إقتصاد

الحرب الإقليميّة ترفع قيمة ذهب مصرف لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الميزانيّة التي نشرها مؤخرًا مصرف لبنان، والتي تعبّر عن وضعيّته الماليّة في أواخر النصف الأوّل من الشهر الحالي، لم تعكس جديًا تداعيات الحرب الإقليميّة الدائرة اليوم. فهذه الأرقام، أخذت صورة عن وضع المصرف في 15 حزيران، أي بعد يومين فقط من بدء التصعيد، ولم تأخذ بعين الاعتبار التحوّلات التي جرت بعدها. وقد يكون من الواقعي أكثر ترقّب تحديث أرقام الميزانيّة في نهاية هذا الشهر، لتكوين فكرة أوضح عن آثار هذا التصعيد على أوضاع المصرف المركزي النقديّة والماليّة.

ومع ذلك، عبّرت هذه الميزانيّة عن انعكاسات بدايات التوتّر، التي سبقت التصعيد، فضلًا عن تبعات أولى أيام التصعيد نفسه. وأبرز ما ظهر في الميزانيّة، كان الزيادة السريعة في قيمة احتياطات الذهب، الموجودة في مصرف لبنان، كنتيجة لزيادة أسعار الذهب العالميّة. كما عكست الميزانيّة استمرار قدرة المصرف على زيادة احتياطاته من العملات الصعبة، من دون التوسّع في خلق المزيد من النقد بالليرة لشراء الدولارات الأميركيّة من السوق. وهذا النمط يستفيد طبعاً من استمرار السياسة الماليّة المتبعة، التي تمتص الليرات من السوق عبر تحصيل الرسوم والضرائب، قبل إيداعها ومراكمتها في مصرف لبنان. وهذا ما يسمح للمصرف المركزي باستخدام هذه السيولة بالعملة المحليّة، لشراء الدولارات وضمها إلى احتياطاته، من طباعة أي ليرات جديدة.

الزيادة في احتياطات الذهب
مراجعة بند الذهب في الميزانيّة، تظهر ارتفاع قيمته من 30.4 مليار دولار أميركي في بداية شهر حزيران، إلى قرابة الـ 31.6 مليار دولار أميركي في منتصف الشهر، أي بعد يومين من التصعيد. بهذا الشكل، ارتفعت قيمة بند الذهب في الميزانيّة بقرابة الـ 1.2 مليار دولار أميركي، خلال فترة لا تتجاوز الـ 15 يوماً، وهو ما يمثّل أرباحًا دفتريّة تُضاف إلى ميزانيّة مصرف لبنان. ومن المعلوم أن مصرف لبنان اعتمد خلال السنوات الماضية -ومنذ أواخر أيّام رياض سلامة- مقاربات محاسبيّة جديدة، تخفّض من حجم الخسائر المتراكمة دفتريًا في المصرف بالتوازي مع كل زيادة في بند احتياطات الذهب (أو العملات الأجنبيّة).

وقد يكون من المفيد أن نستذكر أنّ قيمة الذهب الموجود في مصرف لبنان لم تكن تتجاوز حدود الـ 13.96 مليار دولار أميركي في تشرين الأوّل 2019، أي قبيل حصول الانهيار. وهذا ما يعني أنّ قيمة الاحتياطات ارتفعت خلال سنوات الأزمة بنحو 17.64 مليار دولار أميركي، حتّى هذه اللحظة، جرّاء الارتفاع في أسعار الذهب العالميّة.

في جميع الحالات، من المهم الإشارة إلى أنّ أسعار الذهب العالميّة بلغت مستويات قياسيّة قاربت حدود الـ 3,473 دولاراً أميركياً للأونصة، يوم 15 حزيران الماضي، مقارنة بنحو 3,323 دولاراً أميركياً عند افتتاح الأسواق في أوّل يوم عمل من هذا الشهر. وهذا بالتحديد ما يفسّر الزيادة السريعة في قيمة الذهب الموجود في مصرف لبنان، خلال الفترة التي شهدت تصاعد التوتّرات، قبل انفجار الأوضاع يوم 13 حزيران الماضي.

زيادة الاحتياطات
في المقابل، قفزت خلال الفترة نفسها احتياطات مصرف لبنان بالعملة الصعبة من 11.1 مليار دولار أميركي في بداية الشهر، إلى 11.3 مليار دولار أميركي في منتصفه، ما راكم زيادة إجماليّة قدرتها قرابة الـ 189 مليون دولار في هذه الاحتياطات. وكما هو معروف، يتمثّل مصدر هذه الزيادة في عمليّات شراء الدولار من السوق، التي يقوم بها مصرف لبنان على نحوٍ دوريّ.

في المقابل، لم تشهد الكتلة النقديّة المتداولة بالليرة اللبنانيّة، أي قيمة السيولة الموجودة في السوق بالعملة المحليّة، أي تغيير يُذكر. إذ ظلّ هذا البند مستقرًّا عند مستويات تتراوح بين 78.14 و78.38 ترليون ليرة لبنانيّة، بين بداية شهر حزيران ومنتصف الشهر. وهذا ما يعني أنّ المصرف المركزي لم يلجأ إلى طباعة المزيد من الليرات، للتمكّن من شراء الدولارات من السوق، ولم يقم بتوسعة الكتلة النقديّة المتداولة بالعملة المحليّة لزيادة احتياطاته. مع الإشارة إلى أنّ استقرار هذا المؤشّر يلعب دوراً حاسمًا في ضبط سعر الصرف، عبر لجم حجم السيولة الليرة التي يمكن أن تتحوّل إلى طلب على الدولار الأميركي في السوق الموازية.

البحث في قيمة ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان، تُظهر أنّ قيمة هذه الودائع ارتفعت بين الفترتين، من 7.07 مليار دولار أميركي في بداية شهر حزيران، إلى نحو 7.25 مليار دولار أميركي في منتصف الشهر، ما يعني أن قيمة هذه الودائع ارتفعت بقيمة 171 مليون دولار أميركي خلال فترة 15 يومًا. وبهذا الشكل، يتضح أنّ مصرف لبنان استفاد من تراكم ودائع القطاع العام لديه، بالليرة اللبنانيّة، لامتصاص السيولة بالعملة المحليّة من السوق. وهذا ما سمح باستعمال قيمة موازية من الليرات لشراء الدولارات وزيادة احتياطاته، من دون خلق المزيد من النقد بالليرة.

أرقام الميزانيّة نفسها تُظهر أن قيمة ودائع القطاع المالي لدى مصرف لبنان لم تشهد تحوّلات كبيرة تُذكر، إذ ارتفعت بشكلٍ بسيط من 85.16 مليار دولار أميركي إلى 85.18 مليار دولار، مسجلة زيادة لا تُذكر بقيمة 21.4 مليون دولار أميركي. مع الإشارة إلى أنّ هذه الالتزامات هي ما يشكّل المصدر الأساسي لخسائر مصرف لبنان، التي يفترض أن يتم التعامل معها في إطار قانون التوازن المالي. إذ يعاني مصرف لبنان من فجوة واضحة ما بين حجم الالتزامات المتوجبة عليه بالدولار الأميركي، وقيمة السيولة المتبقية بالعملات الأجنبيّة.

علي نور الدين - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا