عربي ودولي

خبراء: علاقات روسيا وأمريكا تتجه للقطيعة بعد هجوم ترامب على بوتين

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في مشهد يعكس تدهور الثقة بين القوتين العظميين، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن لغة التوازن، مهاجمًا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعبارات صادمة، ومُلوحًا بعقوبات جديدة ضد موسكو، وذلك على خلفية تعثّر مسارات السلام في أوكرانيا، وتزايد القناعة في واشنطن بأن الكرملين لا ينوي التراجع عن خططه العسكرية.

وخلال اجتماع وزاري في البيت الأبيض، أطلق ترامب تصريحات لاذعة بحق بوتين، واصفًا حديثه بأنه "بلا معنى"، مضيفًا أن الرئيس الروسي "لطيف للغاية طوال الوقت، لكن يتضح أن كلامه لا يحمل قيمة حقيقية".

وتُعد هذه اللهجة الهجومية تجاوزًا لإطار التصريحات التقليدية، وتعكس عمق الإحباط داخل الإدارة الأمريكية من المواقف الروسية بشأن الملف الأوكراني.

وفي أعقاب هذا الهجوم، أعلن ترامب عزمه إرسال مزيد من الأسلحة الدفاعية إلى أوكرانيا، في توقيت حساس يُربك الحسابات الروسية، ويدفع الكرملين لإعادة ترتيب أولوياته الميدانية.

القرار الأمريكي لم يمر مرور الكرام، إذ اعتبره المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، أنه يتعارض مع أي جهود للتسوية السلمية، ويُطيل أمد الحرب دون جدوى.

من ناحية أخرى، لمَّح ترامب إلى احتمال النظر بجدية في مشروع قانون من مجلس الشيوخ يتضمن فرض عقوبات جديدة على روسيا، مما يفتح الباب أمام مواجهة اقتصادية أوسع نطاقًا، خاصة أن العقوبات المحتملة قد تطال قطاعات حيوية داخل موسكو.

وبين الفتور والتوجس المتزايد في العلاقات الأمريكية–الروسية، يظل السؤال مطروحًا: هل نحن أمام لحظة قطيعة حقيقية بين القوتين؟... سؤال أجاب عنه الخبراء في السطور التالية.

خيبة مخرجات التواصل

وأجمع الخبراء على أن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا تشهد فتورًا متصاعدًا، لكنه لم يصل إلى مستوى القطيعة الكاملة. وأوضحوا أن التحولات الأخيرة في لهجة ترامب تجاه بوتين تعكس حالة من عدم الرضا أو خيبة الأمل من مخرجات التواصل بين الجانبين.

وأكد الخبراء، في تصريحات لموقع "إرم نيوز"، أن الموقف الأمريكي الحالي يتسم بازدواجية محسوبة، إذ لا تزال واشنطن تواصل دعمها لأوكرانيا بأسلحة دفاعية، دون الذهاب إلى مواجهة مباشرة مع موسكو، وتسعى في الوقت نفسه إلى استثمار الوضع سياسيًا واقتصاديًا دون الانزلاق إلى تصعيد شامل.

ورأى الخبراء أن روسيا تتابع تحركات وتصريحات ترامب عن كثب، دون اندفاع أو ردود فعل متسرعة، وأنها تراهن على إعادة تشكيل تحالفاتها الإستراتيجية، خاصة في إطار التوجه نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب، بالتوازي مع فشل العقوبات الغربية في تحقيق أهدافها.

فتور العلاقات الأمريكية–الروسية

وقال الدكتور سعد خلف، الخبير في الشؤون الروسية، إن العلاقات بين واشنطن وموسكو تشهد فتورًا متصاعدًا لكنها لم تصل إلى حد القطيعة، خاصة مع استخدام ترامب تعبيرات غير مسبوقة، مثل: "يتحدث كثيرًا ويخدع الآخرين"، ما يُعد خروجًا عن النبرة التي اعتاد استخدامها في خطاباته السابقة، مقارنة بتصريحات أكثر حدة من سلفه جو بايدن، الذي وصف بوتين، سابقًا، بـ"الجزار" و"القاتل".

وأشار خلف، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن هذا التغيير قد يكون نتيجة خيبة أمل ترامب من نتائج الاتصال الهاتفي مع بوتين، رغم أنه لم يتخذ حتى الآن خطوات عملية ضد موسكو، باستثناء تلويحه بفرض عقوبات جديدة، لا سيما في قطاع الطاقة.

وتطرق خلف إلى مشروع قانون مطروح في الكونغرس الأمريكي يهدف إلى فرض رسوم جمركية تصل إلى 500% على الدول المستوردة للنفط والغاز الروسي، معتبرًا أن هذا المشروع يمثل ورقة ضغط في يد ترامب، خاصة أن صياغته لا تُلزمه بالتنفيذ، مما يمنحه هامشًا واسعًا للمناورة.

وأضاف أن ترامب، رغم انتقاداته العلنية لموسكو، أقرّ بقدرة روسيا على التكيف مع العقوبات ومواجهة الضغوط، ما يعكس إدراكه لمرونة الموقف الروسي، مشيرًا إلى أن أي تحرك فعلي من جانب ترامب، سواء بتمرير العقوبات أو انتهاج سياسات أكثر حدة، هو ما سيحدد مستقبل العلاقة بين البلدين.

وأكد خلف أن الكرملين يتعامل بحذر مع تصريحات ترامب ويفضل التريث، كاشفًا عن شكوك لدى بعض المسؤولين الروس بشأن ما إذا كانت تلك التصريحات قد صدرت فعلًا عنه، مرجّحين أن تكون مرتبطة بحسابات انتخابية داخلية مع اقتراب استحقاقات التجديد النصفي.

وشدد على أن روسيا تتابع التصريحات الأمريكية بدقة، لكنها تضع الأفعال في المقدمة، مؤكدًا أن مؤسسات أمريكية نافذة، مثل البنتاغون ووزارة الخارجية والكونغرس، سيكون لها دور حاسم في توجيه سياسات ترامب، مشيرًا إلى أن الحديث عن قطيعة لا يزال سابقًا لأوانه رغم مؤشرات الفتور الواضحة.

مسرحية سياسية

من جانبه، أكد الدكتور ميرزاد حاجم، أستاذ العلوم السياسية في موسكو، أن الحديث عن فتور في العلاقات لا يعني بالضرورة وجود قطيعة، موضحًا أن العلاقة بين واشنطن وموسكو لم تكن يومًا ودية، بل قامت على المصالح والصراعات، خاصة في ظل تحولات النظام الدولي نحو التعددية القطبية، التي تسعى موسكو إلى ترسيخها في مواجهة إصرار واشنطن على البقاء في موقع القطب الأوحد.

وأضاف حاجم، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن فترة رئاسة ترامب الحالية تشهد ما وصفه بـ"مسرحية سياسية"، إذ يتعامل ترامب مع الشركاء الأوروبيين بمنطق المناورة، لافتًا إلى أنه يُوصف بـ"رجل أعمال براجماتي" لا يتبع السياسة التقليدية، بل يسعى إلى تحقيق مكاسب في كل موقف.

وأوضح أن العلاقات الروسية–الأمريكية ستظل متوترة دون أن تصل إلى القطيعة، مشيرًا إلى أن ترامب يمارس ضغطًا على الأوروبيين، ويمنح الأوكرانيين هامشًا لإعادة التموضع ميدانيًا.

وأضاف أن الصين تراقب المشهد عن كثب، خاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط وإيران، وتستعد للتحرك في الوقت المناسب، مما يجعلها المنافس الأبرز لواشنطن. وأكد أن واشنطن تدرك أن القطيعة مع موسكو ستدفع الأخيرة نحو تعزيز تحالفاتها الدولية، وهو ما تسعى أمريكا إلى تفاديه.

وأشار إلى أن روسيا تتمتع بموقع إستراتيجي بالغ الأهمية، إضافة إلى دور متنامٍ داخل مجموعة بريكس، ما يعزز مكانتها في النظام العالمي.

الكيمياء السياسية

أما الدكتور توفيق حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأمريكية، فقال إن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا تشهد توترًا متصاعدًا، خاصة على مستوى التصريحات، لكنه شدد على أن هذا التوتر لم يبلغ بعد حد القطيعة، مستندًا إلى ما وصفه بـ"الكيمياء السياسية" التي كانت تربط بين ترامب وبوتين.

واعتبر حميد، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ما يجري، حاليًا، لا يتعدى كونه تلويحات وضغوطًا كلامية، مرجحًا أن تلجأ واشنطن إلى فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية لاحتواء تمدد موسكو في أوكرانيا.

وأوضح أن إدارة ترامب قدمت لأوكرانيا أسلحة دفاعية فقط، مما يدل على عدم رغبتها في تصعيد المواجهة، مشيرًا إلى أن تقديم أسلحة هجومية في حينها كان سيُفسر كتصعيد خطير.

وأضاف حميد أن اتفاقية المعادن النادرة الأخيرة بين واشنطن وكييف لم تحقق النتائج المرجوة، ولم تُشكل دافعًا لتغيير جذري في الموقف الأمريكي من موسكو.

وأكد أن أحد العوامل التي حالت دون انهيار العلاقات هو الاستغلال الاقتصادي المتبادل، موضحًا أن ترامب يتبع نهجًا محسوبًا لتجنب الصدام المباشر، لكنه لا يستبعد استخدام أدوات ضغط مثل العقوبات ضمن إستراتيجية سياسية متوازنة.
 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا