"الإرباك الشيعي" ينعكس على الموقف اللبناني الرسمي ويهدد المكونات اللبنانية
قبل ساعات قليلة على زيارة الموفد الاميركي الى سوريا ولبنان السفير توماس براك لم يثبت ان لبنان الرسمي قد انجز الرد الذي تمناه براك خلال اسبوعين بعد زيارته في التاسع عشر من حزيران الماضي من أجل استغلال اللحظة السياسية التي تعيشها المنطقة والإسراع بترتيب علاقات لبنان مع محيطه ومعالجة ما يحول دون الانتقال من مرحلة تجميد العمليات العسكرية في لبنان الى وقف ثابت وشامل لإطلاق النار وانهاء الخلافات الحدودية مع كل من سوريا، والعدو الاسرائيلي رغم الفوارق الكبيرة بين المعضلتين ليس لكون إحداها مع دولة عدوة هي اسرائيل والثانية مع جارة عربية هي سوريا بل بسبب الحاجة الى إنهاء الاشكالات الناجمة عن الخلافات الحدودية على الجانبين اللبناني والسوري وما تسببت به لجهة عدم القدرة على ضبطها وإستخدامها في نقل الممنوعات والاسلحة كما كان يجري من قبل، وتوفير الظروف الملائمة التي تضمن انهاء الاحتلال الاسرائيلي لجزء من الأراضي اللبنانية وإنهاء الحرب.
وعشية الزيارة المرتقبة لبراك التقت مصادر ديبلوماسية وسياسية مطلعة على التاكيد عبر "المركزية" ان الزيارة وحتى كتابة هذه السطور ما زالت في موعدها يوم غد الاثنين، ما لم يطرأ أي جديد غير محتسب يحول دون القيام بها. وهي ملاحظة طرحت أكثر من علامة استفهام تتعلق بالموقف الاميركي الذي كان ينتظر جوابا لبنانيا حاسما ومبكرا قبل موعد الزيارة ليتسنى له مناقشة مضمونه في اجواء ايجابية وعلى ضوء ما يمكن ان يوفره براك من موافقات رسمية اميركية مسبقة تعزز من اهمية الزيارة وتعطيها معنى اكبر بكثير مما هو متوقع ان بقي التردد اللبناني يتحكم بمصير الورقة الرسمية.
وعليه اضافت المصادر عينها لتقول، انه من غير المستحسن ان يعود براك الى بيروت من دون ان يتمكن من اي حصاد ايجابي، فقد سبق له ان نبه من خطورة المماطلة في تحديد الموقف الرسمي الذي تريده واشنطن متحررا عن أي موقف سلبي لأي طرف داخلي. وان كان "حزب الله" تحديدا، فهو سيعكس ردة فعل اميركية مرفوضة لا تتناسب وحجم التعهدات التي قطعها لبنان ولا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري باعتباره كان المفاوض والناطق الأوحد باسم "الثنائي الشيعي" ابان الحرب وهو من قاد المفاوضات الاخيرة الى ما انتهت اليه في ما عرف بتفاهم 27 تشرين الثاني العام الماضي .
فواشنطن وبحسب المراجع الديبلوماسية تراهن على الموقف اللبناني الثابت والنهائي لممارسة الضغوط الكافية لدفع اسرائيل الى سحب قواتها من التلال المحتلة في جنوب لبنان. فواشنطن وبحسب ما تبلغه براك في زيارته الاخيرة ترغب بان ما سمعه من تعهدات إيجابية كان موقفا نهائيا لجهة ان القرار بحصر السلاح بالقوى العسكرية والامنية اللبنانية الشرعية قرار لا رجوع عنه بموافقة لبنانية جامعة ولم يعد يخضع لأي نقاش بين اللبنانيين. وأن كل ما هو مطروح بات رهن تثبيت ذلك بقرار من مجلس الوزراء يضع برنامجا واضحا لتسليم السلاح غير الشرعي اينما وجد على الاراضي اللبنانية بما يعزز قيام سلطة شرعية تحكم لبنان وتنهي أي اثر لما يسمى بـ "المناطق الامنية المقفلة". وان اي حدث معاكس قد يرتد على اللبنانيين دون غيرهم بعد ابعاد الحزب عن الحدود مع اسرائيل وانتفاء أي خطر مباشر على أراضيها عدا عن ضرورة تعديل نظرة المجتمع الدولي والولايات المتحدة راعية التفاهمات الاخيرة تجاه لبنان عدا عن انه يعيق مجرد التفكير بالانتقال الى مراحل اكثر ايجابية في لبنان.
وإن دخلت المصادر في التفاصيل، تضيف لتقول ان مسلسل التسريبات المتناقضة التي تتحدث تارة عن موقف مسهل للحزب من مصير سلاحه في مقابل اخرى تتحدث عن تصلب، شكلت مصدر قلق كبير على مستقبل الوضع في لبنان الى درجة قد يتحول فيها الانسحاب الاسرائيلي من النقاط المحتلة أمرا مستحيلا. ذلك أنه وفي حال عدم التقدم باتجاه التخلي عن السلاح غير الشرعي ينهي احتمال وجود اي فرصة امام المجتمع الدولي لاعفاء "حزب الله" ومن خلفه السلطة الشرعية من أي محاسبة بعدما تعهدت بتبني ما انتهت اليه التفاهمات الاخيرة مما يستدرج العصا الإسرائيلية الى المضي بعملياتها الجوية وهي التي ما زالت تستفيد مما قالت به ورقة الضمانات الاميركية التي أعطيت لها على حساب اللجنة العسكرية الخماسية التي باتت تتجاهل مناقشاتها ولم تلتزم بما انتهت إليه في بعض الخطوات التي كان عليها القيام بها.
وختاما لمجموعة الملاحظات وما حملته من مؤشرات سلبية تخشى المراجع الديبلوماسية انعكاسات الانقسام الذي لم يطف بعد على سطح الأحداث بعد بين بري وحزب الله بشأن ما هو مطروح وهي تستشعر بكثير من القلق موجة التسريبات التي عبرت عن فهم بري لحجم المخاطر المترتبة على تجاهل "خريطة الطريق" الأميركية المطروحة على لبنان قبل ان تتعرض رؤيته للنفي. فما جمعه براك من دعم عربي وغربي وخليجي في زياراته الى الرياض وباريس وما عبر عنه الموفد السعودي الى لبنان الامير يزيد بن فرحان في لقاءاته اللبنانية الذي استبق زيارة نظيره الاميركي الى بيروت برسالة دعت الى تبني اقتراحاته، يستدعي تفهما لبنانيا جامعا يتجاوز الانقسام الشيعي. فالمسألة لن تعود ترتبط بـ "حزب الله" وبيئته الحزبية والمذهبية فحسب، لا بل فهي ستنعكس بنتائجها السلبية الخطيرة على جميع اللبنانيين الى أي منطقة او طائفة انتموا. فالجميع باتوا في سلة واحدة منذ ان تبنى اهل الحكم ما انتهت إليه الحرب بين اسرائيل و"حزب الله" من هزائم قبل ان تطاول العمليات العسكرية الاراضي الايرانية ومنشآتها النووية والحيوية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|