ساعات دامية في السويداء: إعدامات ميدانية وجثث في الطرقات وسط حصار خانق
السويداء... ثمان ساعات حاسمة قلبت المشهد اعدامات ميدانية وتجاوزات بحق المدنيين
صباح يوم الثلاثاء (أمس) كان الموقف العسكري المحيط بمدينة السويداء يوحي بحتمية نجاح القوات الحكومية في بسط سيطرتها على المدينة، ويزيد من ترجيح هذا الإحتمال الأخير حال المدينة التي كانت تعيش انقساما حادا حيال ما يجري، على خلفية انقسام «مشيخة العقل»، التي تباينت مواقفها بين مرحب، ورافض، أقله بالصورة التي جاء عليها الفعل، وفي الساعة 11.40 من ذلك الصباح أعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة عن «انتهاء العمليات العسكرية في مدينة السويداء»، و عن «سحب السلاح الثقيل منها»، ثم تلاه بيان لوزارة الداخلية السورية جاء فيه «تمكنت قوات الأمن الداخلي بالتعاون مع وحدات من وزارة الدفاع من طرد المجموعات الخارجة عن القانون من مركز مدينة السويداء، وتأمين المدنيين، وإعادة مظاهر الإستقرار إلى المدينة»، ومن الواضح هنا أن ذينك البيانين كانا يريدان تصدير صورة مفادها: «قضي الأمر» وعلى الجميع التفكير باللحظة التي يجب أن تليه، وفي الساعة الثالثة كان الإعلام الرسمي السوري يؤكد على إن» المدينة باتت تحت السيطرة الحكومية بشكل كامل»، لكن الساعات الأربع، التي تلت ذلك الإعلان، كانت كفيلة لتسجيل انقلاب شبه تام في الصورة.
بعد نحو ساعة من بيان وزارة الداخلية قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير له إن «سلاح الجو الإسرائيلي نفذ عدة غارات على أرتال للقوات الحكومية داخل السويداء، وعند مداخلها»، وبمرور الوقت راحت المقاطع المصورة، وكذا التقارير التي يعدها ناشطون، تشي بانقلاب جزئي في المشهد، وبعضها يرجح لإمكان حصول انقلاب كلي خلال الساعات المقبلة، والشاهد هو أن العديد من المقاطع، والتقارير، كانت تؤكد «سيطرة المقاتلين المحليين على مركز المدينة، ومبنى المحافظة»، مع استمرار الإشتباكات في العديد من مفاصل المدينة، والتي كان أعنفها في محيط المشفى الوطني والفندق السياحي.
قد يكون من الصعب القول أن التغيير الحاصل في معادلات السيطرة خلال ثمان ساعات، كانت قد امتدت ما بين الظهيرة والمغرب، مرده، فحسب، للتدخل الإسرائيلي الذي جاء بوتيرة «متوسطة»، وإن كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد توعد برفعها، وفقا لتصريحات نقلها عنه «التلفزيون العربي»، وجاء فيها «ننفذ عملياتنا في سوريا بقوة شديدة، وآمل ألا نضطر إلى العمل بقوة أشد، وهذا مرتبط بما تفهمه، وتفعله، دمشق»، إذ لطالما كانت هناك عوامل عدة ساعدت في ذلك التغيير، من دون أن يعني الأمر تقليلا من أثر هذا الفعل الأخير خصوصا بعد وعود نتنياهو بـ«القوة الأشد»، ولعل الأبرز منها عاملان، أولاهما حديث الشيخ حكمت الهجري، أحد «مشايخ العقل» الثلاثة والذي يحظى بتأييد غالب في أوساط الشارع الدرزي، الذي دعا فيه إلى «عدم استسلام المقاتلين وفق الإتفاق الذي كان محضرا له صبيحة هذا اليوم( الثلاثاء)»، وثانيهما المناخ العام، في المدينة، المتولد جراء الممارسات والإنتهاكات التي أعقبت دخول قوات «الأمن العام» إليها، فقد أكد موقع «السويداء 24» على «حصول عمليات نهب وسلب، وإحراق للمنازل والدور، وإذلال مدنيين، واعتقال المئات منهم، بالتزامن مع حالات نزوح لآلاف الأسر»، والشاهد هو أن العديد من المقاطع المصورة، بأيدي أفراد من «الأمن العام» أنفسهم، تؤكد على ما ورد في تقرير الموقع سابق الذكر، وهذا بالتأكيد ينفي كلتا الروايتين اللتين خرجتا بهما وزراتي الدفاع والداخلية، كل على حدى، وفيهما جاء إن «القوات العسكرية دخلت لفض النزاع»، وإن هدفها هو «بسط سيطرة المؤسسات»، وعلى الرغم من توجيهات وزير الدفاع التي دعا فيها «أفراد الجيش لحماية المواطنين، والحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة»، إلا أن ما حدث كان هو العكس.
لربما كانت التغييرات الحاصلة على معادلات السيطرة أمرا مؤقتا، وقد تشهد تلك التغييرات فصولا جديدة منها، وفي اتجاهين متناقضين، الأول أن تسارع السلطة إلى الزج بقوات جديدة بهدف استعادة زمام المبادرة من جديد، وهو احتمال يبقى مرجحا برغم محاذيره، ودواعيه أكثر من أن تعد، لكن أبرزها هو أن «الهيبة» كلها باتت في الميزان الآن، والإنكفاء سوف تتردد أصداؤه في مناطق عدة من دون شك، والثاني أن تستطيع القوات المحلية الصمود والتمسك بمواقعها، وهذا سيتيح لها «فسحة» قصيرة ريثما تتبلور معطيات الخارج وآفاقه، إذ لطالما كان من الثابت اليوم أن كل حدث سوري، بدءا بأقل التفاصيل وانتهاء بأكبرها، لا ترتسم معالمه بأيادي السوريين، بل بأيادي خارج حساباته هي أبعد ما تكون عن مصالحهم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|