معلومات تتحدّث عن تهديد بضرب مبنى في بعلبك... ماذا قال مصدر أمني؟
الحزب يشهر الفيتو: لن نترك السلاح

ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
الآن، لم يعد هناك أي مبرر لاستئناف النقاش في مصير السلاح، طالما أن إسرائيل تشن حرباً على كامل تراب الشرق الأوسط، وتقف متأهبة عند حدوده، وتبحث عن دولة جديدة لتستأنف حربها ضدها.
يدرك رئيس الجمهورية، جوزاف عون، ومعاونوه ذلك جيداً، ويدركه أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، وربما رئيس الحكومة نواف سلام كما القريب والبعيد. وقبل هؤلاء جميعاً، يدرك حزب الله ذلك أكثر، لأنه حيث هو، يداه في النار وتحت الجمر.
سبق للحزب أن أبلغ من يعنيهم الأمر في لبنان، بأن الوقت ليس وقت بحث مصير السلاح أو مناقشته أو حتى التفكير بتسليمه. الأولوية هي لمناقشة كيفية حماية لبنان من وحش إسرائيلي هائج.
على الأرجح، وضع الحزب بين أيدي أركان السلطة مجموعة قرائن توضح أن المشروع الإسرائيلي الحالي لا يهدف إلى نزع سلاحه فقط، بل إلى تجريد لبنان من عناصر قوته، ليصبح بلداً ضعيفاً، يسهل بعده قضم ما تيسر من جغرافيته الصغيرة أصلاً. ولا شك لدي، ولو للحظة، بأن عمليات التجريف الجارية عند الحدود الجنوبية تتجاوز مسألة إنشاء منطقة آمنة مزعومة. كما أن التحشيدات العسكرية على الحدود الشرقية مع سوريا لا تنحصر في مكافحة ما يسمى التهريب؛ بل هناك ما هو أبعد من ذلك، ويتم التحضير له استناداً إلى كلام المبعوث الأميركي المؤقت، توم براك، حين تحدث عن اتفاقية "سايكس – بيكو" بوصفها خطأ.
على أي حال، جميع المعطيات المتوفرة تؤكد أن إسرائيل بصدد استئناف حربها. بل أكثر من ذلك، يبدو أنها تتجه نحو لبنان مجدداً، ويبقى فقط تحديد التوقيت. ولو نجحت إسرائيل في مشروعها لضرب إيران وإضعاف نظامها، لما كانت لتتردد في مهاجمتنا ومهاجمة حزب الله، بل كانت ستشن حربها الخاطفة فوراً، وتجتاح البلاد، وربما تصل إلى طريق مطار بيروت الدولي، حيث تنهمك الدولة في مشروع تجميله.
سبق أن نُقل عن سفير غربي في بيروت، إبداؤه تخوفاً من تحرك إسرائيلي وشيك، دون أن يستبعد غزواً برياً واسعاً، واضعاً مهلة شهرين تقريباً لوقوع ذلك، رابطاً الخطوة تلك بمدى التزام لبنان توفير مناخات وظروف تتعلق بحصر السلاح. بالموازاة، ارتفع الحديث داخلياً عن خلايا إرهابية قادمة من سوريا، وعن مخاطر مصدرها "الخاصرة".
بناء عليه، كيف يمكن لحزب الله أن يناقش مصير سلاحه؟
في أثناء ذلك، تقول إسرائيل إن هدفها الحالي هو إضعاف إيران، لأن إسقاط النظام نهائياً، على غرار ما حصل مع نظام صدام حسين في العراق، يحتاج إلى قوة خارقة، وتدخل بري، وربما معجزة.
وتدرك إسرائيل، كما حلفاؤها، أن إيران دولة كبيرة، تمتلك منظومات قتالية وصاروخية مؤثرة وحساسة، والانخراط في حرب مباشرة معها ليس بالأمر السهل. لكنها إذا أرادت الانتهاء من شيء اسمه محور، عليها التخلص من النظام القائم في طهران.
تبعا للمسار الحالي، فإن الحرب طويلة. وزيارة توم براك إلى بيروت تصب في هذا الاتجاه. إنها مرحلة انتقالية قصيرة بنافذة مفتوحة، قبل أن يُشرع الباب جنوباً وشرقاً.
لا شك أن ما يدركه حزب الله واقعي: احتمال أن يشن الإسرائيلي حرباً مباغتة عليه أو معركة استباقية على شاكلة الهجوم الذي وقع بين ٢٣ و٢٤ أيلول الماضي، بدافع توجيه ضربة قوية لما تبقى من قدرات، منعاً لاستخدامها، أو بدافع الخشية الإسرائيلية من أن الحزب المرن، الذي يتعافى تدريجياً، قد يقدم على فتح معركة استنزاف في الجنوب حين يحين الوقت.
من هنا تبدأ القراءة من الهجمات الدورية التي تشنها الطائرات الإسرائيلية في الجنوب والبقاع، وأحياناً في الضاحية. وهذا هو مربط الفرس: إذ تقول إسرائيل وتكرر أن الحزب ما يزال يمتلك قدرات، ولديه شبه اكتفاء ذاتي في التصنيع العسكري، وبالتالي لا بد من الإجهاز على تلك القدرات لإضعافه، وجعله لقمة سائغة عند الحاجة.
بالمناسبة، لو أن الحزب ضعيف، ولا يمتلك إمكانات أو قدرات، لما كانت إسرائيل شنت غاراتها، ولا كانت واشنطن قد لحقت به مطالبة إياه بتسليم سلاحه.
في جميع الأحوال، الحرب قادمة، سواء الآن أو لاحقاً، ويجب الانتباه، وعدم تكرار الأخطاء السابقة، وعلى رأسها السماح للإسرائيلي بتحقيق عامل المفاجأة.
في النهاية، لا بد من الإقرار بأن صمود إيران عسكرياً أعطى دفعاً قوياً للحزب، الذي أخذ مذذاك يتشدد أكثر. وأمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، يصر على اعتماد لغة المواجهة، والتلويح بها، والأهم، التأكيد على رفض تسليم السلاح. حزب الله انتعش سياسياً وعسكرياً، كما إيران، ولذلك من المنطقي الاعتقاد بأن استعادة الحرب، بصرف النظر عن الشكل، أمر واقعي ومحتوم للحؤول دون انتعاش "المحور".
عملياً، أدركت إيران جيداً أن ما بعد ١٣ حزيران ٢٠٢٥ ليس كما قبله، وأدرك الحزب أن هذا التاريخ مفصلي. بل يدرك الحزب، أكثر من أي وقت مضى، أن اتفاق ٢٧ تشرين الثاني يغبنه، تماماً كما تعتبر إسرائيل أن الضربات التي سبقت الاتفاق المذكور أجبرتها على وقف الحرب، ولو استمرت في بعدها الأمني، من دون أن تحقق لها أهدافها.
الطرفان، إذاً، لا يعجبهما الاتفاق، وهو تماماً ما حصل بعد صدور القرار ١٧٠١ في عام ٢٠٠٦، إذ كان لكل منهما تحفظاته. الفرق أن الحزب لا يبدو في صدد الخروج منه، لكنه يقول إن بعض مندرجاته لم تعد صالحة بعد ١٣ حزيران ٢٠٢٤، فيما الإسرائيلي يستعد للانسحاب، تاركاً القرار للجانب الأميركي، الذي أشار، بطريقة عكسية، إلى هذا الانهيار، عندما تطرق توم براك إلى "آلية التنسيق" (الميكانيزم) معترفاً بعدم نجاحها، ما يشكل مقدمة للخروج من الاتفاق عاجلاً أو آجلاً.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|