"حزب الله" يطرق أبواب الحلفاء: ترميم الجسور وفك العزلة
وجد "حزب الله" نفسه بعد القرارات الحكومية الأخيرة التي كرست مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، أمام واقع سياسي أكثر ضيقا، دفعه إلى التحرّك على خط إعادة وصل ما انقطع مع حلفائه التقليديين أو أولئك الذين ابتعدوا عنه في السنوات الأخيرة.
في مشهد بدا لافتاً، قام وفد من الحزب بزيارات للرئيس ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل والنائب فيصل كرامي، فضلاً عن تواصل غير معلن مع شخصيات أخرى. فهل نجحت هذه الجولة في إعادة تثبيت التحالفات، أو أنها كشفت حجم التصدّع في شبكة الدعم التقليدية للحزب؟
بالنسبة إلى "حزب الله"، شكّلت اللقاءات فرصة ليظهر أنّه ما زال يملك القدرة على فتح الأبواب السياسية، حتى مع من شهدت علاقته بهم فتورا أو خلافات. فمع "التيار الوطني الحر" مثلا، حملت اللقاءات عند عون وباسيل طابعاً ودياً، يجنب الطرفين القطيعة الكاملة في مرحلة سياسية دقيقة، كما أعادت تفعيل بعض خطوط التواصل المجمّدة منذ أشهر. الرسالة التي أراد الحزب إيصالها كانت واضحة: "لسنا في عزلة، ولدينا شركاء على الطاولة".
في المقابل، لم تفضِ هذه الجولة إلى تحالفات صلبة بالمعنى التقليدي. فالكثير من الشخصيات التي التقاها الحزب تمسكت بمسافة سياسية واضحة، وحرصت على التأكيد العلني أو الضمني لثوابتها، وخصوصاً في ملفات السيادة والسلاح. خطاب باسيل بعد اللقاء ظل أقرب إلى النقد منه إلى الدعم المطلق، فيما بدا كرامي أكثر انفتاحاً، ضمن حدود لا تتجاوز الإطار البروتوكولي.
إعلامياً، استغل خصوم الحزب الجولة لتصويرها خطوة دفاعية أكثر منها مبادرة هجومية، ودليلا على تراجع نفوذه السياسي تحت ضغط القرارات الحكومية والاصطفافات الجديدة. وفي حين منحت اللقاءات الحزب فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب أوراقه، فإنها لم تغير في واقع أن المشهد السياسي بات أكثر تعقيدا بالنسبة إليه، وأن شبكة تحالفاته التقليدية لم تعد بالمتانة التي عرفها في مراحل سابقة.
وفق معلومات خاصة لـ"النهار"، فإن لقاء وفد "حزب الله" مع الرئيس ميشال عون اتّسم بالهدوء، لكن الأخير لم يخف امتعاضه من بعض مواقف الحزب في الأشهر الأخيرة، مؤكداً أن حماية "التفاهم" لا تعني الصمت عن الأخطاء.
أما مع باسيل، فكان الحوار أكثر صراحة، إذ شدّد على أن أي عودة إلى التنسيق السياسي يجب أن تمرّ عبر تفاهم واضح حول ملف السلاح ودور الدولة، محذرا من أن المزاج المسيحي لم يعد يتقبل الخطاب السابق نفسه.
في المقابل، حاول وفد الحزب طمأنة باسيل إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مرونة أكبر في مقاربة الملفات الداخلية، من دون أن يتنازل عن "ثوابت المقاومة".
تأتي هذه التحركات في ظلّ اقتراب استحقاقات كبرى، أبرزها الانتخابات الرئاسية التي تشكل ساحة اختبار حقيقية لعلاقات الحزب وتحالفاته. وإذا كان الحزب يسعى اليوم إلى ترميم الجسور وضمان الحد الأدنى من التفاهم مع حلفائه، فإن نجاحه أو فشله في ذلك سينعكس مباشرة على قدرته على التأثير في هذه الملفات. وفي حال بقاء الفجوات قائمة، فإن أي تسوية سياسية مقبلة قد تأتي على حساب نفوذه، لا سيما في ظل تصاعد المزاج الشعبي المطالب بدولة قوية وسلطة مركزية تحتكر السلاح والقرار.
اسكندر خشاشو - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|