الصحافة

صراصير وحشرات في أطيب صحن...الزبون في لبنان هو مُستهلك غير مُحترم إلا بمقدار ما يكون "دفّيعاً" أكثر

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في اليوم العالمي للشوكولا (7 تموز)، تُغسَل أذهان جماهيره العالمية بعشرات التقارير سنوياً بشأن زراعته، وما هي قادرة على أن تحدثه على صعيد الاستهلاك المُفرِط للمياه والتصحُّر... كما على مستوى عمالة الأطفال في هذا النوع من المحاصيل الزراعية، التي تجنح نحو العبودية.

 "عقدة الذّنب"

ما سبق ذكره من مآسٍ ومخاطر هو صحيح. ولكن من المؤسف جداً أن الأهداف العالمية الحقيقية من الإضاءة عليه، ليست الرغبة بإنهاء العبودية من على وجه الأرض، ولا حماية الطبيعة ومواردها، بقدر ما هي تبرير الارتفاع الدائم في أسعار الشوكولا والكاكاو، واللّعب على "عقدة الذّنب" لدى المستهلكين حول العالم، خصوصاً أنه (الشوكولا) من أكثر المنتجات جاذبية لملايين البشر.

فمن يرغب بحماية الطبيعة والمياه... ما عليه سوى التنبُّه للأساليب المُعتمَدَة في زراعة وريّ كل أنواع المحاصيل الزراعية، في كل البلدان، بموازاة ملاحقة الإنتاج الصناعي والأنشطة السياحية... التي تديرها جهات رسمية وغير رسمية.

ومن يرغب باستئصال عبودية الأطفال والكبار على حدّ سواء من على وجه الأرض، فما عليه سوى الدخول الى مزارع ومساحات وأراضٍ زراعية شاسعة واسعة، والى مصانع وأماكن عمل في كل المجالات... تشهد عمالة غير شرعية، أو عمالة أطفال، وسلوكيات إذلال وعبودية... مُقزِّزَة.

زيادة الأسعار

وفي اليوم العالمي للشوكولا، لا بدّ من الإشارة الى أن ليس كل ما يُباع في السوق تحت إسم شوكولا، هو كذلك بالفعل، نظراً الى ما تحويه معظم منتجاته من نكهات اصطناعية، ومن دبس وبنّ... وغيرهما من أنواع المنتجات الزراعية القريبة من طعم الكاكاو،  والتي تُخلَط في صناعة ألواح أو حبوب الشوكولا (الى جانب نِسَب من الكاكاو)، وتُقدَّم للزبائن على أنها منتجات مُصنَّعَة من الكاكاو فقط.

وهنا قد يكون مُفيداً جداً تحذير المستهلكين من أنه كلّما زادت نِسَب الإعلانات لمُنتج معيّن من الشوكولا (وكل أنواع المنتجات أيضاً)، وكلّما زاد الإبهار حول اسمه... لا سيّما في البلدان "المتطفِّلَة" على عالم صناعة الشوكولا (لبنان هو واحد منها مع الأسف، إذ يفتقر الى الابتكار الفعلي في عالم الشوكولا، رغم وجود مصانع ومحال شوكولا متعددة فيه، من كافة المستويات)، وكلّما قُدِّمَ الشوكولا ضمن أُطُر أشدّ جذباً... كلّما توجّب أن يتضاعف الخوف من استهلاك هذا الشوكولا، لأن المُنتَج الممتاز أو الجيّد جداً أو الجيّد لا يحتاج الى إبهار تسويقي. فالهدف الحقيقي من هذا الأخير هو تبرير زيادة الأسعار المستمر، في اللاوعي الجماعي العام للمستهلكين.

معادن وحشرات

في أي حال، نعود الى الكاكاو، لنقول إن حتى الممتاز والجيّد جداً والجيّد منه، يحتوي إجمالاً على معادن ثقيلة، وعلى صراصير وبقايا حشرات صغيرة، تبقى فيه، وتذهب الى التصنيع، وهي تُؤكَل مع ألواح أو حبوب الشوكولا.

فالمعادن الثقيلة موجودة في التربة، وتنتقل منها الى الكاكاو. وأما الصراصير والحشرات، فتنتقل إليه من التربة أيضاً، ويصعب فصلها عن حبوب الكاكاو بالكامل، فتدخل في عمليات معالجته ليُصبح منتجاً تجارياً، وفي تصنيع الشوكولا.

ادفع أكثر...

وانطلاقاً مما سبق، لا توجد "شوكولا سحرية" بالمعنى الذي تخدع به الشركات والتجار الناس، لا سيما في بلدان مثل لبنان، حيث تتركز كل الجهود على الأرباح وجني الأموال، لا أكثر.

ففي اليوم العالمي للشوكولا، تقدم بعض المتاجر والمقاهي والمحال... حول العالم، حسومات على الشوكولا، أو قطع شوكولا مجانية، بينما تنظم بعض الشركات عروض تذوّق للحصول على آراء المستهلكين، وذلك الى جانب استغلال تلك المناسبة من أجل إطلاق منتجات جديدة من الشوكولا. وأما في لبنان، ورغم أن 7 تموز هو يوم صيفي بامتياز، إلا أنه لا يُنظَر إليه لبنانياً سوى كيوم من أيام السياحة اللبنانية، أي يوم لزيادة أرباح التجار والمحال... من دون أي مجال لعروض وحسومات، يمكن للطبقات محدودة الدخل أن تستفيد منها بأي شيء.

ففي لبنان، الزبون هو مُستهلك يجب أن يكون "دفّيعاً". وهو لا يكون مُحترماً إلا بمقدار ما يكون قادراً على أن يدفع أكثر.

كاكاو وشوكولا...

يبقى القول إنه رغم الصراصير والحشرات والمعادن الثقيلة... التي تحتويها أرفع وأغلى ماركات الشوكولا، إلا أنها لا تكون مؤذِيَة لجسم الإنسان إن عرف كيف يستهلكها، وإن كان تصنيعها يراعي المستويات المسموحة لتوفّرها في كل غرام من الشوكولا.

فتناوُل كل شيء من دون إفراط، يسمح للجسم بتنظيف نفسه، وبالتعامل مع التأثيرات السلبية للمعادن الثقيلة والحشرات. كما أن شروط التصنيع المُوافِقَة للضمير وليس للتجارة فقط، يساهم بحماية الإنسان من الأمراض أيضاً.

وفي المحصِّلَة، بين انعكاس زراعته على الصحة، وعلى استهلاك المياه، والمساهمة بالتصحّر وعمالة الأطفال، والعبودية... يبقى الإنسان هو الحَكَم، بين أن يكون إنساناً أو مخلوقاً جشِعاً، إما بالاستهلاك، أو بالتجارة والبيع والأرباح... وما بين الإنسانية وجشع التجارة... كاكاو وشوكولا...

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا