قرار إلغاء وثائق الإتصال، من هنا يؤكد صبلوح "وجوب محاسبة كل عنصر أمني لا ينفذ هذه الوثيقة . فالكل تحت سلطة القانون وإما أن نبني دولة مؤسسات أو نكمل في دولة عميقة تمارس الأفلام الهوليودية على الشعب اللبناني".
في العودة إلى تاريخ وثائق الاتصال ولوائح الاخضاع بشكل فوري، يقول صبلوح أنها أبصرت النور عام 1991 ومن حينه يتم توقيف عدد كبير من اللبنانيين بناء على هذه الوثائق ويتم إخضاعهم للتحقيق وصولا إلى "تركيب" ملفات وإصدار أحكام بحقهم ومنعهم من السفر وإصدار جوازات سفر. ويلفت إلى أن عملية "القوطبة" على القانون شرّع الباب أمام السمسرة وإجبار ذوي المتهم زورا بوثيقة اتصال للضابط أو العسكري دفع مبالغ مالية تراوح بين 2000 و5000 دولار لإلغائها علما أن هناك مذكرة قانونية صادرة عن رئاسة الحكومة بضرورة إلغائها. فما هي وثائق الإتصال؟
وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع" ، هي نوع من المذكرات أو القرارات الصادرة عن الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان، تُستخدم لمراقبة أو توقيف أفراد من دون المرورعبر القضاء أو إصدار مذكرة توقيف قضائية. وتصدر الوثيقة بناء على شبهات أو معلومات أمنية من دون وجود أدلة كافية أحياناً، وتُعمَّم على الحواجز الأمنية والمعابر الحدودية".
ويلفت صبلوح إلى أن الشخص المدوّن اسمه في هذه الوثيقة يُمنع من السفر، أو يُستدعى، أو يُحتجز فورًا عند عبوره أي حاجز أو معبر، حتى من دون أمر قضائي، وقد اشتهرت خلال وصاية النظام السوري على لبنان،واكتشف البعض أن إسمه وارد على هذه الوثائق فقط عند محاولته دخول لبنان، "من هنا أهمية إلغائها لرد الإعتبار للقضاء المُخَول وحده البت في مصير الناس، وإيقاف عجلة الممارسات الأمنية التي كانت تستخدم أحيانًا لأسباب سياسية أو شخصية، وتعزيزسيادة القانون وحماية الحريات العامة".
مسألة مخالفة قرار رئيس الحكومة في ملف رسائل الإتصال أثارته لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات بعد اجتماعها أمس برئاسة النائب جهاد الصمد، في موضوع "تمرّد"بعض الأجهزة الأمنية على أوامر السلطة التنفيذية. وقد أثار الصمد القضية باعتبار أن وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع "بدعة لا أساس قانونياً لها، وأصبحت مع الوقت عرفاً وتكرّست بحكم الأمر الواقع، وهذا من شأنه المسّ بالحرية الشخصية للمواطنين والتعدي على حقوقهم القانونية".
وعلى رغم تأييده المطلق لمضمون المذكرة الصادرة عن الرئيس نواف سلام، واستمرار الأجهزة الأمنية والعسكرية بإصدار تلك الوثائق على رغم صدور قرار إلغائها حتى يومنا هذا، يخشى صبلوح أن تستمر تلك الأجهزة عينها في تجاهل قرارات السلطة التنفيذية والقضائية، حتى بعد صدور هذه المذكرة عام 2025، ما يعرّض المواطنين لملاحقات تعسفية واستنسابية وغير قانونية تتعلق بحريتهم الفردية والشخصية".
ويختم مؤكدا أن الصمت لن يكون سيد الموقف هذه المرة"وسيصدر بيان عن مجموعة محامين في اليومين المقبلين نعلن فيه أننا سندّعي على أي عنصر أمني أو عسكري وأيا كانت رتبته أمام مدعي عام التمييز بجرم مخالفة قرارات السلطة التنفيذية وارتكاب جريمة الخطف والاختفاء القسري".
جوانا فرحات - المركزية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|